منذ أن أطلت أمريكا برأسها على ساحة الشرق الأوسط عقب انتهاء الحرب العالمية الثانية فإن مفاتيح التعامل الأمريكى مع قضايا المنطقة مازالت تحمل اسم «حافة الهاوية» وإن تبدلت الأساليب من إدارة لأخرى فالمهم هو العمل على إبقاء المنطقة بشكل دائم فوق بركان ساخن مؤهل للاشتعال فى اللحظة التى تراها أمريكا لحظة مناسبة وساعتها يبدأ الغزل الأمريكى بالترغيب والترهيب لتخيير شعوب المنطقة بين طلب الإنقاذ على يد واشنطن أو القبول بأن تأتى النيران على كل شيء! وليس ما تعاملت به أمريكا وحلفائها الأوروبيين مع دول المنطقة فى السنوات الأربع الماضية ومع مصر تحديدا على مدى العامين الأخيرين فى أعقاب صدمتهم من اندلاع ثورة 30 يونيو عام 2013 سوى تجسيد واقعى لسياسة حافة الهاوية التى اتبعتها أمريكا سابقا مع مصر فى إطار محاولتها لتحجيم واحتواء ثورة 23 يوليو 1952 عندما رفضت طلب جمال عبدالناصر إمداد مصر بالسلاح عام 1954 فجاء رد عبدالناصر بتوقيع صفقة السلاح مع تشيكوسلوفاكيا عام 1955 وأعقب ذلك رفض واشنطن تمويل بناء السد والضغوط على البنك الدولى لرفض تمويل المشروع عام 1956 فكان رد جمال عبد الناصر تأميم قناة السويس وإسناد مسئولية بناء السد للاتحاد السوفيتي... وهو نفس ما حاولت واشنطن تكراره مع الرئيس السيسى بوقف شحنات الأسلحة لمصر وتجميد المساعدات الاقتصادية لها تحت أوهام القدرة على دفع مصر للتراجع عن خريطة 3 يوليو 2013 ثم اكتشفت أمريكا أن المسألة ليست فى شخص عبدالناصر أو فى شخص السيسى وإنما المسألة تتعلق بكرامة الشعب المصرى وحرصه على استقلالية قراره مهما كان الثمن ومهما كان حجم الضغوطات والمصاعب.. ومن ثم بدأت واشنطن كالعادة فى عمل تراجعات تكتيكية من خلال قرار الكونجرس الأخير باستئناف المساعدات العسكرية لمصر. وليس هناك من تفسير سياسى ومنطقى لكل ما جرى بين مصر وأمريكا منذ 30 يونيو 2013 حتى الآن سوى أن براعة السياسة المصرية نجحت فى إفساد مخططات الاستفزاز والاستدراج باتجاه الصدام من خلال تأكيد الحرص على ندية العلاقات دون الانزلاق إلى نقطة الخطر المقابلة لسياسة حافة الهاوية. وغدا نواصل الحديث خير الكلام : ليس كل عطاء منحة وليس كل حرمان محنة ! [email protected] لمزيد من مقالات مرسى عطا الله