* مصر تستضيف المنتدى الاقتصادى العالمى حول الشرق الأوسط وشمال إفريقيا 2016 بشرم الشيخ * بدأنا برنامجا شاملا للتنمية حتى 2030 يهدف لجذب الاستثمارات.. وتعزيز دور الشباب ضرورة لا غنى عنها أكد الرئيس عبدالفتاح السيسى أن المنطقة العربية تشهد تحولات جذرية وتواجه تحديات جسيمة على مختلف الأصعدة السياسية والاقتصادية والأمنية، مشدداً على ضرورة تكاتف جهود المجتمع الدولى لمواجهة هذه التحديات. وقال الرئيس السيسى فى كلمته خلال أعمال المنتدى الاقتصادى العالمى حول الشرق الأوسط وإفريقيا «دافوس» أمس - إنه يجب الوقوف على تحليل أسباب تلك التحديات وسبل التغلب عليها للمساهمة فى تحقيق آمال وطموحات الشعوب العربية. وأشاد الرئيس فى بداية كلمته باستضافة الأردن للمنتدي، ووجه الشكر للملك عبد الله الثانى عاهل الأردن. وشدد على أن المنطقة العربية تشهد تحولات جذرية وتواجه تحديات جسيمة على مختلف الأصعدة السياسية والاقتصادية والأمنية. وأكد أن عمق وخطورة هذه التحديات يتطلب أن تتكاتف جهود المجتمع الدولى لمواجهتها، وذلك جنباً إلى جنب مع الجهود الوطنية ذات الصلة، والتى لا يمكن أن تؤتى ثمارها إلا بتعاون وثيق بين الحكومات والقطاع الخاص ومؤسسات المجتمع المدنى من أجل تحليل أسباب تلك التحديات، والوقوف على سبل التغلب عليها، للمساهمة فى تحقيق آمال وطموحات الشعوب العربية فى التقدم والتنمية. الحاضر تصنعه الشعوب والمستقبل ملك للشباب وقال الرئيس السيسى إنه لا يمكن فهم طبيعة التحولات فى المنطقة من خلال رؤى خارجية أو أفكار مسبقة، ولا ينبغى بالتالى أن يسعى أى طرف، من داخل أو من خارج المنطقة، إلى استغلال حالة السيولة التى قد تصاحب مرحلة التحولات بهدف فرض رؤى محددة على دول المنطقة أو لإخضاعها لفكر أو رأى معين، فالحاضر تصنعه الشعوب وحدها بما لديها من إرادة ووعي، والمستقبل ملك للشباب ولن يرسم معالمه أحد سواه من خلال طموحاته وقدراته. وأوضح الرئيس - فى كلمته بالمنتدى الذى يعقد تحت عنوان «إيجاد إطار إقليمى للرخاء والسلام عبر التعاون بين القطاعين العام والخاص»- أن تعزيز دور الشباب لم يعد من قبيل الترف، وإنما أضحى ضرورة لا غنى عنها، لاسيما فى الدول والمجتمعات التى تضم نسبة كبيرة من الشباب بكل ما يمثلونه من أمل فى المستقبل، وطاقة دافعة يتعين استثمارها وتوجيهها نحو الإطار الصحيح للاستفادة منها فى دفع عجلة الإنتاج وإحداث التطور الحضارى والتنموى المنشود، فتوافر فرص العمل وزيادة معدلات التشغيل يعد أهم سبل الحفاظ على الشباب واستثمار طاقاتهم، وذلك تلافيا للتداعيات الناجمة عن إهمال هذا القطاع الحيوى من المجتمع، وتركه فريسة للتطرف والإرهاب أخذاً فى الاعتبار أن قسماً كبيراً من الشباب يجيدون استخدام وسائل التكنولوجيا والتواصل الإلكترونية الحديثة، التى يتعين العمل على الحيلولة دون استغلالها لنشر الأفكار المتطرفة ومنع انحرافها عن غايتها الحقيقية الرامية إلى نشر الثقافة والمعرفة وتحقيق التواصل البناء بين مختلف الشعوب والحضارات. القضاء على الفقر رئيسى لمكافحة الإرهاب وأكد الرئيس السيسى أن التحدى الذى يطرحه موضوع الاستثمار فى الشباب ليس مجرد أحد الموضوعات على جدول أعمال الحكومات وحدها، لكنه قضية رئيسية ينبغى أن تكون محل تعاون وتكامل فى الجهود ما بين الحكومات وقطاع الأعمال، فالكل فى قارب واحد، ولن يتحقق الازدهار الذى ننشده جميعا ولن يسود السلام أو الاستقرار اللازمان لاستدامة التنمية إلا من خلال ذلك التعاون والتكامل بين الحكومة والمؤسسات الخاصة فى منطقتنا، وأيضا فيما بينها وبين باقى الدول والأقاليم، فالتهديدات فى عالم اليوم باتت عابرة للحدود ولم يعد أحد منا يمتلك ترف التقاعس عن التعاون والتنسيق حتى يمكن القضاء عليها. وأضاف أن الجمود الفكرى الناجم عن التطرف والغلو الدينى أو المذهبى تزداد حدته جراء اليأس والإحباط وتراجع قيم العدالة بمختلف صورها، وبالتالى فإن جهودنا للقضاء على التطرف والإرهاب لابد أن تتواكب معها مساع نحو مستقبل تملؤه الحرية والمساواة والتعددية، ويخلو من القهر والظلم والإقصاء، لكن تلك المساعى لا يمكن أن تكتمل دون أن تمضى بالتوازى معها خطط مدروسة للقضاء على الفقر تجسد الشق الآخر للحقوق الأساسية للإنسان فى منطقتنا، فمن غير المقبول أن يستمر الفقر سببا لمعاناة جزء كبير من شعوبنا، رغم الإمكانات الاقتصادية الهائلة التى تذخر بها دولنا. وشدد الرئيس على أنه لن يتحقق القضاء على الفقر إلا من خلال تنمية اقتصادية وصناعية قوية وشاملة، مرنة ومستديمة، تضع ضمن أولوياتها رعاية الصناعات المتناهية الصغر والصغيرة والمتوسطة باعتبارها إحدى أهم عناصر تحقيق التنمية الشاملة، والتى يمكن أن تفجر طاقات الإبداع والابتكار فى منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، وتعمل على توفير وظائف جديدة لاستيعاب جزء كبير من العمالة ومواجهة ظاهرة البطالة، خاصة فى أوساط الشباب. الشعب المصرى انتصر على خطر «الإقصاء» وقال الرئيس: إن مصر واجهت خطر محاولة فرض الرأى الواحد وإقصاء كل من يخالفه، واستطاع شعبنا أن ينتصر على تلك المحاولة وأن يواجه الترويع والعنف الذى صاحبها بكل شجاعة من أجل تأمين مستقبل الأجيال القادمة فى مصر، ونعايش اليوم فى المنطقة مخاطر مشابهة تستقى أفكارها من ذات المصدر، وتسعى من خلال الإرهاب إلى هدم بنيان الدول وتفتيت الشعوب، وتستغل فى ذلك الانتماء الدينى أو المذهبى أو العرقى لتجنيد وتعبئة الشباب الذى كان ضحية فى مراحل سابقة لضعف الاستثمار فى قدراته ومواهبه. وأضاف الرئيس السيسى أننا فى مصر ندرك كدولة غنية بشبابها ضرورة بل وحتمية أن نصنع مستقبل بلادنا ومنطقتنا، بدءا من الحاضر، كما نعى أن لدينا نافذة ديموغرافية ممتدة حتى عام 2050 للاستفادة من طاقات وقدرات الشباب فى سن العمل خلال تلك الفترة، وهو ما يدفعنا بكل قوة لتنفيذ مشروعات جادة وطموحة للاستفادة من تلك الطاقات. وأوضح الرئيس أنه فى هذا الإطار، بدأت الحكومة المصرية فى تنفيذ برنامج شامل للتنمية حتى عام 2030، يهدف إلى جذب الاستثمارات وتشجيعها للعمل فى مناخ آمن ومستقر، ويرتكز على القيام ببرنامج للإصلاح الاقتصادى وتطوير مناخ الاستثمار من خلال مراجعة كل التشريعات المتعلقة به، بهدف دفع حركة الاستثمارات وجذب رءوس الأموال، وقد توجت تلك الأعمال بإصدار قانون جديد للاستثمار الذى ستصدر لائحته التنفيذية قريبا، كما تم إجراء بعض التعديلات التشريعية مثل تنظيم إجراءات الطعن على عقود الدولة، وقانون حماية المنافسة ومنع الممارسات الاحتكارية، وقانون الشركات، وقانون المناطق الاقتصادية ذات الطبيعة الخاصة. كما أطلقت الحكومة المصرية العديد من المشروعات التنموية الضخمة، وفى مقدمتها مشروع قناة السويس الجديدة، الذى يعد بمثابة قفزة اقتصادية وتجارية هائلة على الصعيدين الوطنى والدولي، وكذلك مشروعات تنمية منطقة المثلث الذهبى الذاخر بالاحتياطيات المعدنية، وتنمية الساحل الشمالى الغربى وظهيره الصحراوي، ومشروع شرق العوينات، فضلا عن إعداد مشروعات أخرى من المنتظر الانتهاء منها خلال الفترة المقبلة، على رأسها إنشاء مركز لوجيستى عالمى لتخزين الحبوب، إلى جانب العديد من المشروعات الإنتاجية التى تسهم فى توفير فرص عمل حقيقية للشباب. وأوضح الرئيس أنه قد أتيحت لنا الفرصة لإلقاء الضوء على تلك الجهود خلال مؤتمر دعم وتنمية الاقتصاد المصرى فى مدينة شرم الشيخ خلال شهر مارس الماضي، والذى شهد مشاركة دولية كبيرة من الدول والقطاع الخاص العالمي، وأسفر عن توقيع العديد من الاتفاقيات لإطلاق مشروعات اقتصادية كبري، شملت مشروعات مهمة فى مجال إنتاج الطاقة الكهربائية، فضلا عن التوجه نحو الاعتماد على وسائل الطاقة الجديدة والمتجددة، بما يتيح الفرصة للتوسع فى الأنشطة الاقتصادية وزيادة الاستثمارات فى المجالات المختلفة. تطوير شبكات الضمان الاجتماعى والدعم للفقراء وأضاف الرئيس أن الحكومة تعمل على تطوير شبكات الضمان الاجتماعى والدعم لحماية الفقراء ومحدودى الدخل، وإطلاق برنامج «كرامة وتكافل» بالتعاون مع شركائنا فى التنمية، بهدف دعم شبكات الأمان الاجتماعى فى مصر، وتوسيع نطاق هذه الشبكات استنادا لآليات ومعايير تتسم بالشفافية والكفاءة لضمان وصول الدعم إلى مستحقيه من الفئات الأضعف وتحسين مستوى الخدمات المقدمة إليهم. وشدد الرئيس على أن مصر حققت تحسناً اقتصادياً ملحوظاً خلال الفترة الماضية، وهو ما تشهد به تقارير المؤسسات الاقتصادية والمالية الدولية وتوقعاتها الإيجابية حول أداء الاقتصاد المصرى وارتفاع مستوى الثقة فيه، لاسيما مؤسسات التصنيف الائتمانى التى عدلت توقعاتها ونظرتها للاقتصاد المصرى ورفعت التصنيف الائتمانى من «مستقر» إلى «إيجابي». وشدد الرئيس على أنه بالتوازى مع النجاحات المحققة على الصعيد الاقتصادي، لا يزال التزامنا ثابتا بالتنفيذ الكامل لخارطة المستقبل السياسية التى تم إقرارها عقب ثورة 30 يونيو 2013، حيث تم الاستفتاء على الدستور وإجراء الانتخابات الرئاسية بمشاركة شعبية واسعة وفى ظل أجواء اتسمت بالنزاهة والشفافية، ويجرى بالفعل اتخاذ الإجراءات الخاصة بعقد الانتخابات البرلمانية، استكمالا لبناء مؤسسات الدولة. وقال: إنه على ثقة من أن ما سيشهده هذا المحفل من حوارات بناءة وتفاعلات مثمرة سيقوى علاقات العمل القائمة بين المشاركين كما سيضع أسس علاقات جديدة وممتدة تستفيد من الأفكار التى تطرح خلال الاجتماعات وحلقات النقاش، وانطلاقا من حرص مصر على الإسهام فى تعزيز وتوثيق تلك العلاقات وفى إتاحة الفرصة للمزيد من تبادل الرؤى والانفتاح على الأفكار الخلاقة. وأعلن الرئيس عن استضافة مصر للاجتماع القادم للمنتدى الاقتصادى العالمى حول الشرق الأوسط وشمال إفريقيا فى مايو 2016 فى مدينة شرم الشيخ، ودعا جميع الحضور إلى المشاركة فيه بمزيد من الطموح والتطلع إلى المستقبل من خلال الفكر والعمل الجاد الذى تمتاز به اجتماعات المنتدى الاقتصادى العالمي.