عندما قامت ثورة 23 يوليو 1952. حاولت أمريكا أن تستميل إليها جمال عبدالناصر الذي كان وقتها أكثر ميلاً للتعامل معها. خصوصاً انها ساهمت بشكل ما في تحقيق الاتفاق بين بريطانيا ومصر بشأن الجلاء. وقد بدأ الفتور يسود العلاقات المصرية الأمريكية مع عام ..1953 عندما أرادت أمريكا أن تضم مصر إلي التحالف العسكري الغربي.. وحاول جون فوستر دالاس وزير الخارجية أن يحصل علي موافقة عبدالناصر.. إلا أنه رفض تماماً. نظراً لأن هذا التحالف يهدد سيادة الدولة.. والواقع ان نفس هذا المشروع سبق أن عرضته أمريكا علي الحكومة المصرية في عام 1951 أي قبل الثورة وأيضا رفضه كل المسئولين السياسيين. وفي عام 1955 .. ازداد التوتر بين البلدين بعد أن حضر عبدالناصر مؤتمر باندونج مع نهرو رئيس الهند وتيتو رئيس دولة يوغوسلافيا وسوكارنو رئيس أندونيسيا وشو إن لاي رئيس الصين "الشعبية". وكان هذا العام هو بداية للأزمات والعلاقات السيئة بين مصر وأمريكا.. خصوصا بعد الاعلان عن مولد سياسة الحياد الإيجابي وعدم الانحياز. ورد دالاس علي ذلك برفض تمويل مصر بالسلاح في الوقت الذي ضاعفت فيه كميات السلاح والمساعدات الاقتصادية لإسرائيل.. ورد عبدالناصر علي ذلك بطلب السلاح من عدو أمريكا رقم واحد وهو الاتحاد السوفيتي وحصل منه علي السلاح.. وردت أمريكا علي ذلك بسحب عرض التمويل للسد العالي.. وعلي ذلك أعلن عبدالناصر الاعتراف بالصين الشعبية وسحب الاعتراف بالصين الوطنية. وعندما تدخلت الولاياتالمتحدة لوقف الاعتداء الثلاثي علي مصر في أكتوبر .1956 واستطاعت أن تنهي هذا الاعتداء تقدمت إلي مصر بعد ذلك بفاتورة ثمن هذا التدخل. وكان هذا الطلب هو موافقة مصر علي مشروع "مبدأ أيزنهاور" والذي كان يستهدف ايجاد منظومة للدفاع عن الشرق الأوسط.. ولم يوافق عبدالناصر وسعي إلي تحريض الدول العربية مع عدم الموافقة.. ونجح في ذلك. وكان هذا الموقف هو نهاية المطاف للعلاقات المصرية الأمريكية الجيدة.. وبداية للحصار الاقتصادي وقطع المعونة وتم منع إرسال القمح وتجميد كل العلاقات المصرية الاقتصادية.. ولجأت مصر إلي موسكو لكي تحل محل واشنطن في تقديم المساعدات إلي مصر ومدها بالسلاح والقمح. وبحلول عام 1966 دخلت حالة التوتر مرحلتها الكبري.. حيث زادت المساعدات العسكرية والاقتصادية لإسرائيل بشكل مبالغ فيه... ومنذ هذا التاريخ وحتي عام 1974 ومصر لا تحصل علي أي معونات أو مساعدات من أمريكا.. وبعد حرب أكتوبر ..73 لجأ الرئيس السادات إلي أمريكا وأعلن أن مفاتيح السلام كلها في يد الولاياتالمتحدة. وكانت هذه إشارة لبدء تحسين العلاقات بصفة عامة.. وإعادة العلاقات الدبلوماسية التي كانت مقطوعة.. وعلي الفور وفي بداية عام 1974 بدأت الاسثمارات الأمريكية تعود إلي مصر ووصلت في نهاية هذا العام إلي نحو 2.7 مليار دولار. هذا هو أسلوب أمريكا في التعامل.. تعطي وتأخذ الثمن. ولكنه ثمن فادح.. وقد حدث أن أعطت أمريكا جماعة الإخوان مساعدات مالية ضخمة للاستيلاء علي الحكم مقابل تنفيذ كل متطلباتها. بما في ذلك مشروع الشرق الأوسط الجديد. وعندما فوجئت أمريكا.. والعالم بخروج الملايين من الشعب المصري في 30 يونيو 2013 رافضين لحكم الإخوان الفاشل.. عادت النغمة الأمريكية.. تلقي الاتهامات وتمنع المساعدات والتهديد بقطع توريد السلاح والمعونة المالية.. تماما كما فعلوا مع عبدالناصر.. ونسي الأمريكان ان مصر عاشت بدون معوناتهم من منتصف الستينيات حتي نهاية حرب 1973م. والتاريخ عموماً لم يتغير!!