ثبات نسبي لسعر صرف العملات أمام الجنيه المصري بأسوان — الخميس 13 نوفمبر 2025    الإسكان: طرح 25 ألف وحدة عبر منصة مصر العقارية بتقسيط حتى 7 سنوات وسداد إلكتروني كامل    إنهاء أطول إغلاق حكومى بتاريخ أمريكا بتوقيع ترامب على قانون تمويل الحكومة    فلسطين سيئة وتل أبيب تبادلنا الود، تصريح مثير من وزير خارجية تايوان عن دول الشرق الأوسط    زلزال بقوة 4.6 درجات يضرب شمال شرقي الصومال    حالة الطرق اليوم، كثافة مرورية تشل المناطق الحيوية بالقاهرة والجيزة والقليوبية    أديل تخوض أولى تجاربها التمثيلية في "Cry to Heaven" للمخرج الشهير توم فورد    إسعاد يونس: أتمنى استضافة عادل إمام وعبلة كامل وإنعام سالوسة «لكنهم يرفضون الظهور إعلاميا»    وزير الخارجية: استمرار الحرب في السودان أمر موجع.. ومصر تتحرك لحماية وحدة الدولة الشقيقة    الصحة: خلو مصر من التراخوما إنجاز عالمي جديد.. ورؤية الدولة هي الاستثمار في الإنسان    10 صيغ لطلب الرزق وصلاح الأحوال| فيديو    صدام وشيك بين الأهلي واتحاد الكرة بسبب عقوبات مباراة السوبر    عوض تاج الدين: الاستثمار في الرعاية الصحية أساسي لتطوير الإنسان والاقتصاد المصري    مصمم أزياء حفل افتتاح المتحف المصري الكبير: صُنعت في مصر من الألف للياء    تراجع جديد.. أسعار الفراخ والبيض في أسواق الشرقية الخميس 13-11-2025    تنمية التجارة يتابع الأداء وتطوير الخدمات دعمًا لتحقيق رؤية مصر 2030    صاحب السيارة تنازل.. سعد الصغير يعلن انتهاء أزمة حادث إسماعيل الليثي (فيديو)    مؤتمر حاشد لدعم مرشحي القائمة الوطنية في انتخابات النواب بالقنطرة غرب الإسماعيلية (صور)    الولايات المتحدة تُنهي سك عملة "السنت" رسميًا بعد أكثر من قرنين من التداول    استخراج الشهادات بالمحافظات.. تسهيلات «التجنيد والتعبئة» تربط أصحاب الهمم بالوطن    فائدة تصل ل 21.25%.. تفاصيل أعلى شهادات البنك الأهلي المصري    عباس شراقي: تجارب توربينات سد النهضة غير مكتملة    أمطار تضرب بقوة هذه الأماكن.. الأرصاد تحذر من حالة الطقس خلال الساعات المقبلة    حبس المتهمين بسرقة معدات تصوير من شركة في عابدين    قانون يكرّس الدولة البوليسية .."الإجراءات الجنائية": تقنين القمع باسم العدالة وبدائل شكلية للحبس الاحتياطي    نجم الزمالك السابق: «لو مكان مرتجي هقول ل زيزو عيب».. وأيمن عبدالعزيز يرد: «ميقدرش يعمل كده»    حبس المتهم بقتل زوجته فى المنوفية بسبب خلافات زوجية    من «رأس الحكمة» إلى «علم الروم».. مصر قبلة الاستثمار    احسب إجازاتك.. تعرف على موعد العطلات الدينية والرسمية في 2026    غضب واسع بعد إعلان فرقة إسرائيلية إقامة حفلات لأم كلثوم.. والأسرة تتحرك قانونيا    إعلام: زيلينسكي وأجهزة مكافحة الفساد الأوكرانية على شفا الحرب    التفاف على توصيات الأمم المتحدة .. السيسي يصدّق على قانون الإجراءات الجنائية الجديد    القيادة المركزية الأمريكية: نفذنا 22 عملية أمنية ضد "داعش" طوال الشهر الماضي    قرارات جديدة بشأن مصرع وإصابة 7 في حادث منشأة القناطر    مرور الإسكندرية يواصل حملاته لضبط المخالفات بجميع أنحاء المحافظة    المستشار بنداري: أشكر وسائل الإعلام على صدق تغطية انتخابات نواب 2025    بتروجت: اتفاق ثلاثي مع الزمالك وحمدان لانتقاله في يناير ولكن.. وحقيقة عرض الأهلي    أبو ريدة: سنخوض مباريات قوية في مارس استعدادا لكأس العالم    الإنتاج الحربي يلتقي أسوان في الجولة ال 12 بدوري المحترفين    قفزة في سعر الذهب اليوم.. وعيار 21 الآن في السودان ببداية تعاملات الخميس 13 نوفمبر 2025    الاحتلال الإسرائيلي يشن سلسلة اقتحامات وعمليات نسف في الضفة الغربية وقطاع غزة    فيفي عبده تبارك ل مي عز الدين زواجها.. والأخيرة ترد: «الله يبارك فيكي يا ماما»    واشنطن تدعو لتحرك دولي عاجل لوقف إمدادات السلاح لقوات الدعم السريع    فرصة مميزة للمعلمين 2025.. التقديم الآن علي اعتماد المراكز التدريبية لدى الأكاديمية المهنية    بدء نوة المكنسة بالإسكندرية.. أمطار متوسطة ورعدية تضرب عدة مناطق    يقضي على ذاكرتك.. أهم أضرار استخدام الشاشات لفترات طويلة    النيابة العامة تخصص جزء من رسوم خدماتها الرقمية لصالح مستشفى سرطان الأطفال    محمود فوزي ل"من مصر": قانون الإجراءات الجنائية زوّد بدائل الحبس الاحتياطي    خبير لوائح: قرارات لجنة الانضباط «تهريج».. ولا يوجد نص يعاقب زيزو    تأكيد لليوم السابع.. اتحاد الكرة يعلن حرية انتقال اللاعبين الهواة بدون قيود    حيثيات حبس البلوجر «سوزي الأردنية»: «الحرية لا تعني الانفلات»    «يتميز بالانضباط التكتيكي».. نجم الأهلي السابق يتغنى ب طاهر محمد طاهر    قد يؤدي إلى العمى.. أعراض وأسباب التراكوما بعد القضاء على المرض في مصر    مقرمش جدا من بره.. أفضل طريقة لقلي السمك بدون نقطة زيت    قصر صلاة الظهر مع الفجر أثناء السفر؟.. أمين الفتوى يجيب    رئيس الإدارة المركزية لمنطقة شمال سيناء يتفقد مسابقة الأزهر الشريف لحفظ القرآن الكريم بالعريش    انطلاق اختبارات «مدرسة التلاوة المصرية» بالأزهر لاكتشاف جيل جديد من قراء القرآن    دعاء الفجر | اللهم ارزق كل مهموم بالفرج واشفِ مرضانا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



دكتور مصطفى حجازى للأهرام:
مصر تغادر ثنائية القهر والفوضى إلى مستقبل حقيقى
نشر في الأهرام اليومي يوم 19 - 06 - 2015

الدكتور مصطفى حجازى مفكر مصرى وخبير دولى فى مجال التخطيط الاستراتيجى وحوكمة الكيانات الاقتصادية وأول من تحدث عن «أنسنة الإدارة» وهو المستشار الاستراتيجى لرئيس الجمهورية السابق المستشار عدلى منصور..
ذهبنا إليه نحمل أسئلة كثيرة.. وعلامات استفهام.. دائما إجاباته مختلفة وعميقة.. سألناه عن ثلاثية الحلم والوطن والبشر وكيف تسير؟
تحدثنا عن الواقع الراهن.. عن المجتمع المصرى قبل ثورة 25يناير وحتى الآن.. عن الحلم والأمل، عن المستقبل والتحرك نحوه.. عن مدى رسوخ معنى الوطن داخل نفوس المصريين.. عن ترقى المجتمعات ودورتها.. عن الخائفين من المستقبل والخائفين على المستقبل.. عن الكتلة الحية فى المجتمعات.. عن حكم الإرادة وحكم الإدارة.. عن مسارات الأنهار ومسارات الشعوب والتشابه بينهما.. عن الحلول الجذرية والحلول التدريجية عن الفوضى المصنوعة التى تدمر المجتمعات.. عن سر تهديد داعش الذى يخيف العالم.. عن حروب الأمل الكاذب وحروب الأمل الأكذب.. وإليكم نص الحوار:

الحلم والوطن والبشر.. ثلاثية تحمل كل دعائم المستقبل ومساراته.. منذ بداية ثورة 25 يناير 2011 حتى هذه اللحظة.. أين نحن من هذه الثلاثية؟
بعيدا عن فكرة التفاؤل والتشاؤم , أو الحديث المباشر عن فكرة أن نقيس ما نريده بالتمنى أكثر منه بالأحلام.. هناك تقدم حقيقى على أرض الواقع يحدث، فى شأن كل إنسان مصرى أراد أن يستعيد مصريته فى 2011، وهذا ليس تعميما، كل من استطاع أن يعيد جزءا من إنسانيته فى 2011، حقق تقدما ما حتى ولو لم يشعر به فى هذه اللحظة، بمعنى فى 2011 كان هناك إعلان، أعلن فيها هذا المجتمع أن هناك حالة من حالات استعادة الإنسانية، وأن هذا المجتمع لن يرضى أن يعيش إلا بالحرية والعدل والكرامة بشكل أو بآخر، وأقصد هنا بالمجتمع، هو الكتلة الحية داخل المجتمع الأكثر نضجا من عموم المجتمع، وهذا شأن طبيعى فى كل المجتمعات فى الدنيا، هنا لا أ تحدث عن المجتمعات بكامل أعدادها، ولكن عن الكتلة الحية التى تمثل عقل ووجدان وسواعد الحركة التى تنتج وترقى هذا المجتمع، هذه الكتلة الحية أنبأت عن نفسها فى 2011، وتكاد تكون صنعت لنفسها إحصاء عدديا لأن عددهم تجاوز العشرة ملايين، وقررت أن تملك وطنا، بمعنى أنها تملك من هذا الوطن حلما وتاريخا وثقافة ومستقبلا، ترفض منه تجليات استبداد وفساد سياسى واقتصادي، وكان أحد الشواهد التى يمكن أن تكون دالة جدا، أن فى نفس اللحظة التى كان يحرق فيها مبنى الحزب الوطنى فى ميدان التحرير، على بعد خطوات منه كان هناك كوردون من المصريين يحمون المتحف المصري، هنا نحن فى لحظة ما كان هناك وضوح لفكرة «الوطن»، كان البشر الموجود فى هذه اللحظة يتمثل فى الحلم بوطن جديد، وبالتالى المستقبل يرسم أو ينبئ عن نفسه بشكل أو بآخر، فى هذه الميادين رفض المصريون الماضي، لأن فى هذه اللحظة هناك ماض مات ويرفض أن يتحلل تماما حتى هذه اللحظة، وهناك مستقبل ولُد، هذا المستقبل أنبأ عن نفسه بهذه الملامح الثلاثة.. كان هناك بشر فى الميدان يستعيدون إنسانيتهم، يعلنون عن حلم ما بمفردات معينة (عيش حرية عدالة اجتماعية كرامة إنسانية)، ثم يتمثلوا لوطن هم يرسمون ملامحه.
وفى المستقبل لن يكون وجود لحلم بدون عقل لأى وطن، والوطن ليس جغرافيا فقط، الوطن والبشر يصنعوا أمة، الوطن والحلم يصنعوا دولة، الحلم والبشر يصنعوا الانسان، ونحن كان لدينا حلم وبشر فى الميادين من صنع الإنسان، كان لدينا ملامح حلم لوطن يتكون، وهذا كان يدشن لوجود دولة قادمة، وكان لدينا وطن وبشر يقولوا: نحن أمة لم تمت، أمة مصرية لم تمت قبل الدولة وقبل أى شيء آخر، يوجد داخل الوجدان المصرى صوت يقول: أنا إنسان أملك هذه الأرض ماضيها وحلمها ومستقبلها قبل امتلاكى لجغرافيتها.. وأريد أن أحيا فيها إنسانا، وبالتالى أى حركة فى اتجاه المستقبل تحتاج لهذه المنظومة أن تكون مكتملة دائما, و ولذلك يجب دائما أن نسأل عن الحلم، عن درجة إنسانية من يحملوا مسئولية هذا الحلم.. ثم مدى رسوخ معنى الوطن فى داخل نفوس هؤلاء، حتى نستطيع أن نقول كيف سيتحقق ومدى كفاءته والوقت الذى سيستغرقه.
أعود وأسأل ما الذى تحقق من هذه الثلاثية.. وهل نسير على الطريق الصحيح؟
بداية.. لابد أن أقول إن المجتمعات حين تترقي، تترقى فى ما يسمى بدورات كاملة من الترقي، لابد من اكتمال دورة كاملة تسير من مستوى إلى مستوى أرقي، بكل ما تحمل من تحديات وأخطاء، بمواجهة جديدة، ثم يمارس هذا الجديد ويقتحمه، ثم يخطأ فى شأن هذا الجديد، لأنه بالنسبة له جديد، ثم يعاد لتقييم نفسه عما فعل، ليبدأ خطوة أخري، وهذا ما حدث فى أول 2011، ثم فى نوفمبر 2011، ثم فى يونيو 2013، فى كل مرة, أيا كانت الإدعاءات وأيا كانت التصورات، أن الفعل الذى حدث فى يناير 2011، كان بفعل تصورات أحد، أو تنظيمات أحد، أو أموال أحد، أو مؤتمرات أحد، فهذا خطأ وأسميه أنا «بالوثنية السياسية»، لكن الحقيقة أن هناك حلما إنسانيا ورغبة فى استعادة الإنسانية واعتمدت فى صدور قطاع حى من المصريين، قرروا أن يتمثلوها على الأرض فى شكل دولة، وخلعوا العقبة التى كانت تحول بينهم وبين الحلم، وهى كانت نظام مبارك فى ذلك الوقت، وبدأوا مسارا تجاه المستقبل، لكنه تعثر، والسبب أن خبرتهم بما يلزم أن تكون عليه حياتهم لم يمارسوها على ما يلزم أن تكون عليه، فاستخدموا أدوات قديمة أو أقحمت عليهم أدوات الماضى القديم، أو استخدمت معهم مؤسسات الماضى القديم، فأصبحوا كمن يريد أن يصنع شيئا جديدا مبتكرا، ولكنه يصنع شيئا قديما معروفا، مثال على ذلك ، أ ننا نريد أن نصنع جهازا تليفزيونيا جديدا شاشته مسطحة ورقيقة، ولكننا أثناء التصنيع اكتشفنا أننا نعيد صناعة جهاز التليفزيون القديم ذى الصندوق الضخم.
وقد تم اكتشاف بعد الخطوة الأولى أن من حيث التسمية نحن نقوم بصناعة جهاز يصدر صورة، لكن استخدامات هذا الجهاز تغيرت لم يعد يصلح ما فى الماضى أن يكون فى الحاضر.. هناك تغيير جذرى فى كل شيء، أصبح هناك ما يسمى بالشراكة والتفاعل فى الحكم، أصبحت هناك علاقة مباشرة بين الكتلة الحية فى المجتمع وبين سلطتها، وهو ما أطلقت عليه طبقة الحكام الجدد، وهذه الطبقة ليست وليدة اليوم، إنما بدأت منذ بداية وجود الدولة القطرية فى القرن السابع عشر، ظهرت بعد سنة 1600، وهى فكرة الحق الإلهى للملوك، هناك ملك يولى من قبل الله سبحانه وتعالى ,وتكون له رغبة تؤمن بحقه الإلهى فى الملك, بدأ ما يسمى بالدولة القطرية، ثم بدأ بعد الثورة الفرنسية ما يسمى بالعقد الاجتماعي، ثم بدأ بعدها اتجاه البشرية للنضج، وهذا ينطبق على المصريين، كلما نضجت البشرية نضجت الطبقة القادرة على التأثير فى الحياة فى زيادة شركتها فى إدارة شأن حياتها، وبالتالى تصبح السلطة شراكة، وهنا يصبح الحكم نوعين: حكم الإدارة وهو موجود فى السلطة لصاحب القرار ويوجد ما يسمى «حكم الإرادة»، وهو حكم القدرة على التأثير، وهو موجود لمن لديه القدرة على التأثير فى المجتمع من باب أهليتهم وليس من باب سلطتهم.. طبقة الحكام الموجودة فى المجتمع، هذه الطبقة أصبحت موجود، ولكن ظهرت بقوة أكبر، وبإقدام أكبر، وبمسئولية أكبر فى 2011و2013، وهذه الطبقة شاءت أم أبت، هى صاحبة المسئولية فى هذا المجتمع، لأنها أصبحت فيما أسميه «العاقل العائل»، أصبحت صاحبة المسئولية من أجل أن مجتمعها لن يجد من يعتمد عليهم غيرهم، وبما أنهم العاقل والعائل، ففى هذا الإطار أصبح هناك تقدم يحدث، بمعنى أن الأحداث التى تراكمت مثلما أنضجت هؤلاء، وقد تكون التراجعات التى نراها تحدث على مستويين، لأن المجتمعات كالبشر تنضج فى سن معينة، فالإنسان يمر بمرحلة الطفولة ثم مرحلة المراهقة ثم النضج ثم الرشد، وهناك فصيل من هذا المجتمع، مستوى الوعى لديه يتعامل مع الواقع بإعطاء فرصة، لا أريد أن أسميه خطأ وإنما أسميه النبل السياسى أو النبل الانسانى الذى تعامل فيه المستقبل مع الماضي، وهو أنه أفسح للماضى فرصة تلو الأخرى لكي‮ ‬ينسحب من المشهد دون أن‮ ‬يزاح،‮ ‬وفي ‬كل مرة أصر الماضى أن‮ ‬يكون جزءاً‮ ‬من المستقبل،‮‬وهو أقرب إلى الموت،‮ ‬أزاحه المستقبل ازاحة خشنة،‮ ‬على مدار ثلاث مرات فى خلال أربع سنوات،‮ ‬هذه الازاحة الخشنة لا تنم عن شيء إلا ان هذا المستقبل‮ ‬يمارس فعله الطبيعى وهو‮ »‬التيار الرئيسي‮« ‬وهو تيار هادر قرر أنه لديه مشهد واحد ومأل واحد فى الحياة‮.. ‬مشهد انسانى ومأل إنساني‮.. ‬يحيا بالحرية وبالعدل وبالكرامة،‮ ‬وأصبحت هذه الحالة أشبه بشلال هادر‮.. ‬وكان‮ ‬يوجد سد من الاستبداد‮ ‬يمنع هذا الفيضان من التحرك،‮ ‬لكي‮ ‬يطهر الأرض المصرية ويجعلها فى حالة سريان وليس ركود،‮ ‬كل من حاول على مدار أربع سنوات أن‮ ‬يحول هذا الفيضان أو هذا الشلال الى مستنقعات،‮ ‬أقتلعه هذا الشلال من طريقه،‮ ‬كل من أراد أن‮ ‬يسير ضد سنة الله فى خلقه،‮ ‬فبدلا من أن‮ ‬يكون هو جزءاً‮ ‬من مسار هذا التيار،‮ ‬يقف أمامه اصابة العنت،‮ ‬لان هذا سنة قدرية,
الشلال تحرك ولن‮ ‬يتوقف , المجتمع لفترة ساهم لفكرة السكون والركود بغية الأمن،‮ ‬وبغية سهولة الحياة،‮ ‬والصبر على ما ليس طبيعي, بغرض أن تكون الأمور والحياة أقل كلفة وأقل خطورة،‮ ‬وحياة تكون أسهل وأكثر كسلاً‮ !!‬،‮ ‬لكن هذه الحالة لا‮ ‬يمكن أن تصل بنا الى بناء جديد،‮ ‬فأنتهى الحال بأن حالة الركود الشديدة أنفجرت‮.. ‬وبدأ الشلال الهادر‮ ‬يتحرك،‮ ‬وحتى لو هذا الشلال له تفريعات بسيطة،‮ ‬قد نسميها إحباط أو مصالح أو تدليس أو تضليل،‮ ‬لكن‮ ‬يبقى الجزء الأساسى من هذا التيار الهادر مستمر والحكمة تقتضى عند التعامل مع الظواهر الطبيعية مثل الانهار،‮ ‬أولاً‮ ‬أننا لا نقرر للنهر مساره‮.. ‬لكن نحن نيسر عليه مساره لكى لا‮ ‬يفيض ولا‮ ‬يجور على ماحوله فقط‮. ‬إنما مسارات الأنهارلا‮ ‬يقرر لها،‮ ‬هى تقرر بشأن نفسها،‮ ‬كذلك حركة الشعوب فى المستقبل،‮ ‬هى قررت لنفسها وفقاً‮ ‬للانسانية،‮ ‬من قرر التعامل معها باعتبارها حالة انسانية ,فيبنى على هذه الانسانية فهى ستستجيب له وتعطيه أفضل مالديها‮.. ‬من أراد أن‮ ‬يقاوم هذه الانسانية أو‮ ‬يقف فى طريقها ويتعامل مع البشر باعتبارها بطوناً‮ ‬تمشى على الأرض أو كأنها ببغاوات أو ماكينات تنتج وليسوا بشر،‮ ‬لن‮ ‬يأنس فى وجود ببغاوات ولن‮ ‬يستقيم إذا تعامل انهم بطوناً‮ ‬ولن تستمر الحياة باعتبارهم ماكينات،‮ ‬وانها ستتحول الحياة إلى مسوخ،‮ ‬والحياة بهذا الشكل لابد أن تؤدى لحالة من الانفجار والتململ الدائم أو حالات من الفوضى الغير مبررة وغير مقدرة أيضاً،‮ ‬فالتعامل مع الناس باعتبارهم بشر أقل كلفة وأقل عنتاً‮ ‬وأكثر انتاجاً‮ ‬وأقرب إلى الصواب والصلاح وإبتغاء وجه الله‮..‬
الاهرام: فى رأيك ماأخطر المشاكل التى تواجه الدولة ؟ ماأخطر هذه الأزمات ؟‮ ‬والتي ‬علينا سرعة التحرك لحلها ولتغلب عليها ؟
فى مجتمع أعوجت فيه فطرته،‮ ‬بمعنى أن معايير كثيرة لديه لم تعد صحيحة،‮ ‬هنا الخطوة الأولي‮.. ‬لابد أن‮ ‬يعرف هذا المجتمع ويستقبل ويستشرف ويقبل المعايير الانسانية الفطرية فى كل شيء،‮ ‬بمعنى فرق كبير بين أن أتكلم عن حلول جذرية للمشاكل والتدرج فى الحل الجذرى والتدرج لا‮ ‬يعنى السطحية،‮ ‬والحل الجذرى لا‮ ‬يعني ‬الصدام،‮ ‬نحن لدينا مشاكل فى كل مؤسستنا ,والمؤسسة لا أعنى بها هيئة أو مؤسسة أو ادارة ,اقصد بالمؤسسة فلسفة حياة،‮ ‬بمعنى ان مؤسسة التعليم المصرى هى فلسفة التعليم المصرى هو سؤال لماذا ؟ قبل سؤال كيف ؟ لماذا نعلم فى مصر ؟ النتيجة الحتمية الاجابة سؤال لماذا ؟ هى ستنسحب بالضرورة على شكل المدرسة وعلى طبيعة الوظيفة داخل حركة الطلبة والمدرسين،‮ ‬على نوعية المدرس،‮ ‬على وسائط التعليم،‮ ‬على نوع المعرفة وقياس الترقى الذى سيخرج من المنتج التعليمي‮.‬
وفى رأيى اجابة لماذا فى كل المؤسسات لماذا نعلم ؟ لماذا نداوى ؟‮ ‬
وهنا قبل ذلك لابد من سؤال أبسط هو من نعلم ؟ هل نعلم بشراً‮ ‬أن دون البشر ؟ هل نحن نداوى بشر ؟ أم دون البشر ؟
ماالفرق بين البشر ودون البشر ؟ الفرق هو عندما اتحدث عن البشر هنا اتحدث عن إنسان له عقل ووجدان،‮ ‬العقل والوجدان جزء أساسى من بناء ‬أى منظومة تتعامل مع الكائن هذا لكائن لا‮ ‬يحيى فقط بالماء أو الغذاء شأنه شأن الكائنات الأخري،‮ ‬حتى فى التسمية أسم الطعام فى اللغة الانجليزية‮ »‬Food‮,ولكن بالنسبة للحيوان feed« ‬عند البشر ليس القضية توفير رغيف الخبز لكن المهم على أى نحو من الانسانية سيأتى رغيف الخبز،‮ ،‮ ‬ان لم تكن المنظومة تبدأ فى تأهيل نفسها فى طلب على أنها منظومة كرامة بالأساس ومنظومة عدل بالأساس,‮ ‬يتم بناؤه على منظومة تحرر بشر وإحساسهم بأنفسهم لن‮ ‬يكون هناك حل لمشكلة رغيف الخبز‮.. ‬يوجد توفير للرغيف بنوع ما،‮ ‬إنما حل مشكلة الخبز تبدأ عند حل مشكلة الخبز باعتبارها مشكلة مجتمع إنسانى بالأساس،‮ ‬حينما نتحدث عن فكرة الكرامة فى إيجاد رغيف الخبز‮.‬وهنا لابد أن أتحدث عن مفهوم‮ «‬الضرورات والكفايات‮» ‬الضرورة ضرورة وتبقى فى كل الأحوال لازمة ومن‮ ‬غير الكفايات لا‮ ‬يتم المطلوب‮.‬
بمعنى انه لا‮ ‬يحدث انجاز بالضرورات فقط بمعنى ان الضرورات فى التعليم أن‮ ‬يلتحق التلميذ أو التلميذة بمؤسسة تعليمية أو‮ ‬يقرر أن‮ ‬يتم تعليمه بالمنزل،‮ ‬والسؤال هنا هل معنى التحاقه بالمدرسة أنه تعلم ؟لا
فى منظومةالخبز نفس الأمر،‮ ‬لو أنا أتحدث عن ان شوال القمح ضرورة وجود الفرن ضرورة،‮ ‬وقد‮ ‬يكون الوقوف فى الطابور ضرورة،‮ ‬وقد‮ ‬يكون الوقوف فى الطابور ضرورة وقد‮ ‬يكون عدم وجود طابور هذه هى الضرورة الأكبر‮.. ‬لأن هذا معناه الاهتمام بالكرامة الانسانية‮..‬
لأننى وأن أحل هذه المشكلة قد أحيل المجتمع الى مجتمع الغابة مرة أخري, وبخلق أجواء سلبية كثيرة وأحاول أوجهه لحالة البقاء للبقاء،‮ ‬وصراع البقاء كأنه في‮ ‬غابة مفتوحة،‮ ‬وهنا‮ ‬يتحول القتال فى المجتمع ليس نتيجة العوز فقط وإنما نتيجة الايعاز بالفوضي‮.. ‬أو بمعنى أخر الفوضى المصنوعة لتجعل الفوضى مركبة والغريب فى الموضوع،‮ ‬ان مبارك كان‮ ‬يحكم بالفوضي،‮ ‬وأدواته الأساسية فى الحكم كانت هى الفوضي،‮ ‬وكان‮ ‬يحكم‮ «‬بثنائية القهر والفوضي»‬،‮ ‬هو‮ ‬يقهر ولكن‮ ‬يترك المجتمع فى مساحة للفوضى مدمرة للمجتمع ذاته‮..‬
الاهرام: لماذا ؟
لكي‮ ‬يتم استنزاف المجتمع‮..‬والفوضى أنواع بما فيها حتى الفوضى المبدعة،‮ ‬حالة الافراط الشديد فى وجود الجمعيات الأهلية التى تقوم على فكرة الوجاهة ‬الاجتماعية ‬أو ‬اعادة ‬تدوير ‬الأموال, ‬أمر ‬تجفيف ‬منابع ‬الاموال ‬التي ‬قد ‬تذهب ‬لاصلاح ‬المجتمع ‬وتحويلها ‬لهياكلa ‬شكلية ‬تتحدث ‬في ‬شأن ‬الاصلاح ‬ولكنها ‬لا ‬تصلح ‬هذا ‬نوع ‬من ‬انواع ‬الفوضي، ‬يوجد ‬ايضا ‬الفوضي ‬المستنزفة ‬وهو ‬أن ‬كل ‬شيء ‬في ‬المجتمع ‬يصبح ‬عنتا، ‬التحرك ‬في ‬الشارع ‬به ‬صعوبة ‬التعلم ‬به ‬صعوبة، ‬وحتي ‬لو ‬كانت ‬الامور ‬تحتاج ‬إلي ‬قدر ‬بسيط ‬من ‬الاصلاح ‬فتترك ‬هكذا، ‬احيانا ‬الفارق ‬اننا ‬نفقد ‬من ‬حياتنا ‬ثلاث ‬ساعات ‬في ‬المرور ‬يوميا ‬مع ‬أن ‬الامر ‬يمكن ‬أن ‬يكون ‬له ‬حل.‬
وبعد ‬ذلك ‬أصبحت ‬الفوضي ‬جزء ‬من ‬مركب ‬التفكير، ‬واصبح ‬البحث ‬عن ‬مخارج ‬للحلول ‬تكتنفها ‬الفوضي ‬فيحدث ‬اجتماعات ‬وتنفض ‬ويجتمع ‬مسئولين ‬لكن ‬في ‬النهاية، ‬المحرك ‬الاساسي ‬الذي ‬يفكروا ‬فيه ‬هو ‬حالة ‬من ‬الفوضي، ‬فوضي ‬موروثة ‬, في ‬اغلب ‬الاحوال ‬قد ‬توجد ‬اجتماعات ‬تمتد ‬ساعات ‬طويلة ‬ولكن ‬وجود ‬اجتماع ‬بدون ‬اجندة ‬أو ‬بأجندة ‬غير ‬معلنة ‬وهذه ‬ما ‬أسميها ‬البيروقراطية ‬التي ‬أصبحت ‬دينا ‬في ‬هذا ‬المجتمع، ‬وان ‬تكون ‬الحالة ‬كلها ‬هي ‬حالة ‬تبادل ‬معلومات ‬بما ‬يسعد ‬الرؤساء, ‬لكن ‬القضية ‬الاساسية ‬غير ‬مطروحة ‬تكاد ‬تكون ‬مطروحة ‬شكلا, ‬لكن ‬للاسف ‬المحرك ‬الاساسي ‬البيروقراطية.‬
هى ‬توظيف ‬واحد.. ‬وهو ‬كيف ‬تسعد ‬من ‬يرأسك؟ ‬وبالتالي ‬القضية ‬الفعلية ‬لتطور ‬المجتمع ‬غير ‬موجودة.. ‬مؤجلة، ‬والابداع ‬يعجز ‬في ‬هذه ‬المجتمعات.‬
هنا ‬يسمي ‬الاصلاح ‬المؤسسي ‬الجذري, ‬وفي ‬دنيا ‬السياسية ‬وفي ‬عالم ‬الاجتماع ‬السياسي ‬اسمه ‬العدالة ‬الانتقالية.‬
مازال ‬مفهوم ‬العدالة ‬الانتقالية ‬غير ‬واضح.. ‬ماذا ‬تقصد ‬بالعدالة ‬الانتقالية؟
في ‬البداية ‬محتاجون ‬نوضح ‬لكل ‬أمر ‬مفهومه ‬ومصطلحه ‬القانوني.‬,المصطلح ‬القانوني ‬لمصر ‬هو ‬أننا ‬دولة، ‬بمفهوم ‬الدولة ‬
مثل ‬فكرة ‬الابوة ‬البيولوجية، ‬هذه ‬لها ‬معيار ‬قانوني ‬للأبوة ‬والنبوة، ‬فالشأن ‬القانوني ‬شيء ‬وحقيقة ‬المفاهيم ‬أمر ‬أخر.‬وأنا ‬أسأل ‬لماذا ‬توجد ‬العدالة ‬الانتقالية ‬في ‬أي ‬مجتمع؟
لماذا ‬صك ‬هذا ‬التعبير, ‬لأن ‬في ‬مرحلة ‬الانتقال ‬الجذري ‬الذي ‬نحن ‬فيه، ‬نحن ‬أمام ‬مستقبل ‬يعدو ‬يتوعد.‬مستقبل ‬يعد ‬بالحقيقية ‬ويتوعد ‬بالحقيقة, ‬بمعني ‬انه ‬لن ‬يأتي ‬بدونهما ‬ولن ‬يأتي ‬بغيرهما ‬وفي ‬لحظة ‬الانتقال ‬إلي ‬المستقبل ‬يكون ‬هناك ‬نوعان ‬من ‬البشر، ‬وهما ‬الخائفين ‬من ‬المستقبل ‬والخائفين ‬علي ‬المستقبل..‬,والعدالة ‬الانتقالية ‬وجودت ‬في ‬الغالب ‬من ‬أجل ‬الخائفين ‬من ‬المستقبل.‬,لأن ‬الخائفين ‬علي ‬المستقبل ‬دائما ‬يعملون ‬من ‬أجل ‬هذا ‬المستقبل ‬وعلي ‬الخائفين ‬علي ‬المستقبل ‬ ‬ان ‬يقرروا ‬من ‬سيكون ‬صاحب ‬العقد ‬والحل ‬في ‬الاجابة ‬عن ‬سؤال ‬فلسفة ‬التعليم ‬والاقتصاد ‬والاعلام ‬والامن ‬والسياحة ‬,علي ‬أي ‬معيار ‬سيتم ‬الاختيار؟ ‬
إن ‬المواطن ‬الذي ‬كان ‬يتقبل ‬مني ‬معني ‬ما، ‬مبني ‬علي ‬جهله ‬بالحقائق، ‬ما ‬يراه ‬الآن ‬من ‬حقائق، ‬وما ‬يملكه ‬من ‬معايير ‬قياس ‬يجعله ‬يرفض ‬ما ‬كان ‬يقبله ‬سابقا، ‬وبالتالي ‬كان ‬من ‬الممكن ‬أن ‬يدار ‬هذا ‬الوطن ‬بقدر ‬من ‬الأحلام ‬السياسية ‬والاقتصادية.. ‬أيام ‬الأيديولوجية.. ‬وكان ‬يدار ‬بكرنفالات ‬سياسية، ‬وموالد ‬سياسية، ‬فيما ‬مضي، ‬لكن ‬بالتأكيد ‬في ‬مصر ‬ما ‬بعد ‬الصناعة ‬أصبح ‬أكثر ‬وعيا، ‬ويراد ‬له ‬في ‬كل ‬الأحوال ‬أن ‬يقمع ‬أهل ‬العقل ‬والمنطق، ‬إما ‬بأهل ‬العاطفة ‬وإما ‬بأهل ‬المصلحة، ‬ولكن ‬هذا ‬لا ‬يدوم ‬طويلا، ‬خاصة ‬لو ‬أن ‬المجتمعات ‬كانت ‬مجتمعات ‬حية ‬وتتوجه ‬للمستقبل. ‬فكرة ‬قمع ‬الناس ‬بالناس، ‬ ‬لا ‬يدوم ‬طويلا.. ‬لأن ‬هذا ‬يحول ‬البشر ‬إما ‬إلي ‬مسوخ ‬تأكل ‬كل ‬ما ‬حولها ‬مثل ‬حالة ‬داعش، ‬وهذه ‬ظاهرة ‬حقيقية ‬والعالم‬ يخشها ‬الآن
الاهرام :‬ظاهرة ‬داعش ‬التى ‬يخشيها ‬العالم ‬الآن ‬كيف ‬تتم ‬مواجهتها؟
داعش ‬تكسب ‬أرضا ‬في ‬العالم، ‬وتنتصر ‬علي ‬كثير ‬من ‬تابوهات ‬العالم ‬بأمرين، ‬بعيدا ‬عن ‬البعد ‬التآمري، ‬وأنها ‬صناعة ‬أمريكية.. ‬هذان ‬الأمران ‬هما ‬الكبرياء ‬والأمل.‬
داعش ‬تكتب ‬شعارها ‬‮«‬باقية ‬وتتمدد‮»‬، ‬وتكتب ‬علي ‬ما ‬تسميه ‬وثيقة ‬السفر ‬الخاصة ‬بها ‬نسير ‬الجيوش ‬لحامل ‬هذه ‬الوثيقة.‬,أتذكر ‬حوار ‬دار ‬بيني ‬وبين ‬مسئول ‬دولي ‬كبير ‬منذ ‬أيام، ‬هنا ‬الرجل ‬يري ‬أن ‬كثيرا ‬من ‬الشباب ‬الموجودين ‬في ‬المجتمعات ‬الأكثر ‬استقرارا ‬يذهبون ‬إلي ‬داعش ‬لأن ‬هذا ‬الشباب ‬لديه ‬خواء ‬روحي، ‬لديه ‬إحساس ‬أن ‬الخطاب ‬الذي ‬سيوجه ‬إليه ‬خطاب ‬غير ‬مقنع، ‬وبالتالي ‬الدول ‬الأكثر ‬تقدما ‬تفلس ‬في ‬خطابها ‬مع ‬شبابها، ‬هنا ‬المعني ‬الذي ‬نريد ‬أن ‬نصل ‬إليه، ‬أنه ‬في ‬قديم ‬الوقت ‬كان ‬أسلاف ‬هؤلاء ‬الشباب ‬الذين ‬عاشوا ‬في ‬كنف ‬الاشتراكية ‬أو ‬الرأسمالية، ‬كانوا ‬يقبلوا ‬بوعد ‬كاذب، ‬إنما ‬الشاهد ‬الذي ‬نراه ‬الآن ‬هم ‬لا ‬يقتنعوا ‬إلا ‬بما ‬هو ‬مقنع ‬الآن، ‬وعلينا ‬أن ‬نذكر ‬أنفسنا ‬أنه ‬في ‬الوقت ‬الذي ‬حدثت ‬فيه ‬25 ‬يناير ‬في ‬مصر، ‬حدثت ‬أيضا ‬حركة ‬احتلال ‬لميدان ‬وال ‬ستريت، ‬وحركة ‬احتلال ‬لميدان ‬فرانكفورت، ‬وحركة ‬احتلال ‬لميدان ‬هونج ‬كونج، ‬فكرة ‬الخروج ‬للشارع ‬والثورة ‬هي ‬محاولة ‬لنقض ‬ونقد ‬الفلسفة ‬التي ‬تحكم، ‬المقولة ‬التي ‬تصدر ‬للشباب ‬الذي ‬يتصدر ‬الشوارع ‬في ‬هذه ‬الدولة: ‬أن ‬ما ‬تقوله ‬لنا ‬حكوماتنا ‬غير ‬مقنع، ‬وأنها ‬لن ‬تستطيع ‬أن ‬تصدر ‬لي ‬حكما ‬زائفا، ‬أو ‬تصدر ‬لي ‬وهما، ‬هذا ‬هو ‬السبب ‬الذي ‬جعل ‬مئات ‬الألوف ‬من ‬الشباب ‬يتركون ‬بلادهم، ‬ويذهبوا ‬إلي ‬تنظيم ‬داعش.‬
إذا ‬كان ‬هؤلاء ‬الشباب ‬يتركون ‬بلادهم ‬لأن ‬حكوماتهم ‬تصدر ‬لهم ‬وهما ‬وكذبا.. ‬أيضا ‬تنظيم ‬داعش ‬يصدر ‬لهم ‬أملا ‬كاذبا؟
في ‬حروب ‬الأمل ‬الكاذب ‬الأمل ‬الأكذب ‬ينتصر، ‬لو ‬أن ‬الشاب ‬وصل ‬إلي ‬اقتناع ‬بأن ‬حكومته ‬ونخبته ‬تكذب، ‬وتنظيم ‬داعش ‬أيضا ‬يكذب، ‬وعليه ‬أن ‬يسير ‬في ‬ركاب ‬كذبة ‬ما.‬
السؤال ‬هنا: ‬هل ‬يسير ‬في ‬ركاب ‬الكذب ‬التي ‬ستمنحه ‬إحساسا ‬أكبر ‬بذاته ‬وطاقته، ‬أم ‬يسير ‬في ‬ركاب ‬الكذبة ‬التي ‬تقهره ، ‬الكذبة ‬في ‬مجتمعه ‬تكبله ‬بالقوانين ‬والعادات، ‬أما ‬كذبة ‬داعش ‬فتمنحه ‬الخلافة، ‬وبأنه ‬سلطان، ‬وتقول ‬له ‬أنت ‬ملك لك ‬ما ‬تريد ‬وقتما ‬ ‬تريد، ‬أنت ‬تحكم ‬في ‬هذه ‬الأرض.. ‬هنا ‬الأمل ‬الأكذب ‬ينتصر.‬
داعش ‬تصدر ‬لهؤلاء ‬الأسطورة ‬في ‬غلاف ‬الدين.. ‬وتصدر ‬لهم ‬ثراء ‬التجربة ‬والذهاب ‬إلي ‬العالم ‬المجهول ‬وخوض ‬تجربة ‬جديدة ‬مثيرة.‬
الاهرام :كيف ‬يمكن ‬معالجة ‬ظاهرة ‬داعش؟ ‬وكيف ‬يمكن ‬التغلب ‬عليها؟
لا ‬يمكن ‬معالجة ‬خطر ‬داعش ‬باعتباره ‬ظاهرة ‬إجرامية، ‬خطر ‬داعش ‬عبارة ‬عن ‬ظاهرة ‬لتغير ‬نفسي ‬حدث ‬في ‬إطار ‬الشعوب، ‬وعلينا ‬أن ‬نفصل ‬بين ‬أمرين: ‬الاستعداد ‬لتبني ‬الخطأ، ‬ومن ‬يسهل ‬هذا ‬الخطر ‬نفسه.. ‬ما ‬الأسباب ‬الموضوعية ‬التي ‬تجعل ‬الإنسان ‬منحرفا، ‬ثم ‬الأدوات ‬والمسارات ‬التي ‬ساقته ‬للانحراف، ‬هناك ‬إطار ‬نفسي ‬يجعل ‬الإنسان ‬أقرب ‬لفكرة ‬استحلال ‬الإجرام.‬
داعش ‬هي ‬حالة ‬من ‬التجليست ‬لإخفاق ‬المجتمعات ‬الإنسانية ‬في ‬أن ‬تكون ‬مجتمعات ‬صادقة، ‬وحتي ‬في ‬أكثر ‬المجتمعات ‬تقدما، ‬مثال ‬علي ‬ذلك ‬الديمقراطية ‬الغربية ‬رغم ‬محاسنها ‬الشديدة، ‬فإنها ‬قاصرة ‬وعلينا ‬نحن ‬إيجاد ‬وسيلة ‬أخري ‬لكي ‬يكون ‬لدينا ‬دور ‬لحكم ‬الإرادة.. ‬لكن ‬الديمقراطية ‬الغربية ‬هي ‬ديمقراطية ‬تمثيلية، ‬بالإضافة ‬إلي ‬ديمقراطية ‬النخب ‬بشكل ‬أو ‬بآخر، ‬ومع ‬زيادة ‬وعي ‬الشعوب ‬يبدو ‬أمام ‬الناس ‬حجم ‬الكذب ‬والخداع ‬الذي ‬يعيشون ‬فيه، ‬وهؤلاء ‬يروا ‬أن ‬الوعد ‬الذي ‬كان ‬أمامهم ‬في ‬وقت ‬عصر ‬الصناعة ‬يتساقط ‬أمامه، ‬فيبحث ‬عن ‬بديل، ‬ويحدث ‬ملل ‬أكثر ‬من ‬الحكومات ‬ومن ‬النخب، ‬ويبدأ ‬البحث ‬عن ‬شيء ‬آخر. ‬الخطأ ‬الأساسي ‬هنا ‬هو ‬قصور ‬داخل ‬المجتمعات ‬بالأساس، ‬قصور ‬في ‬الرعاية ‬الأساسية.. ‬اصطدام ‬مع ‬فكرة ‬إنسانية ‬البشر.‬
بعد ‬قليل ‬فشلت ‬هذه ‬الأنظمة ‬التعامل ‬مع ‬الإنسان ‬علي ‬أساس ‬كونه ‬إنسانا، ‬وحين ‬تسحب ‬من ‬الإنسان ‬إنسانيته، ‬فهنا ‬يتحول ‬الإنسان ‬إلي ‬كائن ‬مسخ.. ‬هذا ‬الكائن ‬المسخ ‬زرع ‬في ‬داعش.. ‬زرع ‬في ‬المجتمعات ‬العربية ‬والغربية ‬علي ‬حد ‬سواء، ‬وللأسف ‬نصيبنا ‬نحن ‬في ‬المجتمعات ‬العمرانية ‬من ‬الزراعة ‬الخبيثة ‬كان ‬أكثر ‬من ‬كل ‬العالم.. ‬لأننا ‬نعيش ‬في ‬حالة ‬صدام.‬,نحن ‬حتي ‬الآن ‬لم ‬نحل ‬صدام ‬العقل ‬والخرافة ‬وادعاء ‬التدين.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.