كلمة الاصلاح ضروري وردت سبعين مرة في خطاب وداع ألقاه وين جياوباو رئيس الوزراء الصيني أمام المؤتمر الشعبي- البرلمان- ضمنه اعتذارا مريبا عن فشله في تحقيق المجتمع المنسجم خلال السنوات التسع لرئاسته الحكومة. تحذير وين أيضا من أنه بدون اصلاح سياسي عاجل يدعم الاصلاح الاقتصادي ستواجه الصين خطر تكرار مأساة الثورة الثقافية أثار دهشة سرعان ما تبددت عندما تبين الغرض منه, وهو التمهيد لإعلان إقالة السياسي الطموح بو شيلاي من منصب عمدة ورئيس الحزب الشيوعي لمدينة تشونجتشينج, ولكن ما قصده بالاصلاح وكيفية تحقيقه ظل بدون إجابة. أفول نجم بوشيلاي كان أمرا متوقعا بسبب مواقفه المتناقضة بين استغلاله محاربة الفساد للقضاء علي منافسيه والصعود إلي عضوية الدائرة الصغري لصناعة القرار في الحزب, وترويجه للشعارات الحزبية البالية بشأن سيطرة الدولة علي الاقتصاد, وفضيحة اختباء أقرب مساعديه في القنصلية الأمريكية لطلب اللجوء السياسي قبل القاء القبض عليه. ولكن إبعاده كان بسبب سعيه إقامة قاعدة شعبية تدعمه خارج أطر الحزب والطريقة التي تمت تنحيته بها تعني أن صراعا محتدما لا زال دائرا بين الأجنحة المتصارعة داخل الحزب قد يعوق سلاسة نقل السلطة إلي قيادة حزبية جديدة في الخريف المقبل. ولكن بعيدا عن الصراعات الحزبية يظل مطلب الاصلاح السياسي ضروريا. فالنموذج الصيني القائم علي أساس السلطوية السياسية ورأسمالية الدولة يواجه الآن تحديات خطيرة. فثلاثة عقود من النمو السريع حقق بالتأكيد معجزة تحديث الاقتصاد, لكنه أفرز مجتمعا يعاني فسادا حزبيا متجذرا, وتفاوتا في مستويات الدخول يفوق ما هو قائم في الاقتصاديات الغربية, وغضب المزارعين من استيلاء الدولة علي أراضيهم بأبخس الأثمان, وحالة احتقان عرقي تهدد الاستقرار الاجتماعي. هذه التوترات ستزداد عمقا مع التباطؤ المتوقع في معدل النمو, وتراجع القدرة علي خلق فرص عمل كافية لاستيعاب الهجرة الريفية إلي المدن. وين تحدث عن الحاجة لسرعة الاصلاح لكنه طرح فقط خطوات تدريجية بطيئة لتعديل النظام وليس تغييره مثل انتخاب القادة المحليين علي مستوي القري وإرخاء قبضة الحزب, مع استمرار خضوع اختيار القادة في المستويات الأعلي للمساومات والتوازنات بين الأمراء الجدد. القادة الصينيون واعون بالعوائق الهيكلية في نظامهم, ويدركون أن الانتقال إلي مجتمع مستقر لن يتحقق إلا بإصلاح ديمقراطي حقيقي ولكن خوفهم من إرخاء قبضتهم علي السلطة يدفعهم إلي التخندق خلف المتاريس القديمة وهو ما يجعل اعتذاراتهم محل الريبة ويزيد قلق العالم بشأن فرص الإصلاح في المستقبل. المزيد من أعمدة سجيني دولرماني