من وقت إلى آخر.. طوال السنوات العشر الأخيرة.. تطفو على السطح فى دائرة اهتمام الصحافة المصرية قضية محاولات هدم فندق ميريديان القاهرة القديم الذى أصبح منذ بنائه على النيل فى قلب القاهرة من معالم القاهرة السياحية والفندقية.. والذى كان أحد المستثمرين العرب قد اشتراه من شركة «ايجوث» التابعة للشركة القابضة للسياحة بوزارة الاستثمار عام 1992 بغرض أساسى هو تطويره لصالح السياحة المصرية. للأسف الشديد نفذ المستثمر بندا واحدا فى العقد وهو زيادة الطاقة الفندقية إلى 1000 غرفة من خلال برج مجاور لفندق الميريديان القديم.. ولكنه لم يبدأ فى تطوير الفندق الأساسى المعروف بالميريديان الذى يقترب من 250 غرفة. ومعه أيضا فندق شيراتون الغردقة الشهير الذى كان المستثمر قد اشتراه أيضا منذ ما يقرب من ربع قرن..وإن كنا قد علمنا أن مشكلة فندق الغردقة قد تم حلها مؤخرا وسيتم تطوير الفندق مع الحفاظ على شكله التاريخي.. لكن المهم التنفيذ. إن عدم تطوير الميريديان يعد خطأ كبيرا وعدم التزام بعقد البيع مما شكل حالة من الغضب والحزن لدى الرأى العام والخبراء خاصة أنه تردد أن المستثمر يريد هدم الفندق وبناء 3 عمارات سكنية مكانه وهو ما ترفضه الشركة التى باعت الفندق المنوط بها بالقانون ملكية فنادق الدولة. المهم أننا كتبنا فى هذه القضية منذ نحو 10 سنوات تقريبا وكأن التاريخ لا يتحرك ولا شيء يتغير والفندق كما هو لم تمتد إليه يد التطوير.. وفى الأيام الأخيرة علمت أن المهندس إبراهيم محلب رئيس مجلس الوزراء أعطى توجيهات بضرورة حل مشكلة الميريديان وكلف وزير السياحة بدراسة المشكلة مع محافظ القاهرة والشركة القابضة للسياحة وشركة إيجوث والمستثمر للوصول إلى حل نهائي.. لكن للأسف علمت أنه بعد أن اجتمع الوزير بهذه الأطراف تقرر إنتظار دراسة محافظة القاهرة للحالة المرورية فى المنطقة رغم إصرار الشركة القابضة للسياحة على رفض الهدم نهائيا والاتزام بشروط العقد التى تحتم تطوير الفندق . على العموم لابد أن أشير إلى أن توجيهات المهندس محلب بضرورة الحل سبقتها دعوات أخرى من 3 أو 4 رؤساء حكومات لمصر على مدى ال 10 سنوات ولكن لم تحل المشكلة.. ولذلك أدعو المهندس محلب بما عرفناه عنه من إصرار ودأب ومتابعة وحرص على المصلحة العامة أن يتابع إنهاء هذه الأزمة لصالح السياحة المصرية بعد كل هذه السنوات حتى لاتعود إلى طى النسيان من جديد.. وكفى ما ضاع من فرص على الاقتصاد القومى من جراء بقاء الفندق مثل «البيت الوقف».. فنحن هنا أمام ما يسمى فى الاقتصاد بالفرص الضائعة من توفير فرص عمل ودفع رسوم وضرائب للدولة بالملايين لو كان المستثمر قد التزم بتنفيذ العقد وتطوير الفندق فور شرائه. وسأعطى للقاريء نموذجا من عناوين مقالات كتبناها فى الأهرام فى هذه القضية حتى يدرك مدى الحزن الذى يصيبنا ونحن نناقشها مرة أخري.. وفى كل مرة نكتب فيها كل عامين أو ثلاثة تقوم الدنيا ولا تقعد ونتخيل أن الحل آت لكن نفاجأ أنه مثل «السراب». ففى 19 أكتوبر 2006 كتبنا مقالا تحت عنوان «أزمة على النيل وفى الغردقة كمان» وعناوينه الفرعية كانت تقول.. عندما لا يتحقق الهدف من الخصخصة.. ماذا تفعل الدولة؟ وكيف تحول شيراتون الغردقة من لؤلؤة إلى قصر مهجور؟ والميريديان من التحكيم إلى المحاكمة.. ورد علينا وقتها وزير الاستثمار فى ذلك الوقت محمود محيى الدين مؤكدا الاهتمام بالقضية وكذلك محافظ البحر الأحمر. وفى 22 مايو 2008 كتبنا فى الأهرام «الحكومة الغائبة والفرص الضائعة» وكانت العناوين الفرعية تشير إلى أن فكرة العمارات السكنية المطروحة الآن قد تم طرحها لأول مرة عام 2008 كان أحد العناوين يقول من خطايا عقود البيع غير الحاسمة.. فكرة لتحويل ميريديان القديم لعمارة سكنية. وفى 16 مايو 2013 فى عهد الإخوان كتبنا مقالا بعنوان: «عاجل إلى وزير الاستثمار» من ينقذ مصر للسياحة.. ومن يهدم ميريديان القاهرة؟ وهكذا طوال 10 سنوات ونحن نكتب.. ولا شيء يتغير والسياحة المصرية تخسر والاقتصاد المصرى يخسر. لكن الغريب فى الأمر أن المستثمر يصر على الذهاب إلى أجهزة فى الدولة غير مسئولة عن عقد البيع وعن تنفيذه.. وللأسف هذه الأجهزة رغم عدم مسئوليتها طبقا لعقد البيع تطالبه بدراسات مع أن الأمر فى النهاية يجب أن يكون مسئولية الشركة التى باعت والتى تراقب تنفيذ العقد إلا إذا قررت الحكومة تكليف غيرها بذلك.. وتلك قضية أخري.. ولذلك نحن نرى أن الشركة القابضة للسياحة وشركة إيجوث التابعة لها هما المسؤلان عن ذلك من خلال وزارة الاستثمار وليست وزارة السياحة أو محافظة القاهرة أبدا.. فالسياحة مسئولة عن مراقبة التشغيل والتراخيص أما العقود والاستثمار فهى مسئولية الشركة ووزارة الاستثمار. أخيرا.. ومنذ يومين بالتحديد.. سألت السيدة ميرفت حطبة رئيس مجلس إدارة الشركة القابضة للسياحة والفنادق عن الموقف النهائى الآن فى هذه القضية فقالت: إن عقد بيع الفندق للمستثمر ينص فى المادة 10 على أن المشترى ملتزم بالاستمرار فى استغلال الفندق وعدم تغيير تخصيصه لأى نشاط آخر غير فندقى سواء بشكل مباشر أو غير مباشر.. وفى المادة 11 يلتزم المشترى بالتزام جوهرى آخر يتصل بتحقيق المصلحة العليا لقطاع السياحة فى مصر لزيادة الطاقة الفندقية.. وهو سبب بيع الفندق للقطاع الخاص. وأضافت أنه بعد الخلافات العديدة تم اللجوء إلى المركز الإقليمى للتحكيم التجارى بالقاهرة فى 2009 واتفق الجميع على أن تبدأ الشركة السعودية بالتطوير، وبالفعل كان هناك برنامج زمنى يبدأ فى 1/1/2011 وينتهى فى 1/8/2014 بعده يتم افتتاح الفندق.. ولكن شيئا لم يحدث وعادت من جديد فكرة بناء عمارات سكنية وهو لا تزال ترفضه شركة إيجوث.. ولكن المستثمر ترك شركة «إيجوث» والشركة القابضة وذهب إلى جهات أخرى فى الدولة يعرض فكرته رغم الاجتماع على صعوبة تحقيقات هذه المنطقة بسبب المرور والمرافق.. ومع هذا نحن مازلنا نرفض.. إلا إذا رأت الحكومة غير ذلك. إلى هنا توقفت السيدة ميرفت حطبة عن الكلام.. لكننا لن نتوقف بل نناشد المهندس ابراهيم محلب رئيس الوزراء عدم الموافقة على بناء العمارات السكنية.. ونتمسك بالأمل فى قدرته بإذن الله على حل المشكلة حتى لا نفقد أحد معالم القاهرة الفندقية والسياحية على نيل مصر العظيم. لمزيد من مقالات مصطفى النجار