أحسنت القوات المسلحة بقرار الاستمرار فى التعامل بالسلاح المتطور ضد إرهابيى سيناء، وليت المبادرة تظلّ دائماً، من الآن وفى المستقبل، فى أيدى القوات المسلحة تصويباً لسياسة سابقة كانت حركتها ردّ فعل على مبادأة الإرهابيين بجرائمهم الإرهابية، وليت التصدى يكون بأقصى قوى تحقق أكبر عدد من القتلى فى صفوف كل من يرفع السلاح أو يُحرِّض على رفعه أو يساعد على توفيره من خارج القانون. ذلك أن أى تباطؤ فى مواجهة هذه الأعمال الإرهابية، أو أى تورط فى حسابات معقدة قد تؤجل حسم قضايا تخصّ الأمن الوطنى، يوفر فرصاً ثمينة للأعداء، وهو ما جعلهم يتوهمون طوال السنوات الماضية أنه فى مقدورهم شلّ الجيش المصرى لإقامة إمارتهم الخرافية، وأنه يمكنهم أن يأمنوا من أى عقاب يليق بجرائمهم وهو يعتدون على الجيش ويُلحقون خسائر فى صفوفه. مصر تعيش الآن موقفاً تاريخياً نادراً، يحظى فيه قرار الحسم بخوض هذه المعركة بإجماع وطنى لا يخرج عليه إلا أقل القليل، وكان الاصطفاف الوطنى على أوضح ما يكون فى الجنازات المهيبة فى عموم البلاد التى زفت الشهداء إلى مثواهم الأخير، ولم يَبدُ فيها جزعٌ ولا خوف بل على العكس كانت الهتافات تصر على المضى قدماً وتهتف للجيش وتطالب بالثأر للشهداء وبالإعدام للإخوان ومن معهم! كما تجلَّى على مواقع التواصل الاجتماعى موقفٌ كان توارى فى الفترة الماضية، أعلن فيه كثير من المعارِضين العقلاء أنهم يؤجلون أىَ معارَضة ويقفون خلف الجيش فى هذه المعركة التى تُهدِّد الوطن وتنال من أمن الجميع وتشكل خطراً على المستقبل. وطالب بعضُهم بأن تقوم القوات المسلحة بتسهيل تطوعهم للقتال دفاعاً عن مصر، وقالوا إنهم سيعودون للمعارضة السلمية عندما تنزاح الغمة ويتم القضاء على الإرهاب! هذه من أهم الفوائد التى عادت على مصر من هوجة الإرهاب، وهى جديرة بأن يمسك بها الوطنيون من كل جانب لتكون نواة صلبة تُبنَى عليها توجهاتٌ جديدة من كل الأطراف، تعيد الوحدة إلى جبهة العمل الوطنى الملتزم بمطالب 25 يناير و30 يونيو. وهذا لن يتحقق تلقائياً وإنما يلزم أن يجد اهتماماً كبيراً حتى لا تكون مجرد لحظة عابرة. لقد أعادت بطولةُ الجيش الأمل الذى كان قد خبا فى الفترة الماضية مع كل يأس كان يضرب الرأى العام بعد كل عملية إرهابية ضد افراد الجيش والشرطة، وقامت من مرقدها نشوة الانتصار على الأعداء، وبرغم بشاعة صور الإرهابيين القتلى فلم يَبدُ أنه كان هنالك أى تعاطف إنسانى معهم، بل على العكس كانت هنالك مطالب عديدة بإخفاء مدافنهم حتى توأد من منبعها أى فكرة من قيادتهم بجعلها مزاراً لهم! بل اقترح البعض أن يلقى بهم فى البحر ليلحقوا بزعيمهم الروحى أسامة بن لادن. لم يعد فى جبهة الإرهاب فى هذه اللحظة سوى جماعة الإخوان وحلفائها فى سيناء الذين جلبتهم من الشتات أثناء حكمها، وغضّت الطرف عن جرائمهم عندما كانوا يختلفون فى الأولويات، وكان موقف رئيسهم فضيحة، عندما أسَرَ هؤلاء الإرهابيين عدداً من الجنود فقال قولته التى صارت تؤثر عنه، بعد أن أدخلته التاريخ نموذجاً للرئيس المتخاذل فى أمن وطنه وجنوده، عندما كان رده أنه يحرص على سلامة الخاطفين والمخطوفين! لا مناص من التخفف من ضغوط الخارج التى هى جزء من المؤامرة الكبرى التى تتوزع فيها الأدوار، حيث يقوم البعض بالتمويل، وآخرون بالتسليح والتدريب، وآخرون بتسهيل الحصول على السلاح المتطور وتهريبه إلى داخل مصر، وآخرون بإيواء الإرهابيين وتوفير الملاذ الآمن، وآخرون بخدمات التزوير والكذب العلنية الممنهجة التى صاروا يسمونها إعلاماً حرّاً، وآخرون يمارسون الضغط فى المحافل الدولية، ومنها تصدر بيانات الغرض الأساسى منها تكبيل صاحب القرار فى مصر عن اتخاذ خطوات جادة فى التصدى للإرهابيين! كما أنه لا مناص من الإقرار علناً بأن هناك بيئة حاضنة للإرهاب من أبناء سيناء، وأنه لم يعد يجدى التغاضى عن الإعلان عن هذا، ما دام أنه لا يسىء إلى عموم أبناء سيناء بمواقفهم الوطنية المشرِّفة عبر التاريخ فى التعاون مع القوات المسلحة، خاصة عندما كانت سيناء تحت الاحتلال الإسرائيلى، لأن المتعاونين هذه الأيام مع الإرهاب أثبتوا أنهم مُصِرّون على المضى فيما اختاروه، برغم أن الدولة أتاحت لهم فرصاً عديدة لتصويب أخطائهم! وهو ما ينبغى معه أن يكون للدولة موقف آخر، لأن الهدف الكبير الذى يرمى إلى تطهير البلاد من الإرهاب لا يقبل إلا أن تكون الخنادق واضحة! لقد دخلنا فى الأيام الأخيرة فى مرحلة اللعب على المكشوف مما يفيد من هم فى حاجة إلى مزيد من الأدلة! فمن ناحيتهم، أبدى الإخوان وضوحاً بالاعتراف الصريح بما كانوا ينكرونه سابقاً، وبالسكوت الذى ينطوى على مضمون الموافقة على ما كانوا يستنكرونه فى العلن! فقد اعترف بعض قيادتهم قبل يومين أنهم هم الذين يفجرون أبراج الكهرباء، وأعلن أنها وسيلة يتعمدون بها عقاب المواطن المصرى العادى الذى رضى أن يعيش تحت حكم السيسى! كما تطوع أحد أنجال محمد مرسى بالقول بالحرف، أنه فى حالة تنفيذ حكم القضاء ضد أبيه: «سنجعل الدم للركب، ونهدم مصر فوق رءوس الطبالين والراقصات وجيشهم»! وكان غريباً أنه لم يُعلَن على الرأى العام حتى الآن أن هناك تحركاً من الأجهزة الرسمية لمساءلته فيما قال! وأما السكوت المبين صراحة عن المواقف فكان فى ذهولهم جميعاً أمام النجاح الكبير الذى حققه الجيش ضد الإرهابيين فى سيناء. لمزيد من مقالات أحمد عبد التواب