لأن الحب صانع الجمال، ومفجر ينابيع الفن والالهام.. فقد امتدت أياديه الحانية الى شاطئ عروس المتوسط لتضع فوق ربوة عالية، أجمل قصور مصر وأكثرها رومانسية.. عندما كلف الخديو عباس حلمى الثانى الفنان الايطالى الشهير «أنطونيو لاشيك» سنة 1892 لتصميم قصر المنتزه لحبيبته وزوجته جاديدان هانم المجرية الأصل وإذا كان القصر الجميل المشيد على الطراز «البيزنطي» يشكو الآن من الهجران حيث إنه مغلق منذ 1952.. فإنه يحاول من وقت لآخر اثبات وجوده عسى أن ينتبه أحد الى هذا الكنز قبل أن يدمره الزمن ويقتله الإهمال.إحدى هذه المحاولات اليائسة، عندما كشف القصر المهجور منذ أيام عن سراديب تمتد تحت حديقته تصل مساحتها الى 600 متر مربع على عمق 35متر تحت الأرض، وقد قام المهندس محمد متولى رئيس آثار الاسكندرية بإبلاغ شرطة الآثار وتكوين لجنة فورية قامت بالنزول الى أعماق هذه السراديب، ثم تكوين لجنة علمية أخرى لكشف أسرار ووظيفة هذه السراديب، وجار البحث خلالها وفى أعماقها عسى أن تتوصل اللجنة الى كنوز أو آثار مخبأة تحت الأرض. وإذا كان هذا القصر الفريد قد بنى وسط حديقة 350 فدانا تموج بالنباتات والأشجار، أمامها خليج شبه مغلق هادئ الأمواج، ثم جزيرة تسمى جزيرة الأحلام، يربطها بالشاطئ جسر ذو طابع معمارى مميز، وقد أقيم مبنى كشك فاخر للشاي، ويرتفع على جسر الخليج فنار وبه جراج للقطع البحرية الملكية، ويشتمل القصر الجميل على الحرملك وبه عدة غرف ملكية أرضيتها من «الفليين» ويعلو القصر «برجولة» للجلوس تظهر منها مدينة الاسكندرية كلها، كأنك تركب طائرة أو باخرة، أما السلاملك فإنه يحتوى على القاعة البلورية الخاصة بالملكة الأم «نازلي» وكل ما فيها بالكريستال الأزرق الصافي، ومن الأسرار التاريخية لهذا القصر، أنه استخدم كمستشفى خلال الحرب العالمية الأولى للقوات البريطانية، ومن اسراره أيضا ما أكدته المخابرات البريطانية أنه خلال الحرب، كان الملك فاروق يشجع «هتلر الألماني» للانتصار على الانجليز الذين يحتلون مصر، وكان هناك اتصالات تتم بين الملك والألمان عبر غواصه المانية كانت تتسلل ليلا الى شاطئ المنتزه ليتبادل الاتصالات مع الملك. رصدتها مخابرات الحلفاء.
الكنز الحقيقي وإذا كانت الأحلام تجرى الآن فى أعماق هذه السراديب بحثا عن كنز أو آثار قد تكون مدفونة فى الأعماق فإن الكنز الحقيقى الموجود فوق هذا الشاطئ هو القصر نفسه، الذى يعد واحدا من أجمل قصور الدنيا، على أن أغرب ما يحيط بهذا القصر الفريد هو ما يقوله د. محمود عباس مدير آثار العصر الحديث السابق والذى شارك فى تقييم جميع القصور الملكية فى بلادنا. إنه كان هناك اقتراح بفتح قصر المنتزه للزيارة نظير رسوم إسوة بقصور فرنسا، إلى أن جمال وروعة القصر، ووجوده فى قلب منطقة شديدة الزحام خلال الصيف سوف يحقق إيرادات هائلة تضاف إلى خزانة وزارة الآثار الحالية الآن. ولكن ثمة تقرير فنى خرج فجأة ليقول إن القصر لايتحمل أى زيارات نظرا لقدم مبانيه.. وعلى هذا تم إغلاقه تماما انتظارا لما قد تلقى به الأقدار لهذا الكنز الجميل.. كل هذا يحدث وفى بلادنا إدارة مخصصة لصيانة وحماية القصور الملكية داخل شركة «المقاولون العرب»، وحتى إذا لم تنجح هذه الإدارة فى إعداد القصر للزيارة فإنه يمكن فتح الدور الأرضى فقط، ولكن الإغلاق التام أو الموت الزؤام، سوف ينهى حياة هذه التحفة الرائعة فوق شاطيء المتوسط.