هذا خبرٌ مهمٌ من العراق، وأهميته فى أنه يُذَكِّرك فوراً بما حدث فى مصر، ولا يزال يحدث، فقد أعلنت الحكومة العراقية أنها ستُسلِّح كل مواطن يتطوع ليحارب ضد قوات تنظيم «داعش» بعد أن استولت تماماً على الموصل، ثانى مدينة فى العراق على مستوى تعداد السكان، ولها أهمية استراتيجية عظيمة، وذلك بعد أن طردت هذه القوات بالسلاح قوات الجيش الوطنى فى عمليات هجوم ضارية، كما أحرقت البيوت وقتلت الناس فى الطرقات عشوائياً لفرض حالة من الرعب تردع أى مواطن من التفكير فى المقاومة! بل قيل إن أفراداً من الجيش قد أفزعهم كمية ونوعية السلاح الذى تستخدمه قوات داعش بما يفوق ويرقى على ما فى يد جيش الدولة، وإن هذا هو ما دفع بعض الأفراد إلى الاستسلام دون قتال! وهذه خطوة أخرى تنحدر فيها أوضاع العراق الداخلية أكثر فأكثر إلى أتون حرب أهلية، بعد أن خرج العفريت من القمقم ولم يعد أحد يستطيع أن يتحكم فى قراراته وفى كيف ينفذها! وتنظيم داعش هذا (الدولة الإسلامية فى العراق والشام) هو الذى أثبتت التحقيقات فى مصر أنه كان وراء تمويل بعض عمليات الإرهاب فى سيناء والتى راح فيها ضحايا من أبناء القوات المسلحة المصرية، وكان هدفُه أن يُعلِن وكلاؤه الإرهابيون فى مصر أن «داعش» هى التى قامت بالعمليةّ! وقيل إن هذا يرفع من رصيد داعش لدى من يمولونها ليرفعوا من الدعم المالى الذى يمنحونه لها والذى وفَّر لها إمكانيات هائلة لشراء سلاح متطور والدفع بسخاء يُغرى بعض المحتاجين من ضعاف النفوس الذين هم كثيرون فى صفوف داعش وفى صفوف كل التنظيمات المسلحة التى تُكَفِّر المجتمع وترفع شعارات إسلامية! كل هذا يجعلك تستعيد ما حدث فى مصر عندما استجاب الجيش المصرى إلى نداء المتظاهرين بالملايين بالتدخل لإنفاذ قرار الشعب بإنهاء حكم الإخوان والخلاص من تنظيمهم، الذى كان من جرائمه المتعددة استيراده للإرهابيين من الخارج وتوطينهم فى سيناء، بعد أن وطَّد علاقاته مع الجماعات التكفيرية الضعيفة المتناثرة التى كانت فى سيناء منذ أيام مبارك، ثم أشرفت دولة الإخوان على تهريب السلاح الحديث المهرب من ليبيا ومن غيرها وتسهيل حصول الإرهابيين عليه، بل وإضفاء الشرعية عليهم بإخراج بعضهم من السجون وإلغاء تنفيذ العقوبة أو إلغاء ما تبقى منها، وإسقاط أحكام الإدانة عن آخرين، ودعوة من هم بالخارج إلى العودة إلى البلاد مع وعود رسمية لهم بالأمان، بل والإفراج عن عدد ممن تقوم قوات الأمن بإلقاء القبض عليه، وغلّ يد الجيش المصرى عن التعامل مع الإرهابيين، وفوق كل هذا منح الجنسية المصرية إلى أعداد من مقاتلين أجانب ليكونوا عوناً، فى التدريب والمشاركة فى القتال، لقاعدة الإرهاب التى أنشأوها فى سيناء! وعندما انفضحت إحدى العمليات الإرهابية التى نجحت فى خطف عدد من الجنود المصريين، كان التصريح الشهير للدكتور مرسى، والذى يمكن وصفه بأنه من أسوأ التصريحات التى يمكن أن تصدر من رئيس جمهورية، عندما أعرب عن اهتمامه الخاص بسلامة كل من الخاطفين والمخطوفين! فى رسالة صريحة إلى الإرهابيين بالموقف الرسمى تجاههم من الدولة، أو قُلْ من نظام حكم الإخوان تجاههم!! من المعلومات المهمة هنا ما يؤكده بعض الخبراء بأن الإخوان لم يكن لديهم سلاح حتى نهاية حكم مبارك، بدليل أنهم كانوا فى حاجة حقيقية إلى عون من «حماس» لتهريب قيادتهم من السجون! أى أنهم قد شرعوا فى تنفيذ خطتهم هذه بعد وصول ممثلهم إلى القصر الرئاسى، وأنهم حققوا كل ما حققوه خلال بضعة أشهر فقط قبل أن يكتمل عامهم الوحيد فى السُلطة! ولك أن تتخيل ماذا كانوا سيضيفون من كوارث إذا لم يستجب الجيش المصرى لنداء الشعب وينهى حكمهم! ولا ننسى أنه لا يزال الكثير أمام الجيش. المتيقن منه أنهم كانوا يخططون للتنازل عن جزء من سيناء، فيما يبدو أنها هِبة لصالح الشعب الفلسطينى، ولكنها فى جوهرها أكبر هدية لإسرائيل، لأن الإخوان كانوا يأملون، وفق تفكيرهم البسيط، أن بهذه الهِبة يتنازل الفلسطينيون عن المطالبة بأراضيهم من إسرائيل التى سوف تنعم بالسلام دون أن تتكبد أى خسائر فى مكاسبها وعقيدتها التى لا تعترف أصلاً بأى حق للفلسطينيين! بما يترتب عليه رضا الإسرائيليين عن الإخوان الذى يترتب عليه رضا الأمريكيين، وهو ما توهم الإخوان أنه كافٍ لاستمرارهم فى الحكم! ولكنهم نسوا الشعب المصرى، ولم يحسبوا حساباً صحيحاً لما يمكن أن يكون عليه موقف الجيش المصرى! ومن ناحية أخرى، لا يمكن أن ينسى أحد هذا الهذيان الذى كان يتصاعد من إرهابيين عتاة عن إمارة إسلامية فى سيناء! اعتبرها الإخوان قاعدتهم التى يواجهون منها أى مقاومة لتأبيد حكمهم، ووصل بهم خطأ الحساب إلى تهديد وزير الدفاع! أى أنهم كانوا مستعدين، بل ربما كانوا يدفعون، إلى حرب أهلية! لعل المتحدثين عن الشرعية، من خارج الإخوان وحلفائهم، يتابعون ويتأملون ويستخلصون النتائج مما يحدث فى العراق وغيرها، ليعرفوا أفضال 30 يونيو التى لم تفصح عن كل فوائدها بعد.