شكل الريف المصرى ببساطته ووجدانه ونشأته وطبع على جبينه لذا وكان الفلاح الأصيل محور العديد من أعماله على مدى 40 عاما.. الفنان عبدالعزيز مخيون ابن عزبة مخيون (بأبو حمص) بمحافظة البحيرة يقول مخيون: أى فنان لابد أن يحمل هموم موطنه ، متسائلا: إلى متى تظل أقاليم مصر خاصة البحيرة تفتقر لأبسط مقومات الحياة الآدمية سياسيا واقتصاديا واجتماعيا وتتدهور حالتها الحضرية ؟ وللأسف هذا السؤال لا أجد اجابة عنه، فطالما استمرت سياسة التصريحات الوردية وحب المسئولين للتلميع الإعلامى بعيدا عن الواقع المؤلم الذى يعيش فيه أهالينا بالريف وهم بالملايين من الذين لا يزالون يبحثون عن كوب مياه نظيف ويتطلعون إلى مشروعات للصرف الصحى بشكل آدمى ، ناهيك عن التلوث الذى بات يهدد أهل الريف وانتشر بشكل فج بالمجارى المائية وأبلغ دليل على ذلك ترعة المحمودية التى تحولت إلى بؤرة شديدة للتلوث وموطن للأوبئة وهناك قرى وعزب تصب مجاريها مباشرة فيها وعلى بعد أمتار من محطات مآخذ مياه الشرب رغم علم المسئولين الذين عجزوا عن التصدى للتلوث الذى حمتله المياه وتركوه حتى انتشر بأشكال كثيرة جلبت الأمراض المعدية لأهلنا من الفشل الكلوى وفيروس "سى " ، إن الدولة أدارت ظهرها لقرى كثيرة تعانى نقصا حادا فى الخدمات ومستشفياتها مهجورة ولايوجد به أطباء وبات الحال مخجلا وغير إنسانى والأمر الذى يعتصر قلوبنا ألما أن الفقراء بالبحيرة تنهش أكبادهم الضعيفة فيروسات التلوث لأنهم لا يجدون علاجا آدميا يحفظ كرامتهم.
ويشير مخيون إلى تردى أحوال النظافة بعد أن احتلت القمامة معظم الشوارع والأرصفة والميادين وحاصرت السكان بشكل ينذر بكارثة بيئية وصحية وفشلت المحليات أمام أكوامها التى تزداد ارتفاعا كلما تعمقت الخطى بالسائرين فى العديد من المناطق وتعتبر أبوحمص نموذجا صارخا لهذه المأساة وهو ما أدى لانتشار القوارض وجيوش الحشرات التى تشكل خطرا داهما على حياة وصحة الأهإلى الذين يئسوا من الشكاوى لدى المسئولين، كما أن الأسواق العشوائية باتت تمثل وجعا يسكن قلب مدن المحافظة اذ تحولت مدينة أبوحمص إلى فوضى عارمة وأصابها الشلل بسبب سوق الثلاثاء الذى احتل الطريق العمومى ومداخل ومخارج المدينة وقراها من الناحية الشمالية مما يتعذر عبور طلبة المدارس إلى مدارسهم وكذلك مرور المرضى للوصول للإسكندرية لتلقى العلاج والاسعاف، لافتا إلى أن اللواء عادل لبيب محافظ البحيرة الأسبق نجح فى وقف زحف الباعة الجائلين على هذا الطريق إلا أنهم عادوا لاحتلاله مرة أخرى .
والأخطر من هذا كما يوضح عبدالعزيز مخيون أن طرق البحيرة تعانى يوميا من الحوادث بسبب شبكة الطرق المتهالكة خاصة الفرعية منها لافتقار أعمال الصيانة والترميم بجانب المطبات العشوائية التى يقيمها الأهالى دون حسيب أو رقيب ، فلا يوجد شارع أو طريق خال من الحفر والمطبات وهو ماجعلها عائقا أمام السيارات ورحلة عذاب يومية للمواطنين، مطالبا بسرعة انشاء طريق اقليمى مزدوج يربط المحافظة بالطريق الصحراوى حفاظا على الاستثمارات التى تقدر بالمليارات وجذب رؤوس أموال أخرى، ناهيك عن الكبارى الآيلة للسقوط منها كوبرى أبوهواش على مصرف الخيرى ،الأمر الذى يعرض حياة السيارات والمارة للخطر الداهم .
واستنكر التزايد اللامحدود فى الاعتداء الصارخ على الأراضى الزراعية التى توحشت واستفحلت دون سند قانونى مما أفقدنا آلاف الأفدنة من أجود الأراضى التى لا تعوضها فدادين الصحراء كلها رغم أن هذه الظاهرة تمثل قضية أمن قومى وغذائى لذا يجب تطبيق القانون بكل حزم وبآثر رجعى لإعادة الأراضى كما كانت قبل ثورة يناير محذرا من التحايل على القانون بالتصالح والغرامات .
وأعرب الفنان الكبير عبدالعزيز مخيون (الذى ظل يقدم حفل أضواء المدينة لأربع سنوات فى احتفالات البحيرة بعيدهاالقومى) عن غضبه الشديد لركود الحالة الفنية والثقافية فى البحيرة وضرب مثالا صارخا على سوء حالة السواد الأعظم لقصور الثقافة بأن قصر ثقافة أبوحمص خصص له قطعة أرض مساحتها 1200 متر منذ سنوات وحتى الآن لم يتم اعتماد ميزانيته، حيث قمت بمخاطبة وزير الثقافة دون جدوى علما بأن هذه الأرض معرضة للضياع، ويتعجب من أن دمنهور تمتلك مقومات ثقافية كثيرة كدار الأوبرا وقصر الابداع ومكتبة دمنهور العامة التى تقيم صالون المسيرى الذى يحمل عضويته ولكن كل هذه الصروح تفتقر للتنسيق مع مديرية الثقافة ، مشيرا إلى أن البحيرة فى حاجة لفرقة مسرحية للعرض فى المراكز والقرى حيث يوجد شباب لديهم الرغبة والحماس للمشاركة بدلا من تركهم فريسة للأفكار الهدامة ، وأضاف: لابد من إقامة مشروع ثقافى وتنويرى لعموم مصر لإعادة إحياء الثقافة الجماهيرية لتنتشر الأنشطة الفنية فى مسار يتوازى ويتفاعل مع العملية التعليمية فى المدارس.
ويأمل مخيون فى تخليد مسيرة د. عبد الوهاب المسيرى بتدشين لوحة جدارية كبيرة فى ميدان الساعة بوسط دمنهورمسقط رأسه تعبيرا عن كفاح المثقف من أجل الحرية .
وحول علاقة الدراما بالريف أوضح أن الدراما المعاصرة بعيدة تماما عن الريف وعن الحراك الاجتماعى فى القرى ونحن نحتاج إلى أعمال تعبر عن مشاكل الانفجار السكانى وتآكل الرقعة الزراعية وغيرها من مشاكل الريف .
ويعود الفنان عبدالعزيز مخيون ليشدد على أهمية المشروع العملاق الذى أطلقه الجيولوجى الدكتور رشدى سعيد عام 1996 وهو مشروع دلتا جديدة لمصر، مؤكدا أن مصر تزخر بالعديد من علمائها الذين يملكون رؤى لمشروعات المستقبل كالدكتور فتحى مصيلحى للخروج من الوادى الضيق إلى آفاق أرحب حفاظا على الأراضى الزراعية من الضياع لأنها ملك للأجيال القادمة وتكونت بعمرها الجيولوجى المديد داعيا القيادة السياسية لسرعة وضع رؤية مستقبلية لإنقاذ وادى النيل لأن الدلتا مهددة بالتآكل .