المراقب لتصرفاتنا الآن يلاحظ أننا ندعو إلي أشياء ونفعل عكسها. نفتخر بأعمال من لم نجربهم في حكم أو قرار ذي شأن بينما لم يسلم من الذم والاتهام بالخيانة والعمالة وكل محتوي قواميس الاهانة كل من حكمونا بالفعل بداية من عبد الناصر, الذي احترمه الغرب رغم عدائهم له, ثم السادات الذي اعترف الجميع بدهائه السياسي والحربي وانتهاء بمبارك الذي ننهش في لحمه ونشكك في وطنيته بالرغم من أن المحكمة لم تصدر حكمها بعد وكأننا لم نكن معه خلال الأعوام الثلاثين الماضية ولم نكن نريده منذ اعتلي كرسي الرئاسة. كل هؤلاء حكمونا لسنوات وكان لكل منهم إخفاقاته وأيضا انجازاته التي تشهد له ومواقفه الوطنية التي باركناها وصفقنا لها في وقتها ورأينا أنها راعت مصلحة مصر والمصريين كل حسب ظروف الفترة ووضع البلد الاقتصادي آنذاك, وبعد52 يناير طالبنا بنزاهة الانتخابات وحدث, وكان أول من حارب نتائجها الذين خسروها!! فإلي أي قانون نحتكم وفي أي الطرق نسير ؟ إذ لا نتبع ماأوصانا به الدين في تعاملاتنا بالرغم من اننا ننادي بتطبيق الشريعة ولا نحترم قوانين الدولة التي نحيا في ظلها, بدليل أننا في غياب الأمن ورغم مناداتنا باقامة دولة العدل ارتكبنا كل الموبقات بدءا من البناء علي الأرض الزراعية وانتهاء بأعمال البلطجة والسرقة وترويع الآمنين ؟. نتشدق بالديمقراطية ولا نحترم رأي الأغلبية ومعظمنا يباهي بكسر القوانين بينما ينظر الملتزمون إلي الأرض عند اعترافهم بالانصياع لها وكأن الالتزام بها عورة, وبعد اسقاط النظام السابق بدلا من النظر الي المستقبل والبدء في تغيير أنفسنا انشغلنا بالماضي وتصفية الحسابات وأصبح لكل منا قانونه الخاص يعترف به ويحترمه بينما يسفه قوانين البلد الذي يحتوينا جميعا ونري من قاموا بالثورة ونظفوا الميدان يسكتون اليوم عما يحدث فيه وله من بلطجة ومخدرات وخلافه. الدولة ساكتة لا تريد التدخل حتي لا تتهم بانتهاك حق التظاهر, وهذا ماصرح به وزير الداخلية صراحة حين قال إنهم علي استعداد لتطهير الميدان خلال ساعة بشرط موافقة القوي السياسية علي ذلك ؟؟ ألا يدعونا كل ذلك الي الاعتراف بحاجتنا الماسة الي اعادة برمجة سلوكنا وأخلاقياتنا من خلال خطة تعليمية محددة المادة والمدة تضطلع بها وزارات التعليم والثقافة والاعلام والأوقاف والأزهر والكنيسة حتي تعود مصر لصورتها القديمة التي كانت عليها وهي تحت حكم الأجنبي, وياللعجب فقد علمت الدنيا كلها آنذاك وأثارت عقول أهلها عندما كانت شموس العلم والأخلاق محجوبة عن سماوات الأرض بغيوم الجهل إلا في سمائها الصافية ولما حكمها أبناؤها باتوا في حاجة إلي من يعلمهم!. د. سمير محمد البهواشي