أوقاف الفيوم تعقد 150 ندوة علمية في "مجالس الذاكرين" على مستوى المحافظة.. صور    وصول عدد مرشحى النظام الفردى لإنتخابات مجلس النواب الى 1733 شخصًا    رسميًا.. موعد بداية فصل الشتاء 2025 في مصر وانخفاض درجات الحرارة (تفاصيل)    تراجع حاد للذهب العالمي بسبب عمليات جني الأرباح    رئيس فولكس فاجن: حظر محركات الاحتراق في 2035 غير واقعي    الرئيس الكيني يلتقى رئيس الوزراء لبحث مجالات التعاون المشترك بين البلدين    "أ ف ب": إسرائيل وافقت على اتفاق إنهاء الحرب في غزة وإطلاق سراح المحتجزين    الحية: حماس تعتبر حرب غزة انتهت    الشروق تنشر الصيغة الرسمية لاتفاق وقف إطلاق النار في غزة بعد عرضها على الحكومة الإسرائيلية    منتخب هولندا يكتسح مالطا برباعية في تصفيات أوروبا لكأس العالم    خالد الغندور: إدارة الاتحاد السكندري تصرف مقدم عقود لاعبي زعيم الثغر    الأهلي: لم يكن هناك خلافا على سوروب    النيابة تصدر قرارًا ضد سائق وعامل بتهمة هتك عرض طالب وتصويره في الجيزة    بالأسماء.. إصابة 6 أشخاص في حادث انقلاب سيارة ملاكي بالبحيرة    حبس سائق نقل ذكي متهم بالتحرش بفتاة في النزهة والنيابة تطلب صحيفته الجنائية    محافظ شمال سيناء: اتفاق وقف الحرب لحظة تاريخية ومستشفياتنا جاهزة منذ 7 أكتوبر    "كارمن" تعود إلى مسرح الطليعة بعد 103 ليلة من النجاح الجماهيري.. صور    ردود فعل واسعة في المجر والعالم بعد فوز لاسلو كراسناهوركاي بجائزة نوبل في الأدب لعام 2025    مستشارة الاتحاد الأوروبى: يجب منح الفرصة لاستعادة الحياة الطبيعية فى غزة    كيف يحافظ المسلم على صلاته مع ضغط العمل؟.. أمين الفتوى يجيب    عشان تحافظي عليها.. طريقة تنظيف المكواة من الرواسب    وزير الصحة يفتتح أقسامًا ووحدات طبية متطورة بمستشفى مبرة مصر القديمة    رئيس جامعة سوهاج: تنفيذ الأحكام القضائية لصالح الإداريين بالمستشفى الجامعي التزام ثابت باحترام القانون    3 مباريات في ختام منافسات الجولة الثامنة بدوري المحترفين    ارتفاع كبير للأخضر عالميًا.. سعر الدولار مقابل الجنيه المصري اليوم الجمعة 10-10-2025    فلسطين.. تجدد القصف الإسرائيلي شمال غربي مخيم النصيرات وسط قطاع غزة    رئيس الأركان الإسرائيلي يحذر قواته في غزة: "اليقظة واجبة.. العدو لم يختفِ"    مصرع شخص وإصابة 3 في حادث تصادم توكتوك وسيارة ملاكي بشربين    الأمطار تضرب بقوة هذه المحافظات .. بيان مهم بشأن حالة الطقس اليوم : «توخوا الحذر»    عبدالمنعم سعيد: زيارة ترامب للخليج كانت نقطة فاصلة في إنهاء حرب غزة    وزير العدل الفلسطيني : ننوي إطلاق اسم مصر على أكبر ميادين غزة بعد إعمار القطاع    سعر الموز والتفاح والبطيخ والفاكهة في الأسواق اليوم الجمعة 10 أكتوبر 2025    نقابة أطباء الأسنان بالدقهلية توضح ملابسات وفاة شاب داخل عيادة أسنان بالمنصورة    3 أبراج «حضورهم قوي» .. صادقون نجاحاتهم تتحدث عنهم ويؤثرون في الآخرين    أميرة أديب ترد على الانتقادات: «جالي اكتئاب وفكرت أسيب الفن وأتستت»    بيفكروا قبل ما يطلعوا الجنيه من جيبهم.. 5 أبراج بتخاف على فلوسها    داليا عبد الرحيم تهنيء الزميلة أميرة الرفاعي لحصولها على درجة الماجستير    مباشر مباراة المغرب ضد كوريا الجنوبية الآن في كأس العالم للشباب 2025    طولان يقرر عودة عمر جابر وكريم حافظ ثنائي المنتخب بعد تعرضهم للإصابة    «لازم تراجعوا نفسكم».. نجم الزمالك السابق يوجه رسائل للاعبي الأبيض    ويتكوف ل رئيس المخابرات المصرية: أشكرك بدونك ما كنا لنحقق ما حققناه (فيديو)    جدول مواقيت الصلاة غدًا الجمعة 10 أكتوبر بمحافظات الصعيد    إصابة 3 أشخاص في تصادم سيارتين أعلى محور 26 يوليو بالشيخ زايد    عملوا له كمين بالصوت والصورة، تفاصيل القبض على مسؤول كبير بحي العمرانية متلبسا بالرشوة    المغرب يفوز على البحرين بلدغة جواد ياميق وديا    نصائح للأمهات، طرق المذاكرة بهدوء لابنك العنيد    تعرف علي موعد أول أيام شهر رمضان 2026 فى مصر والدول العربية فلكيا    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الخميس 9-10-2025 في محافظة الأقصر    على أنغام السمسمية.. مسرح المواجهة والتجوال يحتفل بانتصارات أكتوبر فى جنوب سيناء    جهاز تنمية المشروعات ينظم معسكر للابتكار ضمن معرض «تراثنا 2025»    بيت الزكاة والصدقات يثمّن جهود الوساطة المصرية لوقف إطلاق النار في غزة    محافظ كفر الشيخ: تجربة مصر في زراعة الأرز نموذج يُحتذى إفريقيا    جامعة قناة السويس ضمن تصنيف التايمز البريطاني لعام 2026    بتكليف من السيسي.. وزير الصحة يزور الكابتن حسن شحاتة للاطمئنان على حالته الصحية    الثلاثاء المقبل.. أولى جلسات اللجنة الرئيسية لتطوير الإعلام بمقر الأكاديمية الوطنية للتدريب    كوارث يومية فى زمن الانقلاب…حريق محل مراتب بالموسكي ومصرع أمين شرطة فى حادث بسوهاج    محافظ البحيرة تشهد ورشة نقل وتبادل الخبرات بالإدارة المحلية    دينا أبو الخير: قذف المحصنات جريمة عظيمة يعاقب عليها الله    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



«راجل» متخلف
نشر في الأهرام اليومي يوم 01 - 05 - 2015

المرأة لا تولد امرأة، بل تصبح امرأة» كتبت سيمون دى بوفوار هذه العبارة الحاسمة، لتؤكد أن فعلا جماعيا خارجيا هو الذى يصيغ هوية المرأة ،
باكثر مما تفعله الطبيعة والبيولوجيا، هذه المرأة التى نألفها الان هى كائن تم صناعته تاريخيا ليتوافق مع تصور جمعى لحقيقتها ،لدى نوال السعداوى عبارة دالة فى كتابها «الأنثى هى الأصل» تقول فيها «المرأة التى تسمى بالمرأة الطبيعية، هى المرأة التى نجحت فى قتل وجودها الحقيقى» اى تلك التى امتثلت، المرأة تقيم إذا خارج ذاتها بدرجات متفاوتة حسب موقعها وزمانها، ولذلك عاشت ولازالت تعيش تحت هذا الثقل المجحف، مزدوج القهر ورفضه ، لكن الدوائر لا تخلو من ثغرات ، ومن هذه الثغرات تمكنت كائنات رائعة من الإفلات دائما .
لنا فى مصر رصيد طيب من هذه الكائنات، فقدفوجئت عند انتقالى للحياة بإيطاليا أن حجم مشاركة المرأة فى الحركة التشكيلية المصرية الحديثة يفوق حضور نظيرتها الإيطالية فى مجال يسوده الرجال تماما هناك، فهمت وقتها أن التكوين الهش هو الذى يسمح بالارتجال سواء إيجابا أو سلبا كما هو الحال فى بعض الدول الأسيوية حيث تصل المرأة الى رئاسة الجمهورية ولكن وفقا لمعادلة ذكورية وقبلية وطبقية متخلفة للغاية، رحلة الحداثة فى مصر لم تحرم من الأدوار الكبيرة للنساء: من هدى شعراوى ونبوية موسى وملك حفنى ناصف. وصولا الى فتيات ونساء التحرير.ومع التجربة الناصرية ، استنهضت شرائح اجتماعية مهمشة ،وتمت تعبئة الطاقات بخطاب من أعلى ، يتحدث عن بناء واقع جديد ، ومشروع لتنمية وتحرير الوطن بأكمله ، ويرى ان المساواة مطلب مشروع للمرأة ومشاركتها ضرورة ،داخل هذا السياق برزت تجربةنوال السعداوي، فى تناغم مع روح تلك الدولة الفتية الجديدة ، دون التخلى عن صراع الهوية كامرأة، نجاحات السعداوى لم تستند الى تلك الخلطة المعتمدة من الفرويدية والماركسية والخطاب النسوى ، وانما استندت فى الأساس لممارساتها العملية فى المجال وعملها المباشر مع المرأة كطبيبة هذا هو الكنز الحقيقى الذى ورطها فى لحم الواقع فلم تعد مجرد باحثة أو ناشطة أو مفكرة ،وانما ظاهرة خاصة،ومكنتها تلك المادة المحلية الثرية من الخروج الى الدوائر العالمية الأوسع، التى كانت حريصة على التفاعل معها،اتذكر عندما كانت السعداوى ضيفتنا فى ميلانو ، اتصالاتها المكثفة مع انجيلا ديفيز ورائدة الفضاء فالنتينا ونيلدا يوتى رئيسة البرلمان الإيطالى، حفرت نوال بهذا موقعا لتجربتها لا يمكن اغفاله فى رحلة تحرر المرأة بمعناهاالكبير.
لم أتحمس كثيرا لكتابتها الأدبية، واتذكر أننى سالتها آنذاك لم لا تكتفين بالبحث والكتابة فى مجالك قالت: انا اديبة وابنتى أديبة وزوجى اديب وابنى مخرج كلنا مبدعون، تعجبت من هذه العائلة المبدعة بأكملها، وسألتها لم لا يوجدبالعائلة مجرد شخص واحد عادى، فسألتنى عن معنى العادي، ولم لا يكون العادى هو أن نعبر وأن نبدع، وهكذا هى ،فيض طاقة وجدل، لا تقبل بالمسلمات ولديها دائما رد فعل متحفز، كنبات وحشي، و يكفيها أن «فردوس» وهو العنوان الذى اختاره الإيطاليون لكتاب «امرأة عند نقطة الصفر» أصبح كتابا مرجعيا لجيل بأكمله من الإيطاليات، فالسعداوى تملك تلك القدرة على الخروج من الخطاب الضيق، والتوجه الى مشاعر وأفكار ولغة قطاعات واسعة من الشباب.
د.نوال اختارت،الا تكون توفيقية والاتتصالح مع السائد،والا تطرح مناطق للمواربة مع حرفية الشريعة التى تشكل المصدر التشريعى لأشكال التمييز،اختارت المواجهةالمباشرة،ولم تكتف بالمساواة كهدف اخير ،لقد طرحت موضوع الهوية بحيوية مدهشة، واقتحمت التابوهات كانت كتبها «المرأة والجنس» و«الرجل والجنس» تدخل بنا علميا الى ما لا نريد أن نواجهه .
نجحت السعداوى رغم نخبوية الخطاب النسوي، فى الوصول الى جمهور واسع ،وفى توجيه ضربات قوية الى المركزية الذكورية، والى مرجعيتها من الفتاوى والإعلام الدعوى. وسعت لهز الأسس المركزية للمجتمع الذكورى، كالمفاهيم الأخلاقية للشرف، و اختارت أن تستفز بخطابها نرجسية ذكورية، وإدعاءات تفوق كامنة خلف قشرة التحضر ، و تنجح دائما فى إخراج ذلك البعد المخفى الى العلن .
كنا فى ديفا مارينا، على ساحل الريفيرا الإيطالية ، كان ذلك فى الثمانينيات ، وكنا فى ضيافة مارسيل وجانيت شيريزى ، ولدى ذكرى بصرية لذلك الشاطيء ولذلك المايوه الستينى الذى كانت نوال السعداوى ترتديه وربما سوف تتذكره هى أيضا إذا ما قرأت هذه الكلمات كان المايوه رماديا وبه خطوط بيضاء، ودعتنى للجرى على الشاطيء ، فقلت لها اننى لن أجري، فردت بما معناه أننى ربما اكون فى نهاية المطاف رجلا متخلفا يخجل من جسده ويتخيل أن العالم كله يراقبه، ورددت بأنه يكفينى أن اكون مجرد رجل كسول لا يريد الجرى على الشاطيء، تركتنى وركضت وحدها، كان مشهدها رائعا، وكنت اتابعها وهى تقفز وتنزل الى البحر بصخب وبهجة كطفلة عملاقة.
من يومين قرأت خبرا كاذبا عن موت الدكتورة نوال ، التى اتشرف بأننى قد تعرفت عليها من قريب ،واتعجب من كل هذا الاستخفاف فى إعلانات الموت ،فلم هذا الايلام المجانى ، وهل يمكن التلاعب بمشاعر الأهل والمحبين الى هذا الحد. ولكنها اعتادت هذا العنت منذ المطالبة باسقاط الجنسية عنها ، ودعوى الحسبة لتفريقها من زوجها، الى سجنها، واتهامها بإزدراء الأديان، نهاية باستباحة دمها ووضعها على قوائم الموت. د.نوال السعداوي:ذات كبيرة ،كاريزما خالصة، وروح شجاعة متوهجة،جسد فارع وواثق، عيون آسيوية للغاية، وفم أفريقى وشعر ابيض متماوج وقبل كل شىء تلك الابتسامة الرائعة التى ماز الت تشرق رغم كل شىء.
لمزيد من مقالات عادل السيوى


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.