حذر الشيخ محمود عاشور, وكيل الأزهر الأسبق وعضو مجمع البحوث الإسلامية, من بعض الممارسات والسلوكيات التى قد تبدد بهجة العيد. وأوضح أن صلاة العيد سنة مؤكدة ولا فرق بين أدائها فى المسجد أو الخلاء فالاثنان لهما نفس الثواب والأجر. وأن « العيدية» هى عادة حسنة تدخل الفرحة على نفوس الأطفال، وتحببهم فى مثل هذه المناسبة الدينية العظيمة. وأكد الشيخ محمود عاشور أن من يخربون ويقتلون ويروعون الآمنين، خانوا دينهم ووطنهم وخرجوا على ما جاء فى كتاب الله وسنة النبى صلى الله عليه وسلم، مطالبا جميع المصريين بألا يتركوا الجيش والشرطة وحدهما فى دحر الإرهاب. وفى حوار مع « الأهرام» تحدث الشيخ محمود عاشور، عن فرحة العيد وفعل النبى صلى الله عليه وسلم وصحابته الكرام فى هذا اليوم المبارك، وكيفية الاحتفال بيوم الجائزة، وفضل زيارة الأهل والأقارب فى هذا اليوم المبارك. والى نص الحوار:
لماذا سمى العيد بيوم الجائزة؟ وماذا كان فعل النبي, صلى الله عليه وسلم, فى هذا اليوم المبارك؟ العيد هو عادة يعيدها الله دائما بعد أداء فريضته, ويكافئنا عن ذلك بفرحة الفطر وهناك فرحتان فرحة فى الدنيا وفرحة فى الآخرة, والآن نعيش فرحة العيد, فهذا العيد جاء بعد الحر والثواب يكون فيه أعظم, ويكون يوم فرحة وسعادة وسرور وهناء, وخاصة أننا أدينا الفرض كما أمرنا الله عز وجل, فكل من يطيع الله عز وجل تأتيه المكافأة عظيمة, فهى الجائزة التى يحصل عليها المطيع من الخالق, والأنبياء حينما صاموا لم يكن لهم عيد بعد الصيام, إلى أن جاء النبى صلى الله عليه وسلم, فكان عيد الفطر بعد شهر رمضان, أما عيد الأضحى ففيه سنة الذبح وتأدية المناسك. وكان النبي, صلى الله عليه وسلم, يبدأ هذا اليوم المبارك بالاغتسال, ثم يلبس المسلم الملابس الجديدة أو النظيفة, أفضل الثياب عند المسلم وكان النبى صلى الله عليه وسلم- يأكل التمرات قبل الذهاب لصلاة العيد حتى يعكس أيام الصيام فيصبح الإفطار لله بعد أن كان الصيام لله, وكان النبى صلى الله عليه وسلم يذهب بعد ذلك يخطب خطبة العيد, وكان يذهب من طريق ويعود من طريق آخر, وتكون صلاة العيد بعد طلوع الشمس, وعقب الصلاة يبدأ النبى فى مصافحة كل الصحابة ويقول تقبل الله منا ومنكم ولكن الأهم أن الإنسان قبل أن يذهب إلى أداء صلاة العيد عليه أن يدفع زكاة الفطر, حتى يستفيد بها كل محتاج فى هذا اليوم, بل من الأفضل أن تكون ليلة العيد, كما أن هناك من المسلمين من نجده يصلى العيد وينصرف ولا يستمع إلى خطبة الإمام, ولكن أقول لهم إن خطبة العيد يجب استماعها كاملة. ويجب أن يخرج الجميع إلى صلاة العيد فى الخلاء والمساجد الكبيرة, فلا يجب أن تصلى هذه الصلاة فى المنزل, لأنها صلاة جامعة, وأمرنا النبى صلى الله عليه وسلم بالخروج فى صلاة العيدين. ما الواجب علينا أن نفعله فى هذا اليوم من سنن وعبادات؟ العيد يؤلف بيننا, ويكون فيه ترابط وجمع أواصر بين المسلمين وإصلاح بين المتخاصمين, حتى يشعر الناس أننا أمة واحدة وأنه يوحد بيننا, وخيركم من يبدأ بالسلام, ونقف فى الصلاة فى العيد صفا واحدا, ونتصافح بعد انتهاء الصلاة لتتساقط الذنوب, وهذا التصافح يؤكد أواصر المحبة, والعيد فرصة للتزاور والتلاقى وصلة الأرحام, فلا يوجد فى العيد خصومة, لأن الله لا يقبل عمل اثنين متشاحنين فوق ثلاثة أيام, ولا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث ليالي, يعرض هذا ويعرض هذا, وخيرهما من يبدأ بالسلام, والابتسامة بين الناس واجبة فى العيد وتهنئة بعضنا البعض. وكيف يكون الترويح عن النفس؟ عن عائشة رضى الله عنها قالت: دخل على أبو بكر رضى الله عنه وعندى جاريتان من جوارى الأنصار يغنيان بما تقاولت الأنصار يوم بعاث فقال: أمزمور الشيطان فى بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «دعهما يا أبا بكر فإن لكل قوم عيدا وهذا عيدنا» الجاريتان كانتا مكلفتين تغنيان بغناء الأعراب الذى قيل فى يوم بعاث من الشجاعة والحرب, وكان النبى يوسع فى هذا اليوم على أهل بيته, وكان يزور أصحابه ويزوره أصحابه, ومن هنا نأخذ تبادل الزيارات التى تقوى أواصر المحبة بين المسلمين, ولا بأس فى هذا اليوم أن يكون الترويح بالخروج إلى المنتزهات إذا كان هناك وقت لذلك بعد زيارة الأقارب. وما أهمية «العيدية» والمعايدة على الأقارب والأصدقاء ؟ «العيدية» هى نوع من أنواع التواصل والتكافل بين الأقارب, فيدفعها الكبار كى يدخلوا بها السرور على الأحفاد بقدر المستطاع لنشر الحب, وانتشرت فى عهد الفاطميين, وكانوا يغدقون الأموال على الناس فى العيد لاستمالة المصريين وكسب ودهم, وأيضا أدخلوا على المصريين عمل كعك العيد لإدخال السرور على الناس بعد قضاء شهر عبادة وتقرب إلى الله بفريضة الصوم. وإذا حالت الظروف دون الزيارة أو التواصل مع الأقارب فى العيد فلا وزر على الإنسان, ولكن هناك وسائل أخرى تعتبر فى ميزان الحسنات, مثل التواصل مع أقاربك عبر «الفيس بوك» والبريد الالكتروني, أو مكالمة أو رسالة تليفونية, كل هذه وسائل حديثة ومتاحة للجميع ويأخذ الإنسان عليها أجره من الله عز وجل, ولكن لا تتساوى مع السير للمريض, أو السير لصلة الأرحام, ولكن نقول إنها أفضل من أن ينقطع الإنسان عن الناس وينفصل عنهم تماما. بعض الزوجات يثقلن على أزواجهن فى العيد, بشراء ملابس الأطفال الجديدة أو عمل كعك العيد أو مصاريف العيد ومتطلباته, فبماذا تنصحهن؟ الزوجة شريكة لزوجها وهى الوحيدة التى تعرف ظروفه المادية, وتشاركه فى السراء والضراء, ولا يجب عليها أن تكلفه فوق طاقته, لأن هذا قد يؤدى الى مشكلات زوجية, والزوجة التى تتعمد ذلك تكون آثمة أمام الله عز وجل, لأنها أدرى الناس بحال زوجها, وروى عن النبى صلى الله عليه وسلم قال: خير ما يكنزه الرجل المرأة الصالحة فإذا نظر إليها سرته, وإذا أمرها أطاعته, وإذا غاب عنها حفظته فى نفسها ومالة حديث صحيح. وماذا عن عادة زيارة القبور التى أصبحت أمرا معتادا بعد صلاة العيد فى بعض القرى؟ زيارة القبور أى وقت, فإذا ضاقت بكم الصدور فعليكم بزيارة القبور, ولكن ليس فى أول أيام العيد, وهذه عادة ذميمة ولا ينبغى فى يوم الفرح ويوم الجائزة أن نقلب هذا اليوم إلى يوم حزن, وخاصة أن هذا الأمر لم يوص به النبي، فالعيد يوم فرح وسرور وليس لزيارة القبور، وفى أول أيام العيد يجب علينا التزاور وزيارة المرضى والمحتاجين وإدخال السرور على الأطفال. ما الرسالة التى توجهها للشعب المصرى فى هذا العيد؟ أقول لهم عودوا إلى دينكم واحتكموا إليه فيما ينبغى أن نكون عليه من ترابط وتحابب وتعاون ولا يؤذى بعضنا بعضا, ولا يخوف بعضنا بعضا, ولا يفزع بعضنا البعض, ولا يروع بعضنا البعض, وإنما تبقى مصر الموحدة التى نشرت الإسلام فى ربوع الأرض. وأقول لهؤلاء الذين يخربون فى أوطانهم ويروعون الآمنين إنهم خانوا وطنهم وربهم وخانوا ذويهم، وخرجوا على دين الله وما أمر به رسول الله وما جاء به كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم، فهذه جرائم ينبغى أن نتصدى لها جميعا وألا نترك الجيش والشرطة وحدهما فى مواجهة هؤلاء. وعلى كل منا إذا رأى منكرا فى أى موقع من المواقع أن يتصدى له وان يبلغ المسئولين والسلطات عن أى جريمة ترتكب قريبا منه، لأننا كلنا مسئولون أمام الله تعالى قبل أن نكون مسئولين أمام شعبنا ووطننا. وعلينا أن نشعر كل الفئات الضعيفة فى المجتمع أنهم أعضاء فاعلون فى هذا المجتمع وليسوا منفصلين عن هذا المجتمع, وهذا العيد علينا أن نتوحد ونتصالح، يقول الله عز وجل:«وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللّهِ جَمِيعاً وَلاَ تَفَرَّقُواْ وَاذْكُرُواْ نِعْمَتَ اللّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنتُمْ أَعْدَاء فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِ إِخْوَاناً وَكُنتُمْ عَلَىَ شَفَا حُفْرَةٍ مِّنَ النَّارِ فَأَنقَذَكُم مِّنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ» آل عمران آية (103).