إذا أردت أن تعرف حقيقة الإخوان فعليك بقراءة كتاب وثائقى صدر فى لندن بعنوان (التاريخ السرى لعلاقة بريطانيا مع الأصوليين) ففيه أسرار العلاقة التى ظلت فى الخفاء بين المخابرات والخارجية البريطانية وبيد الإخوان منذ بداية نشأة الجماعة وإلى الوقت الحاضر. والكتاب يستند إلى الوثائق الرسمية التى رفعت عنها السرية مؤرخا، وقضى المؤلف شهورا ينقب فى هذه الوثائق فى ملفات المحفوظات البريطانية. وفى هذه الوثائق أن بريطانيا كانت تدعم المتطرفين فى مصر وأفغانستان وسوريا وأندونيسيا ونيجيريا والعراق وليبيا وإيران. وكانت تعمل وفق سياستها التقليدية (فرق تسد) باشعال الفتن الطائفية والعرقية والسياسية، وركزت على توجيه الجماعات الإسلامية لمحاربة القومية العربية،. ومؤلف الكتاب مارك كورتيس كاتب وباحث فى الشئون الدولية فى المعهد الملكى البريطانى، يقول فى إن مساهمة بريطانيا فى صعود التهديدات الإرهابية يمثل كارثة فى الشرق الأوسط، وإن الحكومات البريطانية من العمال والمحافظين على حد سواء تواطأت مع الجماعات الإسلامية المتطرفة بما فى ذلك جماعة الإخوان والجماعات الأخرى وعملت معها، ودربتها، ووفرت لها التمويل لأن هذه الجماعات تعمل لخدمة أهداف السياسة الخارجية البريطانية وعلى الحفاظ على قوة بريطانيا العالمية بعد انهيار الامبراطورية، وتساعد الجهود البريطانية للابقاء على نفوذها فى العالم. ومن أجل ذلك أقامت تحالفا استراتيجيا مع هذه الجماعات. ويقول أيضا: إن التقارير السرية للمخابرات والسفارات والخارجية تكشف عن الصلة القوية بين القيادات والجماعات المتطرفة التى تعيش فى لندن وتردد أنهم يعملون مخبرين وعملاء فى الخارج مقابل حمايتهم عندما يكونوا مطلوبين من حكومات أجنبية، وكانت العلاقات البريطانية الأقوى مع جماعة الإخوان فى مصر التى أنشئت عام 1928 ومع تنظيمها العالمى، ومع الجماعة الإسلامية التى تأسست فى الهند عام 1941 وأصبحت هى الأخرى أيديولوجية كبرى فى باكستان. وينقل الباحث من الوثائق البريطانية السرية، أن بريطانيا شاركت فى العمليات التى قامت بها مجموعات جهادية وفى الحروب السرية، وبدأ التواطؤ فى أفغانستان فى ثمانينيات القرن الماضى، وساندت بريطانيا الجماعة الإسلامية المقاتلة فى ليبيا، ومع تنظيم القاعدة وبن لادن فى عمليات سرية فى آسيا الوسطى وشمال إفريقيا وشرقى أوروبا.ومن تحليله للوثائق والتقارير السرية للمخابرات والخارجية يستخلص الباحث البريطانى، أن بريطانيا أسهمت تاريخيا فى تطور الإرهاب العالمى، ومازالت تعمل مع جماعة الإخوان فى مصر وفى طالبان فى أفغانستان وهدفها من ذلك إيقاف التراجع فى نفوذ بريطانيا فى العالم والتصدى للقوى الوطنية التى تقاوم الهيمنة البريطانية. والمفاجأة فى الوثائق السرية البريطانية التقارير والتعليمات التى تدل على أن بريطانيا كانت وراء فكرة إعادة الخلافة الإسلامية باعتبارها استراتيجية للقضاء على فكرة الوحدة العربية ولضمان المصالح البريطانية فى هذه المنطقة. وفى التقارير إشارات صريحة على أن القومية العربية هى «العدو الرئىسى» وأن سياسة مصر فى عهد عبد الناصر بالسعى إلى العمل بسياسة خارجية مستقلة وإنهاء اعتماد دول الشرق الأوسط على الغرب، وفى التقارير السرية حرص الحكومة البريطانية على توفير الملاذ الآمن للجماعات والقيادات الجهادية ومنح بعضهم حق اللجوء السياسى مع اشتراط أن يكون نشاطهم فى الخارج وليس فى داخل بريطانيا، وأن يجمعوا ويقدموا معلومات استخبارية لأجهزة الأمن، وعلى أن تستمر هذه الجماعات والقيادات فى العمل على تعميق الانقسام فى كل دولة وبين دول المنطقة وتظل قوة ضغط على الحكومات فى توجيه سياساتها الداخلية والخارجية. كل ذلك لأن بريطانيا تعتبر الجماعات الإسلامية المتطرفة مفيدة لتحقيق سياساتها فى العالم العربى والإسلامى.هل تريد المزيد? لمزيد من مقالات رجب البنا