عندما قامت ثورة 23 يوليو ..1952 اتجهت الولاياتالمتحدةالأمريكية إلي تأييدها والاعتراف بها.. ولم يكن هذا التأييد من أجل "سواد عيونها" ولكن كان لأمريكا أهداف أخري.. فقد جاء إلي مصر في أعقاب الثورة جون فوستر دالاس وزير الخارجية وطرح علي جمال عبدالناصر رغبة واشنطون في ضم مصر إلي التحالف العسكري الغربي.. واعتذر عبدالناصر لأن هذا العرض يلزم مصر بتقديم قواعد عسكرية لأمريكا وأدي ذلك بالطبع إلي حدوث تصدع في العلاقات ثم توالي رفض عبدالناصر لكل الرغبات الأمريكية التي كانت تعرضها عليه.. ونتيجة لذلك اتجهت السياسة الأمريكية إلي منحني آخر.. فقررت رفض تمويل مصر بالسلاح.. ورد عبدالناصر علي هذا الرفض بالاتجاه إلي الكتلة الشيوعية "الاتحاد السوفيتي وتشيكوسلوفاكيا" للحصول علي السلاح.. وكان هذا نوعاً من التحدي من جانب عبدالناصر تجاه أمريكا التي ردت علي ذلك بسحب كل العروض الخاصة بتمويل مشروع السد العالي. كانت هذه العروض تتضمن قروضاً من البنك الدولي ومن الولاياتالمتحدة ومن بريطانيا.. رد عبدالناصر علي ذلك بتأميم القناة.. وبعد فشل العدوان الثلاثي الذي قامت به انجلترا وفرنسا وإسرائيل علي مصر في 31 أكتوبر سنة ..1956 أعلنت أمريكا مبدأ ايزنهاور في يناير عام 1957 وهو نوع من التحالف يستهدف إيجاد إطار للدفاع عن الشرق الأوسط بحجة ملء الفراغ الذي حدث في مصر نتيجة جلاء بريطانيا. ورد عبدالناصر علي هذا بالرفض القاطع لهذا المشروع الذي كان في واقع الأمر امتداداً لحلف بغداد الذي رفضه عبدالناصر ايضا في عام ..1955 والذي كان يضم العراق وتركيا وغيرهما.. واستطاع عبدالناصر إفشال كل هذه العروض الخاصة بالاحلاف مع الأردن وسوريا ثم قيام الوحدة بين مصر وسوريا عام ..1958 واندلاع الثورة في العراق في يوليو 1958 وتأييد عبدالناصر لها بكل قوة. وهكذا انهارت كل مشروعات الأحلاف التي تقدمت بها الولاياتالمتحدةالأمريكية.. وبالتالي انهارت أيضا العلاقات المصرية - الأمريكية.. وأعلنت الولاياتالمتحدة فرض حصار اقتصادي علي مصر ومنع إرسال القمح لها خاصة بعد أن رفض عبدالناصر التعهد للرئيس الأمريكي ليندون جونسون بعدم إنتاج أسلحة ذرية وصواريخ ذات مدي طويل ورفض مطالبتها بتجميد حالة الجيش علي ما هو عليه وغير ذلك من الشروط التي تعتبر اعتداء علي السيادة المصرية! وبحلول عام ..1966 توقفت كل المعونات التي كانت تقدمها أمريكا لمصر.. واستمرت العلاقات في تدهور مستمر بينما كانت العلاقات الإسرائيلية - الأمريكية في تطور ونمو وتعاون وثيق. وظلت العلاقات متدهورة حتي اندلاع حرب أكتوبر 1973 حيث بدأت العلاقات تتغير وتنمو والمساعدات والاستثمارات الأمريكية تتدفق علي مصر.. حيث استمرت العلاقات في إطار من التعاون ثم جاءت ثورة 25 يناير 2011 وتكرر السيناريو الذي تم مع ثورة 23 يوليو فأعلنت أمريكا تأييدها لها.. وعلي الفور جاءت إلي مصر هيلاري كلينتون وزيرة الخارجية وعدد آخر من الشخصيات الأمريكية. وبدأت أمريكا تنظر في تقديم مساعدات إلي مصر.. ولكن هذه المساعدات لم يتم تنفيذها إلا مؤخراً حيث قدمت مبلغ 190 مليون دولار كمساعدة للميزانية المصرية وشرعت ايضا في تقديم كميات من القمح. وأخيراً ظهر اتجاه للكونجرس الأمريكي في وضع شروط أخري لتقديم مساعدات لمصر.. في الوقت نفسه جاء إعلان أمريكي بأن وضع الاقتصاد المصري سيزداد صعوبة ما لم يتم توقيع الاتفاق مع صندوق النقد الدولي!!