قبل ساعات من الاستفتاء الذى تنتظره أوروبا، حاول رئيس الوزراء اليونانى ألكسيس تسيبراس للمرة الأخيرة تعبئة مواطنيه وحضهم على التصويت ب"لا" على شروط الدائنين، وذلك على حد قوله "للعيش بكرامة فى أوروبا" فى الوقت الذى هدد فيه يانيس فاروفاكيس وزير المالية اليونانى بالاستقالة إذا جاءت نتيجة التصويت ب"نعم"، واتهم الدائنين بالإرهاب. وقال تسيبراس وسط تصفيق الحضور : "نحن نحتفل بفوز الديمقراطية، اليونان توجه رسالة كرامة، لا أحد يملك الحق فى التهديد بتقسيم أوروبا".وأشار فى تجمع لأنصار "لا" ضم نحو 35 ألف شخص احتشدوا فى ساحة سيندجما أمام البرلمان: " عليكم أن تذهبوا بهدوء إلى صناديق الاقتراع، وأن تمعنوا النظر فى الحجج، موضحا أن الاستفتاء الشعبى الذى يجرى يتعلق بما إذا كان شعبه سيزداد فقرا وبؤسا أم لا. وأضاف تسيبراس قائلا: "أدعوكم للتصويت ب"لا" ضد الانقسام ودعاية ترويج الخوف".. ودافع رئيس الوزراء اليونانى عن الاستفتاء، آملاً فى أن تشطب الجهات الدائنة ثلث ديون بلاده وأن تسمح بتأخير إيفاء الدين المتبقى. وأشار إلى أن "اليونان كانت وستظل مهد الحضارة الأوروبية، فمن هذا المكان كما تقول الميثولوجيا اختطف زيوس أوروبا، ومن هذا المكان يريد تكنوقراط التقشف اختطاف أوروبا مرة أخرى، ونحن سنقول لهم لا، لن نترك أوروبا فى أيدى من يريدون اختطافها من تقاليدها الديمقراطية". و أضاف تسيبراس قائلا: "يوم الاثنين، أيا كانت نتيجة العملية الديمقراطية و الإرادة الشعبية التى تخوف البعض منها، سنقول أيضا (لا) كبيرة وواضحة للانقسام، أيا كان قرارنا يوم الأحد لن يوجد يوم الاثنين أى شىء يفصل بيننا".. وتابع أن تقرير صندوق النقد الدولى الذى يؤكد أن الدين العام الضخم لليونان غير قابل للسداد بدون شطب نسبة كبير منه الأمر الذى يؤكد صحة دعوته للناخبين لرفض شروط المقرضين. من جانبه، اتهم وزير االمالية اليونانى يانيس فاروفاكيس دائنى بلاده ب"الإرهاب" وبأنهم يريدون "إذلال اليونانيين".وفى مقابلة مع صحيفة "أل موندو" الإسبانية، قال فاروفاكيس، إن "ما يفعلونه مع اليونان يسمى إرهابا". وأضاف أن "ما تريده بروكسل والترويكا اليوم، هو أن تفوز"نعم" حتى يتمكنوا بذلك من إذلال اليونانيين". وفى حديثه عن السياسة التى يعتمدها دائنو أثينا (صندوق النقد الدولى والبنك المركزى الأوروبى والاتحاد الأوروبي)، تساءل الوزير اليونانى : "لماذا أرغمونا على إقفال البنوك؟ لماذا يبثون الخوف بين الناس؟ وعندما يعمدون إلى بث الخوف، هذه الظاهرة تسمى الإرهاب". وقال وزير المالية اليونانى: "أيا كانت نتيجة الاستفتاء، سيتم التوصل إلى اتفاق الاثنين، أنا مقتنع بذلك اقتناعا تاما.. أوروبا تحتاج إلى اتفاق، واليونان تحتاج إلى اتفاق، بحيث إننا سنتوصل الى اتفاق".وجدد فاروفاكيس تأكيده أنه سيقدم استقالته إذا ما فازت "نعم"، واتهم أيضا معارضيه بأنهم يريدون أن يجعلوا من "اليونان عبرة للآخرين". وفى المقابل، تجمع أكثر من 25 ألف مناصر للتصويت ب"نعم" أمام الملعب الأوليمبى مرددين شعارات مؤيدة لأوروبا وسط أعداد كثيرة من الأعلام اليونانية.. وأكد العديد من المتحدثين من منصة التظاهر سواء من الفنانين أو المثقفين أو الرياضيين "إن نعم سوف تمنح مستقبلًا أفضل للشعب و للأجيال الجديدة".جاء ذلك فى الوقت الذى أظهر استطلاع للرأى أجرته شبكة "بلومبرج" الأمريكية أن اليونانيين الرافضين للشروط الصارمة لاتفاق الانقاذ المالى فى استفتاء يتقدمون بفارق نصف نقطة مئوية واحدة على معسكر المؤيدين. وأعلنت " بلومبرج " أن 43 ٪ فى المائة من المشاركين فى الاستطلاع صوتوا ضد شروط اتفاق الإنقاذ المالى ، بينما أيده 42٫5٪ . وفى غضون ذلك، وجه وزير المالية الألمانى فولفجانج شويبله مجددا النقد لحكومة تسيبراس التى قال إنها "لا ترغب فى أى برنامج إصلاح". وأكد الوزير الألمانى لصحيفة "بيلد" الألمانية: "كنت منذ البداية متشككا جدا فى أن تؤدى المباحثات مع الحكومة اليونانية إلى نتيجة، وتأكد هذا الشك فى النهاية أمر لا يثير استغرابى". وتابع الوزير: "سواء مع اليورو أو مؤقتا بدونه، فاليونانيون وحدهم يمكنهم الإجابة عن هذا السؤال".. وقال شويبله إن "خطر العدوى الذى قد ينجم عن البنوك اليونانية ضعيف نسبيا" بالنسبة لباقى البنوك الاوروبية ملاحظا أن "البنوك مغلقة حاليا" ونظام المراقبة البنكية الأوروبى "يراقب الوضع".وفى إشارة إلى استمرار عضوية اليونان داخل الاتحاد الأوروبى فى كل الأحوال، أضاف شويبله: "بديهى أيضا أننا لن نتخلى عن الناس فى اليونان".. وأصر الوزير الألمانى على مراعاة دول اليورو لقواعد العملة الموحدة بشكل صارم، وقال إن "أى وحدة يمكنها أن تنجح فقط فى حال تمسك الأعضاء بالقواعد، ومن باب نقد الذات علينا أن نعترف أننا كنا ، نحن الألمان والفرنسيين، أول من كسر قواعد استقرار اليورو فى عام 2003 وكانت تلك هى الخطيئة". وفى محاولة منه لتهدئة الأوضاع، قال رئيس المجلس الأوروبى دونالد تاسك: إن "الاتحاد الأوروبى يبحث عن سبل لإبقاء اليونان داخل اليورو، لكن ذلك قد يعنى أن يعتاد على وجود بلد مفلس فى منطقة العملة الأوروبية".. وأضاف: "من الواضح جدا أن الاستفتاء ليس على البقاء أو عدم البقاء فى منطقة اليورو مناقضا رأى زعماء آخرين بالاتحاد الأوروبى قالوا إن "استفتاء الأحد يتعلق بمستقبل اليونان فى منطقة اليورو".