أكد الدكتور محمد فرج الله رئيس تحرير صحيفة "أوكرانيا بالعربية" أن الأزمة الأوكرانية جزء من الصراع العالمي الدائر حاليا بين الشرق والغرب، ولا يمكن فصلها عما يحدث في سوريا وليبيا واليمن والعراق وإيران وأشار إلى أن ما يجري على الأراضي الأوكرانية يعد من وجهة نظره أمرا خطيرا للغاية ، لأنه يعبر عن صدام حقيقي بين الولاياتالمتحدة وأوروبا من جانب وروسيا من جانب آخر، وينذر باندلاع حرب عالمية ثالثة، ولن يمكن إيجاد حل عسكري لهذا الصراع، وإنما يجب أن يكون الحل سياسيا فحسب. وقال فرج الله في لقاء مع "الأهرام" بمناسبة زيارته للقاهرة ضمن وفد ضم ممثلين عن الإعلام العربي والجاليات العربية والإسلامية في أوكرانيا التقوا خلالها مسئولين بوزارة الخارجية والأزهر الشريف لبحث التعاون بين الجانبين في المرحلة المقبلة، إن الجاليات العربية في أوكرانيا رغم أن عددها يتراوح ما بين 50 ألفا و 80 ألفا معظمهم سوريون وفلسطينيون وعراقيون ولبنانيون ومصريون، فإنها جاليات مهمة للغاية، لأنها مكونة من شبان مثقفين معظمهم يدرس في الجامعات الأوكرانية، والأهم من ذلك أن الجيل الجديد من أبناء الجاليات بعيد بدرجة كبيرة عن الوطن الأم، وبدأ يظهر بينهم فكر الإسلام السياسي الذي يحاول استقطابهم لمصلحته وتوجيههم لخدمة مصالح جماعاتهم التي تنشط في المنطقة العربية. وأضاف أن هناك ضرورة لدمج هذه الجاليات العربية في المجتمع الأوكراني، وليس فقط ربطهم بما يجري في الشرق الأوسط، لأن هذا الدمج يساعد على وجود تأثير ونفوذ لهم داخل البلد الذي يعيشون فيه، وهذه المهمة بالفعل هي التي يقوم بها موقع صحيفة "أوكرانيا بالعربية" من خلال تغطيته الإخبارية عن الشأن الأوكراني وقضايا المنطقة العربية. وردا على سؤال عن العلاقات المصرية الأوكرانية، سواء في ضوء أحداث الثورة الأوكرانية، أو في ضوء التقارب المصري الروسي، أشار الدكتور فرج الله إلى أن مصر لها الحق تماما في البحث عن مصالحها، سواء مع روسيا أو غيرها، وأشاد ب"دبلوماسية مصر العريقة" التي مكنتها من تقديم مثال يحتذى به في عدم التدخل في شئون الدول الأخرى، وذلك بعدم تدخلها في الشأن الأوكراني، موضحا أنه حتى السفير المصري في كييف كان حريصا في كل لقاءاته الإعلامية على رفض المقارنة بين ما حدث في أوكرانيا وما حدث في مصر. أما على الجانب الأوكراني، والكلام لرئيس تحرير "أوكرانيا بالعربية"، فالذي حدث أن كييف أولت اهتماما كبيرا بمتابعة تفاصيل الاتفاقات العسكرية بين القاهرةوموسكو، ولكن ما يميز الشعب الأوكراني بصفة عامة أنه شعب واع ومثقف سياسيا ويعرف أن من مصلحة بلاده أن تحتفظ بعلاقات قوية مع مصر، تجاريا وسياحيا، وهم يدركون تماما أنه إذا كانت مصر صديقة لروسيا، فإنها ليست عدوة لأوكرانيا كذلك. وعن الأحداث التي شهدتها أوكرانيا في العامين الأخيرين، بداية من ثورة ميدان الاستقلال، ونهاية بانفصال شبه جزيرة القرم واندلاع الصراع في شرق أوكرانيا الساعي للانفصال، يقول رئيس تحرير "أوكرانيا بالعربية"إن الأوكرانيين أيقنوا أن أوروبا لم تكن هي الهدف الأصلي الذي خرجوا من أجله إلى الميدان. ويضيف قائلا : "ظهر واضحا منذ بداية الثورة الأوكرانية مدى التأثر بمشهد ميدان التحرير في ثورة يناير المصرية، ولم تكن الثورة مسلحة في البداية، وكان المشاركون فيها من الشباب والطلاب، ولم يكونوا يدخنون أو يشربون، وكانوا متعاونين معنا كإعلاميين، وبصفة عامة، كنا نتابع الأحداث بموضوعية كاملة، وحتى أول يناير 2014 لم يكن هناك عنف، ولكن بمرور الوقت ظهر مايسمى المئويات، وهي تجمعات أو تكتلات من المتظاهرين، وبدأ حمل الأسلحة البيضاء أولا، ثم غيرها لاحقا، وحدث استخدام للقوة بين الطرفين، وهنا بدأ الدور الأوروبي يتصدر المشهد، وفي فبراير 2014، بدأت المواجهات تتخذ طابعا دمويا، وفوجئنا مثلا بسقوط 77 قتيلا في يومين فقط دون مبرر، وتحولت المئويات هذه إلى ما يشبه الميليشيات، فاختلف المشهد تماما". وعن الدور الروسي، يقول : "أوروبا ظلت في الصورة، وكان الدور الروسي خاملا في البداية، بل إن الروس تعاملوا بتعال مع الأمر منذ البداية، رغم ظهور جون ماكين وفيكتوريا نولاند في ميدان الاستقلال، أما بالنسبة للقرم، فسكانها من التتار أصلا، أي أن كلا من الروس والأوكرانيين دخلاء على المنطقة، وظهر منذ البداية أن روسيا تريد القرم ولا تريد الشرق، لكي تستخدمها كيد موجعة لكييف، ولكي تساوم على فكرة : القرم مقابل الشرق". وعن الوضع في الشرق يقول فرج الله : "لا يوجد دليل على الوجود العسكري الروسي في الشرق، فروسيا تلعب على وتر الحرب الهجينة، فهناك في الشرق ما يعرف باسم الرجال الخضر، وهم غير معروفي الهوية، وروسيا تنفي التقارير الأوكرانية والغربية التي تؤكد وجود عسكريين روس هناك، ولكن المشكلة أن الخناق الذي شكلته العقوبات على روسيا بسبب موقفها من الشرق لن يستمر طويلا، خاصة مع ظهور أصوات في أوروبا نفسها ترفض الصدام مع روسيا أكثر من ذلك، مثل اليونان وبلغاريا، وألمانيا نفسها، فهذه الدول ترى أن إحراق أوكرانيا سيؤدي إلى إلحاق الضرر بأوروبا كلها". ويقول أيضا : "حكام كييف الجدد الآن ينقسمون إلى فئتين : فئة الصقور، وهم مع واشنطن، وضد موسكو، ويعتمدون على إرهاق روسيا في صراع الشرق والعقوبات الغربية، وفئة الحمائم التي تحاول تفادي الحرب، واستعادة الشرق سلميا مثلما حدث في ألمانيا مع الشطر الشرقي من برلين". وعن موقع صحيفة "أوكرانيا بالعربية"، يقول رئيس التحرير إن الفكرة بدأت مع اندلاع الثورة الأوكرانية الأولى، ثم بدأت كمدونة، وصدرت في سبتمبر 2004، وتم تسجيلها رسميا في عام 2011، وجمهورها لا يقتصر على العرب في أوكرانيا فقط، ولكن أيضا في بيلاروسيا ورومانيا ومولدوفا وسلوفاكيا. ويقول إنه على الرغم من أن الموقع يواجه مشكلة التمويل، فإن مجرد الوجود على الساحة أمر مهم للغاية، ولو بجهود المتطوعين وبتسويق خدمات الترجمة، ويستشهد هنا بمقولة تشرشل الشهيرة : "عليك أن تصنع الفكرة النبيلة، أما الأدوات فتأتي لاحقا". ولكن الموقع على أي حال مسجل منظمة اجتماعية في أوكرانيا، وبالتالي فمن حقه تلقي تبرعات.