نجح الدكتور سعد الكتاتني رئيس مجلس الشعب في إخراج عملية تشكيل الجمعية التأسيسية لوضع الدستور الجديد بطريقة ناعمة وهادئة وتبادلات وأطروحات لكنها عمليا انتهت إلي إحكام التيار الإسلامي الغالب في المجلسين قبضته علي تشكيل الجمعية. مما أتوقع أن يثير عاصفة قد لا تمر بسهولة, فبرغم أن الاقتراح الذي كان حزب الحرية والعدالة قد طرحه في البداية لتشكيل الجمعية بما يقضي بتقسيم الجمعية بين أعضاء البرلمان وغير الأعضاء بنسبة 40 عضوا للأعضاء من داخل البرلمان, و60 لغير الأعضاء, وهي نسبة اتهمت البرلمان بالجشع الزائد, فإن النتيجة التي توصل إليها ماراثون تحديد تشكيل الجمعية انتهت إلي جعل نسبة التشكيل خمسين خمسين, مما أكد نهم التيار واستحواذه علي امتلاك كل أوراق الإعداد بين يديه. فحتي الهيئات من خارج البرلمان عليها أن ترشح ضعف العدد الذي سيطلب منها ويقوم أعضاء البرلمان باختيار العدد المطلوب من بينهم, مما جعل البرلمان وصيا علي كفاءات وقدرات هذه الهيئات. ومن المفارقات أن تيارا قويا ساد في الأيام الأخيرة رأي أن تكون الأولوية في التشكيل لغير أعضاء البرلمان لأسباب كثيرة, أهمها في رأيي أن اختيارات البرلمان تجري بين عدد نصفه عمال وفلاحون, بينما اختيارات الخارج مليئة بالكفاءات القانونية والفقهية والدستورية والسياسية.. إلخ, التي تقتضي الوجود, ويجب أن تكون لها الأولوية والعضوية, بصرف النظر عن أي شيء, وهي أول مرة علي كل حال يتم فيها اختيار جمعية تأسيسية لوضع الدستور بهذه الطريقة الانتخابية المعقدة, ففي السابق كان تشكيل أي جمعية تأسيسية لوضع الدستور يتم بقرار سيادي, وبرغم ذلك كان الملاحظ أن القرار كان يحرص علي ضم الكفاءات التي لا خلاف عليها, مما كان يؤكد وجود إحساس داخل المجتمع في مختلف الأوقات بالتوافق علي كفاءاته وتمييزها. كان هناك إحساس بالثقة في كفاءة وقدرة الآخرين, أما اليوم فقد أصبح كل واحد لا يثق إلا في نفسه ويزاحم غيره, بصرف النظر إذا كان يعرف أو لا يعرف, ولهذا لا أستبعد أن ينسحب ويتواري الذين يجب أن يتقدموا ويتصدروا! [email protected] المزيد من أعمدة صلاح منتصر