بعد تسجيله في شباك الأهلي.. فادي فريد يعادل نصف القوة الهجومية للاتحاد    رئيس جامعة المنوفية يفتتح 4 مدرجات بكلية الهندسة    «خدمة المجتمع» بجامعة القناة يستعرض إنجازاته خلال عام كامل    محافظ القليوبية يناقش إنشاء محطة لتحويل 2000 طن قمامة يوميًا إلى 62 ميجاوات كهرباء    محافظ الوادي الجديد يتفقد بدء أعمال الإنشاءات بمركز إنتاج الحرير الطبيعي    مصر تبدأ العمل بالتوقيت الشتوي نهاية أكتوبر.. الساعة هتتأخر 60 دقيقة    أسامة السعيد: حكم العدل الدولية يكشف أكاذيب الاحتلال    مقتل شخصين وإصابة آخر بانفجار عبوة ناسفة في سيارة بالعزيزية شرقي حلب    وفد لجنة السياسة الخارجية بالبرلمان الدنماركي يتفقد معبر رفح    الهيئة العامة للكنيست الإسرائيلى توافق على مشروع قانون تطبيق السيادة الإسرائيلية على أراض في الضفة الغربية    مدبولي: تيسيرات جديدة للمتقدمين للوظائف من المحافظات البعيدة    بتكلفة 6 ملايين جنيه محافظ المنيا يفتتح مركز شباب بني خلف بمغاغة    تفاصيل الاجتماع الفني لمباراة مصر وغانا في تصفيات كأس العالم للسيدات    حملات موسعة لإزالة التعديات:استرداد 32 فدانًا ببرج العرب و12 قطعة ب الإسكندرية    ضبط سائق أنزل الركاب لرفضهم دفع "أجرة زيادة" بالبحيرة    محافظ أسوان يطمئن على طلاب جامعة بنها المصابين فى حادث طريق أبو سمبل    مرور القاهرة يعلن إغلاق كوبري الأزهر السفلي لإجراء أعمال الصيانة    ننشر منطوق حكم كروان مشاكل بسب وقذف ريهام سعيد    "مكافحة انتشار المخدرات" فى ندوة بطب بيطري أسيوط    أحمد السعدني يكشف موقفة من دراما رمضان 2026    رئيس الوزراء: المتحف المصري الكبير هدية مصر للعالم كله    تكريم خالد جلال بختام ملتقى شباب المخرجين بمسرح السامر.. الليلة    9 مستشفيات ضمن خطة التأمين الطبي لفعاليات تعامد الشمس بمختلف مراكز محافظة أسوان    أمير قطر: العلاقات التاريخية مع تركيا تمضي بثبات نحو آفاق واعدة    حصاد الوزارات.. مد التصالح على مخالفات البناء 6 أشهر.. التنمية المحلية توجه    الخارجية الروسية: تحضيرات القمة بين بوتين وترامب مستمرة    وزير الخارجية الإسرائيلي: لا يوجد لإسرائيل صديق أعظم من الولايات المتحدة وممتنّون لإدارة ترامب على دعمها الثابت لإسرائيل    اعتماد تنظيم الكونغرس الأول للإعلام الرياضي في ديسمبر 2026    وزير التعليم العالي يؤكد ضرورة توجيه البحث العلمي لخدمة التنمية الاقتصادية وخلق فرص عمل للشباب    حبس المتهم بإنشاء كيان تعليمي وهمي للنصب على المواطنين بمدينة نصر    مجلس كنائس مصر: مؤتمر الكهنة والرعاة جسد رسالة الكنسية في خدمة الإنسان والمجتمع    لتوفير 1500 فرصة عمل.. 12 شركة في الملتقى التوظيفي الأول بجامعة حلوان (تفاصيل)    ننشر لائحة النظام الأساسى للزمالك بعد عدم اكتمال نصاب الجمعية العمومية    مصر تدعو لتمثيل عادل للدول الإفريقية بالمؤسسات الدولية والبنوك الإنمائية    انطلاق المؤتمر السنوي الثالث لمركز الكبد والجهاز الهضمي بدماص بالمنصورة.. غدًا    مرض الجدري المائي.. الأعراض وطرق الوقاية    الجبلاية توافق على رحيل أسامه نبيه وتبحث عن مدير فني للمنتخب الأولمبي    قائمة ريال مدريد - غياب 5 مدافعين ضد يوفنتوس.. وميندي يعود لأول مرة منذ 6 أشهر    إحالة مديري مدرستين للتحقيق لتقصيرهم في العمل بأسيوط    لدعم الطالبات نفسيا، الهلال الأحمر يطلق حملة Red Week بجامعة الوادي الجديد    أفضل 5 وجبات خفيفة صحية لا ترفع السكر في الدم    الرقابة المالية تمد وقف تلقي طلبات التأسيس لنشاطي التمويل الاستهلاكي ومتناهي الصغر بالطرق التقليدية لمدة عام    النجم التركي كان أورجانجي أوغلو: أتطلع لزيارة الجمهور في منازلهم بمصر    محمد عبده يقبل يد المايسترو هاني فرحات: ونكيد العوازل بقى"    محافظ أسيوط: غدا فتح باب التقديم لحج الجمعيات الأهلية لموسم 1447ه – 2026م وحتى 6 نوفمبر المقبل    الأقصر تتحرك لدعم موسم سياحي استثنائي.. لقاء موسع بمشاركة خبراء ومختصين    بيحبوا يكسروا الروتين.. 4 أبراج لا تخشى المخاطرة وتحب انتهاز الفرص    القنوات الناقلة لمباراة بايرن ميونخ وكلوب بروج في دوري أبطال أوروبا    وزير الإسكان: تخصيص 408 قطع أراضٍ للمواطنين بمنطقة الرابية    البترول: مصر تُصدر 150 ألف متر مكعب من الغاز المسال إلى تركيا لصالح توتال إنيرجيز    «مصر» ضمن المرشحين لجائزة أفضل منتخب إفريقي في 2025    نائب وزير الصحة يتفقد جاهزية الخدمات الطبية والطوارئ بميناء رفح البري    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الاربعاء 22-10-2025 في محافظة الأقصر    مفتي الجمهورية: الله تولى بنفسه منصب الإفتاء وجعله من وظائف النبوة    حكم القيام بإثبات الحضور للزميل الغائب عن العمل.. الإفتاء تجيب    حين يتأخر الجواب: لماذا لا يُستجاب الدعاء أحيانًا؟    سماء الفرج    موعد شهر رمضان المبارك 1447 هجريًا والأيام المتبقية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



في التوحيد والوحدانية‏(1‏ 2)‏
نشر في الأهرام اليومي يوم 01 - 04 - 2010

تري من أين جاء أصل الفكرة التي نعبر عنها بكلمة الوحدانية أوكلمة التوحيد؟‏..‏ لعله بدأ في فكرة الواحد العددي‏,‏ أو من فكرة الواحد‏..‏ بمعني الأنا أو الذات حين تري نفسها وحدها وتري كل من عداها وما عداها خارجيا وغيرها دائما‏, وحين تتصل به أو تصل إليه بالعواطف والأفكار والأفعال والموافقة والمخالفة دون امتزاج حقيقي بالأنا التي تبقي في وحدتها وتفردها سليمة كانت أومريضة من مولدها إلي مماتها‏,‏ أومن فكرة الكلي العام في لغات الآدميين حيث يشير اللفظ الواحد الدال علي فرد غير معين أو إلي جمع من الأفراد لجنس أو نوع أوطائفة أو أسرة أو مصطلح يندرج تحته جميع أفراد كل قسم بحكم اشتراكهم في معني عام جامع ملحوظ في التقسيم برغم اختلاف كل في خصائصه الفردية عن بقية الأفراد‏,‏ أو عن فكرة الشيء الجامع لأجزاء متعددة باعتبار كل شيء حي أو غير حي مكون من أجزاء تتالف منها في عقل الآدمي وحدته أو ذاتيته التي تبقي مع وجود أجزائه المختلفة تكوينا أو وظيفة‏..‏ وهو مايشاهده الآدمي العادي في الكون والعالم والطبيعة كما يشاهده في مقلة الذباب وحبة الرمل‏.‏
أو لعلها بدأت وانتهت في عقل الآدمي وطرائق عمله فإنه دائب علي المداولة بين التحليل والترتيب طول الوقت‏..‏ وفي كل وحدانية أو توحيد اجتماع تحليل وتركيب‏..‏ لأنها من عمليات عقل الآدمي المطردة خلال حياته والتي يترك آثارها بوسيلة أو أخري لعقبه من بعده‏.‏
فأصل فكرة الوحدانية والتوحيد فيما يبدو لا يتجاوز طبيعة عقل الآدمي ولا يمكن أن يتخطي مساعي عقول الناس وتصورهم لذواتهم وعالمهم الداخلي والخارجي بقدر إمكانات هذا التصور وقدرات هذه المساعي‏..‏ وهو دائما تصور جزئي محدود يتسع ويضيق بقدر ما يتسع له ويضيق عقل الآدمي في زمان ما ومكان ما مع الظروف المواتية أو المعادية‏..‏ وهو لا يمكن أن يصدق علي الكون بأسره أو الطبيعة بأسرها إلا صدقا جزئيا نسبيا قابلا للاتساع مع زيادة الفهم وقابلا للضيق والتقلص مع ضيق الفهم ونقصه‏.‏
ثم لم تلتفت عامة الناس إلي فكرة الوحدانية والتوحيد إلا بعد عصور متطاولة من التعددية والكثرة‏..‏ ويبدو أن ذلك كانت بدايته من قبائل الرعاة التي وافقت بساطتها ما في فكرة التوحيد من بساطة وخلو من التعقيد وقابلية شديدة للامتزاج بوحدة الأصل للبيئة وضروة الالتصاق به لكل فرد من أفرادها أينما يكون‏..‏ فأصل القبيلة أب واحد كان علي الأرض يرعاه ويرعاها أب واحد مكانه في السماء‏..‏ ورعايتها تكون في تكاثر أفرادها وتكاثر ماشيتها وامتداد أعمارها وتجنيبها شرور الجفاف والقحط والمرض ونصرتها علي من يعاديها في العراك والقتال‏..‏ وقد امتزج الأبوان مع مرور الوقت في الأب السماوي الذي لا يموت‏,‏ وصار التعلق به والتعصب له عادة يلقنها كل فرد منذ مولده لأنه يلخص تعلقه الشديد بقبيلته‏..‏ وحين انتقل الرعاة إلي المدينة انتقل معهم هذا الأب السماوي واتسع اختصاصه‏,‏ فامتد إلي ما يبحث فيه أهلها من نشأة الكون وأصل الانسان وإيجاد السماوات والأرض وامتياز أتباع الأب السماوي علي سائر الخليقة ومحاسبة كل منهم عن سلوكه ومثوبته وعقابه عنه في حياة أخري يعود إليها بعد الموت‏.‏
ولم يكن ذلك اختلافا أو خديعة أو كذبا أو خرافة متعمدة‏..‏ لأن ذلك بعض تلخيص لبعض مسيرة عقل الآدمي وروحه مع الظروف التي وجد فيها خلال قرون طويلة‏..‏ إذ لم تكف عقول الناس منذ خلقت عن السؤال عن الأسباب والكيفيات والأغراض والمصائر ونوعية الوصول إلي إجابات والارتياح إلي بعضها‏.‏ كما لم تكف العقول عن تغيير موقفها حسبما أتيح لها من فرص الاستنارة‏..‏ وهي دائما قابلة للزيادة والنقصان مع زيادة الالتفات ونقصه وتوافر الوسائل وندرتها‏..‏ وهذا باب مبناه لدي عموم الناس حسن الفطن وسلامة النية وإخلاص الاعتقاد فيما استراح له عقل الآدمي وروحه من إجابات علي مقدار وعيه وظروفه‏..‏ ولن تتوقف مسيرة عقل الآدمي وروحه عن سيرها إلي الأمام أو إلي الخلف مادام موجودا‏..‏ مع ملاحظة أن أمامية الأمام أوخلفية الخلف نفسها جزء من هذه المسيرة‏.‏
ومن المحال تصور أن مكونات عقل وروح الآدمي في عصرنا متطابقة في كل بلد أو كل مكان أو حتي في الأسرة الواحدة‏..‏ ولكن يوجد بالتأكيد قدر من التشابه المشترك بين عامة الخلق‏..‏ ومنه ومن تراكمه وثباته النسبي يتكون ما يعبر عنه بكلمة التراث‏..‏ أو تراث البشرية‏..‏ وتذكرنا لهذا التراث بانتظام يمنعنا من الاندفاع وراء مجازفات التمرد أو الثورة التي لا تنفك تراود في كل وقت فكر بعض الناس هنا وهناك‏.‏ ثم ليس في محاولة رؤية ما ولو قاصرة للمسيرة المذكورة‏..‏ ليس فيها هدم أو إلغاء لها‏..‏ لأن إعادة قراءة التاريخ علي أي وجه لا يمكن أن تلغي وقائعه ومعارفه وأفكار أهله ومصدقاتهم ولا تجاهل أنها في الواقع هي أساس الشطر الأعظم والأهم من حياتنا الآن كأفراد ومجاميع في مادياتها ومعنوياتها‏.‏
والوحدانية هي الأساس الأكبر والأهم للأديان السماوية الثلاثة وجوهر البناء الديني لكل منها‏..‏ تسود كتبها المقدسة وتعاليم رؤسائها ويدين بها مع اتباعها من الأفراد القائمون علي خدمة الدين وخدمة معابده ومعاهده ومأثوراته وآثاره ومطبوعاته وفرقه وطوائفه وطقوسه وأزيائه‏..‏ وهي وحدانية رياسة عليا متفردة بالعالم كله‏..‏ خلفت كل شيء فيه‏,‏ قادرة علي كل شيء‏,‏ بيدها ملكوت كل شيء في الأرض وفي السماء‏,‏ وفي طاعتها مالا حصر له من الملائكة والأرواح والقديسين والأولياء والصديقين لا يعصون ويفعلون مايؤمرون‏..‏ وهذه الوحدانية القاهرة الغامرة لا يكاد يوجد بينها وبين أب قبيلة الرعاة وربها أي سبب جامع‏..‏ لكن وجد ويوجد بينها وبين قلب وعقل كل آدمي علاقة حميمة جدا مليئة بالصعوبات والمشكلات والإشكاليات‏,‏ وينبغي ديانة أن تقابل بالتسليم والرضوخ والتفويض علي أن يفوز الصابر بالمثوبة وعظيم الأجر في الآخرة‏.‏ ويبدو والله تعالي أعلم أن انتشار الأديان السماوية ووحدانية معبودها يعود إلي فشل التعددية في كبح تتابع واتساع المظالم والفساد والإفساد‏,‏ وتشوق العامة في شقائها الذي فاق الحد تشوقها إلي من يبسط الرحمة والمساواة العادلة المستقيمة علي الجميع‏,‏ ويحاسب الكل حسابا صارما لا يتحامل ولا يجامل ولا يفلت منه كبير أو صغير ولو مات‏..‏ وساعد علي ذلك اعتقاد الناس في أهمية الآدمي وتميزه وتميز أرضه‏,‏ وأنه هو وأرضه سرة العالم بأسره يدور حوله كل مايدور في العالم لمنفعة الآدمي وخدمة نوعه ولتمكينه من أن يكون خليفة فيه وعليه‏.‏
ومنذ القرن السابع عشر سار العلم الطبيعي بإصرار في طريق خاص يبتعد ويزداد باستمرار ابتعادا عن الاتصال بالدين الذي يبتعد هو الآخر عنه‏,‏ ولم تصحب كتلة الناس العلم الطبيعي في طريقه‏,‏ ومازالت كتلة الناس أقرب إلي الدين منها إلي طريق العلم الطبيعي برغم امتزاجها في معظم مساعيها بنواتج العلم الطبيعي في الصناعة والزراعة والطب والفلك والنقل والاتصال والفنون‏..‏ وهذا هو مصدر الوهن الملحوظ في تدين كتلة الناس في أيامنا‏..‏ لأنها لا تستطيع أن تقاوم عن طريق اللاوعي وحده ضغط العلم الطبيعي والحضارة المبنية عليه علي حياتنا وبصفة خاصة ضغط مركبات الفضاء الكشفية ودقة المراصد وضبط المساحات التي لا يتصورها عقل الآدمي لاتساع العالم وكثرة وضخامة ما فيه مما هو قريب قربا نسبيا إلي أرضنا التي تبلغ بالنسبة إليه حجم حبة الرمل أو أصغر‏!‏
إن تقدم العلم الطبيعي الحديث وسعة نظرته وسعة الكون الهائلة التي كشفها بعنف لعيون الآدميين كل ذلك قد هون قيمة الآدمي وقيمة ما بناه الآدمي وما عرفه وما سيعرفه في عين نفسه‏,‏ ولم ينج من ذلك أديان الآدمي بطبيعةالحال‏..‏ وهذه هي النتيجة الحتمية لابتعاد الدين عن العلم الطبيعي وابتعاد العلم الطبيعي عن الدين وانقسام عقول الناس ثم انقسام ضمائرهم تبعا لذلك‏.‏

[email protected]
www.ragaiattia.com
المزيد من مقالات رجائى عطية


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.