حالة التسيب التى أصابت الإنسان المصرى انعكست على الأجيال الجديدة بل الأطفال الصغار ،الذين فقدوا القدوة دينا وأخلاقا وسلوكا ،ويظهر ذلك فى نموذج حادث هز القلوب عندما أطلق طفل فى إحدى مدن سوهاج فى الأسبوع الماضى الرصاص من مسدس تجاه طفلين كانا يلعبان معه فى الشارع ، ونقلت الأنباء أن الطفل اختلف مع الطفلين فى اللعب فما كان منه إلا أن ذهب إلى منزله وجاء بطبنجة والده المرخصة ، وأطلق النار على الطفل الأول وعمره تسع سنوات فقتل فى الحال ،أما الثانى فهو فى حالة خطرة الآن ، وتمكنت الشرطة من التحفظ على الطفل القاتل ، وهذا الموقف يثير كثيرا من التساؤلات حول حال الأسرة المصرية والذى يظهر فى مثل هذ الموقف النموذج ، فها هو رب الأسرة حريص على اقتناء السلاح فى منزله ، ضمن موجة الحرص على مشاركة المفاهيم السائدة للعنف ،حتى لو كان السلاح مرخصا ، فالأب حريص على تعليم ابنه استخدام السلاح وطريقة وضع الرصاص والتعمير أو سحب الأجزاء للرصاصة ،والثقة فى النيشان ، وفتح ذراع الأمان استعدادا لإطلاق الرصاص ، وهو مالا يعرفه أى شخص كبير إلا بعد الالتحاق بالخدمة العسكرية عادة ، ويعنى ذلك أنه لابد أن الأب درب ابنه الطفل الصغير عليها ، إضافة لأهم شئ فى الجريمة وهو غرس روح القتل والعدوان فى قلب وروح الابن البرئ ، والذى لا يدرك مايفعل بالتأكيد ، ثم بعد ذلك يدفع الطفل نتيجة حماقة الأب الذى يعتبر القاتل الحقيقى ، لأن تدريبه ليس على سبيل اللهو ، ولكن المقصود منه خلق إنسان عدوانى لا يتفاهم مع الآخرين ، وليس لديه استعداد للفهم والتفاهم إلا بمنطق السلاح والقتل ، حتى من يختلف معه فى اللعب ، لينهى الموقف والاختلاف حول لعبة كرة بطلقات الرصاص فى عرض الشارع ، ومع أن هذه الواقعة فردية إلا أنها تكشف حالة الاستهانة لدى بعض الأسر من إعطاء الطفل الحرية الكاملة فى أن يفعل ما يشاء ، فالمفترض عند الضرورة أن تكون الخزنة منزوعة من السلاح وعدم توافر الرصاص بها ليكون فى مكان بعيدا عن تناول أو رؤية الطفل ، فضلا عن توعيته بأخطار استخدام السلاح ومصير من يستخدمه ، والأحكام التى سيتعرض لها والتى تصل للإعدام ، وليس مجرد تعليم إطلاق الرصاص ، وهذا يكشف أيضا حالة الخلل فى الإعلام والدراما التى تجعل القاتل بطلا ،والسيدات (بالكباريهات) نماذج للمرأة المصرية المحترمة خاصة فى رمضان ، لتحقيق جذب المشاهد حتى لو هدمت المجتمع والأسرة . وواقعة أخرى قريبة لشاب دون العشرين من مدينة البدارى جاء للدراسة بجامعة خاصة بالقاهرة ، ونتيجة المال الكثير مع والده الذى يعمل بتجارة المساكن ، اشترى له مسدس نوعا من الرفاهية وإثبات الرجولة ، ليمشى به بين الناس وبالجامعة ، لأن هناك حالة تسيب تسمح للناس بحمل السلاح ، ورأى الابن والده فى شجار عادى مع عامل بالشارع لم يصل لحد العنف ، إلا أن هذا الشاب الطفل أخرج مسدسه وأطلق عليه الرصاص فقتله فى الحال ، وكان المفترض أن يسجن هذا الولد ، إلا أن والده دفع مليون جنيه فدية لأهل القتيل الغلبان وللكفالة ، ليؤكد لابنه ثانية أن الناس بلا ثمن أو أن ثمنهم فلوس ، وهى صورة أخرى تبين مدى اختلاف المفاهيم لدى الإنسان المصرى، وإنذار بأن المجتمع مقبل على كوارث أعلى ، وأن ما فى الباطن أو تحت السطح قنابل بشرية عاتية ، فلم يعد الآباء نموذجا حسنا للأبناء، بل ربما هم سبب كارثتهم الحقيقية ، فما معنى أن طفلا يمشى بالسلاح فى الشارع إلا أن يستخدمه فى أقرب فرصة . فالعقاب هنا إن شئنا العدل أن تكون المحاكمة للأب الذى أفسد هذا الإبن ، لأنه مثل الشريك المحرض على القتل ، يتساوى فى العقاب معه..لكن يفعلها الكبار ويقع فيها الأطفال. إن هذا يدعونا أن ندقق فى إعطاء المفاهيم للأبناء ، و بأن نكون نموذجا طيبا أمامهم ،لأنهم يستقون كل السلوكيات من الآباء ، وحتى لا نجنى عليهم فخطأ كل الطفل هو جريمة أسرته . لمزيد من مقالات وجيه الصقار