لشاعر العربية الكبير أبي الطيب المنتبي آراء كثيرة عن مصر وأهلها, بعضها صحيحة, والآخر كان فيها متجنيا لحاجة في نفسه. من صدق أبياته التي أصاب فيها كبد الحقيقة بيته المشهور: نامت نواطير مصر عن ثعالبها.. فقد بشمن وما تفني العناقيد. تعرضت مصر عبر تاريخها الطويل- ولا تزال- للنهب والسرقة, ومع ذلك لا تنفد عناقيد الخير, ولن تنفد إن شاء الله! لقد نطق وكيل الجهاز المركزي للمحاسبات بحقيقة مرة ستظل عالقة في أنفسنا نتجرعها ليل نهار, وهي وجود نحو93 ألف مستشار بالدولة يتقاضون18 مليار جنيه سنويا!! أي سفه وشراهة أن يتقاضي هؤلاء المستشارون- وبعضهم لا يزال يغرف من خزائن البلد الذي تعيش الأغلبية فيه علي دولارين في اليوم؟! ماذا فعل هؤلاء المستشارون لمصر, وما دلائل عبقريتهم لتقدر بمثل هذه الأموال الطائلة؟! هل نزلوا إلي الشارع ليراقبوا ويحاسبوا, أم ظلوا حبيسي مقاعدهم الوثيرة ضاربين عرض الحائط بكل التبعات الملقاة علي عاتقهم؟! أم أنهم بفضل ذكائهم وعبقريتهم وبعد نظرهم وفروا احتياجات الإنسان البسيط, ومكنوه من الحصول عليها بعزة وكرامة؟! هذه الشراهة في نهب ثروات البلاد والعباد أكبر أسباب الحنق والغيظ الذي يملأ صدور الغالبية العظمي من أبناء هذا الشعب الذي لاقي الأمرين ولا يزال من حكوماته المتعاقبة التي خذلته ولم تشعر به يوما. نريد حكومة تشعر بمسئوليتها تجاه شعبها, وتحاسب وزراءها, وتعلم أنها خادمة للشعب, لا متسلطة عليه. الدول المتقدمة تحاسب مسئوليها علي الصغائر قبل الكبائر, وتراعي حق المواطن الفقير قبل الغني, ومن يتجاوز في حقه يواجه بكل صرامة وقسوة, لذلك فقد ربحت ولاء شعوبها وانتماءها. كنا نظن أن زمن حكم الفرد قد انتهي إلي غير رجعة بعد ثورة25 يناير, ولكن لا يزال بعض الوزراء والمسئولين- علي حين غفلة من الرقابة- يمارسون أقصي درجات التسلط والأنانية والانتهازية, والاستفادة من المناصب, وما رواتب مستشاريهم منا ببعيد!! المزيد من مقالات محمود القيعى