بالاسم ورقم الجلوس.. نتيجة الصف الرابع الابتدائي 2024 للفصل الدراسي الثاني في 5 خطوات    رئيس بنك CIB: فرص واعدة لتمويل مشروع رأس الحكمة    حملات مكثفة لإزالة المخلفات الصلبة وتمهيد الطرق بشوارع مراكز المنيا    «الاسكان» تعتمد تخطيط وتقسيم 5 قطع أراضي بالحزام الأخضر    الرئيس السيسي يؤكد موقف مصر الثابت فعلاً وقولاً برفض تصفية القضية الفلسطينية    القوات الروسية تسقط 3 مقاتلات ميج - 29 أوكرانية    "أهرامات الجيزة".. معرفة متقدمة لا تزال تذهل العلماء    قبل مواجهة الأهلي والترجي.. تاريخ المواجهات العربية في نهائي دوري الأبطال    «تعليم الجيزة»: لا مشكلات في امتحانات الإعدادية.. ونسبة الحضور 98%    جامعة بنها توقع بروتوكول تعاون مع «ووهان الصينية» (تفاصيل)    الصحة تنظم احتفالية بمناسبة اليوم العالمي للامتناع عن التدخين بالمدينة الرياضية بالعاصمة الإدارية الجديدة    5 طرق لإنقاذ مصاب ضربات الشمس أثناء الموجة الحارة.. «رطب جسمه في الحال»    آرسنال يكشف عن قميصه للموسم الجديد 2024-2025    أتلتيك بيلباو يحبط برشلونة بسبب ويليامز    الجمعة .. انطلاق نصف نهائي بطولة العالم للإسكواش بمصر    «زراعة النواب» تطالب بوقف إهدار المال العام في جهاز تحسين الأراضي وحسم ملف العمالة بوزارة الزراعة    الخارجية الكورية الجنوبية تعرب عن تمنياتها بالشفاء العاجل لرئيس الوزراء السلوفاكي    سفير فلسطين في موسكو: الوضع الكارثي في غزة يعيد إلى الأذهان حصار لينينجراد    التخطيط: 7.7 مليار جنيه استثمارات عامة موجهة لمحافظة الدقهلية بخطة 23/2024 لتنفيذ 525 مشروعًا تنمويًا    إنشاء وحدات اقتصادية لتحسين الموارد بمستشفيات بالقليوبية    موعد عيد الأضحى 2024 ووقفة عرفات فلكيًا.. (أطول إجازة رسمية)    جامعة المنوفية تتقدم في تصنيف CWUR لعام 2024    غدا.. إعادة عرض فيلم "زهايمر" احتفالا بميلاد الزعيم    بمشاركة مصر والسعودية.. 5 صور من التدريب البحري المشترك (الموج الأحمر- 7)    «تدخل في صلاحيات الأمير».. أمر بضبط وإحضار النائب الكويتي أنور الفكر    ببرنامج "نُوَفّي".. مناقشات بين البنك الأوروبي ووزارة التعاون لدعم آفاق الاستثمار الخاص    رابط التقديم في الصف الأول الإبتدائي 2024-2025 والأوراق المطلوبة للتقديم    قرار قضائي جديد بشأن سائق أوبر المتهم بالاعتداء على سيدة التجمع    تداول 10 آلاف طن و585 شاحنة بضائع بموانئ البحر الأحمر    أمير عيد يؤجل انتحاره لإنقاذ جاره في «دواعي السفر»    "العربة" عرض مسرحي لفرقة القنطرة شرق بالإسماعيلية    رئيس جامعة المنيا يبحث مع الجانب الإيطالي تطوير معامل ترميم الآثار بالجامعة لخدمة الباحثين    لهذا السبب.. ياسمين عبد العزيز تتصدر تريند "جوجل"    توقيع بروتوكول تجديد التعاون بين جامعتي بنها وووهان الصينية    «التربية والتعليم» تنظم فعاليات مسابقة المعلمة الفعالة    حكومة غزة تعلق على إعلان الجيش الأمريكي تثبيت الرصيف البحري للمساعدات    بدء التعاقد على الوصلات المنزلية لمشروع صرف صحي «الكولا» بسوهاج    «الداخلية»: ضبط 13 ألف قضية سرقة تيار كهربائي خلال 24 ساعة    الأحد.. عمر الشناوي ضيف عمرو الليثي في "واحد من الناس"    أعطيت أمي هدية ثمينة هل تحق لي بعد وفاتها؟.. أمين الفتوى يوضح    المشدد 6 سنوات لعامل ضبط بحوزته 72 لفافة هيروين في أسيوط    دون إصابات.. تفاصيل نشوب حريق داخل شقة في العجوزة    أنشيلوتي يقترب من رقم تاريخي مع ريال مدريد    الولايات المتحدة.. تراجع الوفيات بجرعات المخدرات الزائدة لأول مرة منذ جائحة كورونا    محكمة العدل الدولية تستمع لطلب جنوب إفريقيا بوقف هجوم إسرائيل على رفح    محافظ أسيوط يستقبل مساعد وزير الصحة ويتفقدان مستشفى بني محمديات بأبنوب    كولر يحاضر لاعبى الأهلي قبل خوض المران الأول فى تونس    «الأمن الاقتصادي»: ضبط 13166 قضية سرقة تيار كهربائي ومخالفة لشروط التعاقد    صدام جديد مع ليفربول؟.. مفاجأة بشأن انضمام محمد صلاح لمعسكر منتخب مصر    مد فترة التقديم لوظائف القطار الكهربائي الخفيف.. اعرف آخر موعد    محافظ أسيوط ومساعد وزير الصحة يتفقدان مشروع إنشاء مستشفى منفلوط المركزي    «الإفتاء» تحسم الجدل حول مشروعية المديح والابتهالات.. ماذا قالت؟    اليوم.. انطلاق الملتقى التوظيفي لزراعة عين شمس    حلم ليلة صيف.. بكرة هاييجي أحلى مهما كانت وحلة    توقعات الأبراج وحظك اليوم 16 مايو 2024: تحذيرات ل«الأسد» ومكاسب مالية ل«الحمل»    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الخميس 16-5-2024    نجمة أراب أيدول برواس حسين تُعلن إصابتها بالسرطان    وزير الرياضة يطلب هذا الأمر من الجماهير بعد قرار العودة للمباريات    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ليالى رمضان فى مسجد عمرو بن العاص .. أنت فى عالم آخر
نشر في الأهرام اليومي يوم 09 - 07 - 2015

فى واحدة من أغرب «الأحلام الدنيوية» يتزاحم آلاف من أهل مصر لأداء صلاة التراويح بمسجد عمرو بن العاص انتظاراً لحدوث «المعجزة» التى تكلمت عنها الأجيال القديمة من سكان القاهرة .. ويملأ المصلون المسجد إلى اخره, ويمتد الزحام حيث يفترشون الأرض حول المسجد فى مشهد لا يتكرر إلا فى ليالى النصف الثانى من الشهر الكريم, وبالذات ليلة الجمعة اليتيمة.

وإذا كانت السنوات تمضى دون أن تحدث «المعجزة الحلم» .. فإن أهل مصر غالباً ما يقنعون ببركة السجود فى مسجد بناه صحابة رسول الله عليه السلام. أما قصة هذه «المعجزة الحلم».. وقصة بناء هذا المسجد .. فإنها تفاصيل شيقة.. تستحق أن يعرفها عشاق التاريخ الإسلامي.
كان نور الدين الجديد قد انتشر فى أرجاء الدنيا .. وخلال خلافة عمر بن الخطاب رضى الله عنه قاد القائد عمرو بن العاص جيوش المسلمين لفتح مصر سنة 20ه/ 640م والذى قام ببناء مدينة «الفسطاط» لتكون مقراً للحكم على ضفاف نيل مصر القديمة, وهى أول المدن الاسلامية فى مصر وفى قارة إفريقيا, وبعد أن استقرت الأمور وتم الفتح الإسلامى لمصر, بدأ عمرو بن العاص فى تأسيس مدينة لتكون عاصمة لمصر, هى مدينة الفسطاط, التى تعتبر بحق أصل القاهرة الحالية, وذلك بالقرب من حصن بابليون على ضفاف نيل مصر القديمة, وقد أسس العرب المسلمون «الفسطاط» حسب تقاليدهم الاسلامية على نمط ما سارت عليه جيوشهم قبل ذلك فى العراق.. حيث أسسوا مدينة البصرة سنة 14ه/635م- ومدينة الكوفة سنة 16ه, ومع توالى العصور امتدت المدينة الامتداد الطبيعى نحو الشمال فأنشأت مدينة العسكر شمالاً, ومدينة القطائع التى أنشأها أحمد بن طولون إلى الشمال من الفسطاط, وأخيراً مدينة القاهرة التى شيدها الفاطميون شمال مدينة القطائع.
ويعتبر هذا المسجد أول مسجد فى إفريقيا .. ورابع مسجد فى الاسلام, وقد بناه على مساحة 150 ذراعاً بالطوب لللبن, وفرش أرضه بالحصى, وغطاه بسقف من جريد النخل أقيم على أعمدة من جذوع النخل القصيرة, وجعل له ستة أبواب, ولكنه لم يكن للمسجد الأول محراب مجوف ولا مأذنة, ولا منبر مما نعرف اليوم, وقد شارك فى تصميم هذا المسجد عدد من الصحابة أهمهم أبو ذر الغفاري, واشترك فى تحديد قبلته ثمانون من الصحابة, ومع ذلك جاءت منحرفة نحو الشرق عن الاتجاه الصحيح, واتسعت رقعة المسجد على مر الأيام والحكام, فقد اهتم به الأمويون فزودوه بأعمدة من الرخام قامت مقام جذوع النخيل, وأرتفع سقفه, وزيدت أبوابه إلى أحد عشر باباً بعد زيادة مساحته, ودخلت عليه تفاصيل معمارية كانت من قبل غير مرغوب فيها, فقد قام مسلمة بن مخلد والى مصر سنة 673م بإدخال نظام المئذنة بأن جعل له أربع صوامع فوق أركانه يصعد إليها من الخارج.

هدم المسجد
أما عبد الله بن مهران فقد قام بسقفه عام 698م .. إلى أن قام قره بن ستريك والى مصر بهدم المسجد بأكمله سنة 711م وبدأ فى إعادة بنائه وتوسعته ثم أدخل عمارة «المحراب المجوف» على عمارة المسجد .. وتقررت هذه السابقة فى عمارة المساجد لأول مرة, بحيث غدا استخدام المحراب المجوف أمراً غير مكروه كما كان أيام الخلفاء الراشدين, وقد زوده بمنبر خشبى.
ثم توالت التوسيعات وتجميل المسجد بزخارف الحصى والخشب على مر العصور, وقد بلغ الجامع أقصى ما بلغه من الجمال فى نحو منتصف القرن الرابع الهجرى, وأصبح المسجد العتيق الان أكبر مساجد مصر وأوسعها .. حتى انه قد أقيمت بداخله ثلاثة محاريب ويتوسطه مبنى رائع التكوين للوضوء, وكان للمسجد مكانة كبيرة حتى أن الإمام الشافعى كان يلقى به دروسه فى الفقه فى مكان يعرف إلى الأن بزاوية الإمام الشافعى وكان يضم بيت المال.
روايات وأساطير
ولأن الجامع العتيق قد شهد وعاصر بعض صحابة الرسول الكريم فى هذا الزمن المبكر للدعوة الإسلامية, فإنه يمثل لأهل مصر «قيمة مباركة» ويستشعرون فى لحظات وجودهم للصلاة بداخله بعطر السيرة النبوية .. كما أن وجوده فى منطقة «مجمع الأديان» التى تموج بالكنائس والمعابد اليهودية ويحفها الأساطير.. حيث استقبلت العائلة المقدسة خلال رحلتها فى مصر, وحيث عاش سيدنا موسى عليه السلام وتفجرت فى المكان عديد من الأساطير والبدع والمعتقدات الشعبية .. فإن الأمر لم يخل من تفجر الأساطير أيضاً من داخل مسجد عمرو بن العاص.. وقد عاشت القيادات الدينية فى مصر سنوات من الزمن لمواجهة هذه الأساطير والبدع والقضاء عليها .. أولى هذه البدع أنه كان يشاع بين العوام أن هناك عمودا رخاميا داخل المسجد, وأن المريض بمرض عضال كان يتم شقاؤه إذا وضع لسانه على هذا العمود, واضطرت وزارة الأوقاف المصرية إلى أن تحيط ها العمود بقفص حديدى لمنع تزاحم البشر حوله, ثم اضطرت أخيراً إلى رفعه وطمس معالمه تماماً .. ونسى الناس البدعة, ويوجد بئر فى إيوان القبلة كان ستخدم للوضوء (يعرف بالبستان) وقد شاع بين النسوة الأميات أن ماء هذا البئر يشفى المرأة من العقم بعد أن يصب على ظهرها بعض من مائه .. واضطرت هية الأثار المصرية من وضع غطاء فوق البئر لإنهاء هذه البدعة.
[ وفى إيوان القبلة من الناحية البحرية كان يوجد محراب صغير مجوف من الطوب والرخام مواز للضريح, وفى هذا المكان كانت «السيدة نفيسة» رضى الله عنها» تتعبد وتصلى فيه, ولذلك أصبح قبلة للنساء .. فكانت تأتى السيدات الأميات لتقبيل هذا المحراب, ويقف أحد خدم الجامع بعصى صغيرة لضرب رءوسهم إذا غبن فى التقبيل, ويقف خادم أخر لجمع القروش منهم نظير هذه البركات.. وقد تمت إزالة هذه المحراب تماما.

جهاز كشف الكذب
وكان يشاع بين العوام أيضاً أنه يوجد عمودان رخاميان محفورة عليهما آيات قرآنية قرب أيوان القبلة .. وكان يأتى إليهما المتنازعان فى خصومة .. ومن كان صادقاً منهم كان يمر بين هذين العمودين وإن كان ضخم الجسم, واما إذا كان كاذباً فإنه لم يمر وإن كان نحيف الجسم .. أى أن هذين العمودين كانا بمثابة جهاز كشف الكذب, وهى خرافة لا يقبلها العقل .
ويطيب لليهود بين الحين والأخر الادعاء بأن الأرض التى بنى عليها المسجد كانت ملكاً لامرأة يهودية, أن عمر بن العاص استطاع الحصول عليها بالدهاء, ولكن الحقيقة التى يؤكدها المؤرخون أن هذه الأرض كانت ملكاً ل «قيسبة بن كلثوم» وطلب منه عمرو بن العاص أن يشتريها لتكون مسجداً, فأجابه وتصدق بها وتم بناء المسجد عليها.
ويتهم بعض المؤرخين الفاتح عمرو بن العاص بأنه قد هدم بعض الكنائس الموجودة فى المنطقة, وأخذ أعمدتها الرخامية ليشيد بها الجامع .. وهى أكذوبة أيضاً لا يصدقها عقل إذ انه من الثابت فى التاريخ ان الجامع بنى من جذوع النخل كساريات لسقفه المصنوع من الجريد والطين, والحيطان من الطوب اللبن, ولم يدخل فى بنائه أى أعمدة رخامية فى عهد عمرو بن العاص.

حكاية المعجزة
وتمضى القصص والروايات حول المسجد العتيق, ويتسابق المسئولون عن الدين فى مواجهة هذه البدع, وينسى اهل مصر معظم هذه البدع, ولكنهم أبداً لا ينسون حكاية «المعجزة» التى تكلم عنها الأجداد .. والحكاية القديمة تقول أن جامع «عمرو بن العاص» كانت مساحته ضعف مساحته الحالية, إلا أنه فى إحدى الجمع الأخيرة من شهر رمضان (اليتيمة) طار نصف الجامع بمن فيه من المصلين واتخذ موضعاً له فى الجنة, وأن النصف الثانى من الجامع الموجود حالياً, سيلحق بالنصف الأول سيطير أيضاً إلى الجنة فى إحدى الجمع «اليتيمة» بمن فيه من المصلين الذين يأتون من كل محافظات مصر, بل من غالبية الدول خاصة الدول الأفريقية.. ولكن ما يقال قد يكون مجرد حلم وأمنية من المصلين, ذلك أن المكان مثل كل الأماكن الأثرية والتاريخية ذات القيمة والأهمية الحضارية التى تدور حولها دائماً الشائعات ويرفض أهل مصر التخلى عن هذه الأمنية والحلم, ويتحول المسجد فى ليالى النصف الثانى من شهر رمضان إلى طوفان من البشر من كل صوب و حدب .. بعضهم يعيش الحلم .. وأكثرهم يرفضه ولكنه يسعد بلحظات حالمة فى أحضان مسجد بناه الصحابة فوق أرض الكنانة.

الفسطاط تندثر
ولأن المدن كالبشر تهرم وتموت, فقد تعرضت الفسطاط عاصمة مصر الاسلامية لضربات الزمن, إذ عندما تم إنشاء القاهرة الفاطمية استخدمت أحجار مبانى الفسطاط فى بنائها, كما أنها تعرضت للحرق فى زمن هجوم الصليبين على مصر والشام وازداد الخراب فى عهد الظاهر بيبرس, ومع ذلك فالمنطقة فى سبيلها أن تعود الان إلى تألقها بدأتها مصر لمنح المكان طابعه الأثرى والروحى لسكان العاصمة المصرية العاشقين فى محراب المواقع الدينية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.