ألهتنا الاحداث السياسية الجسام التي تحيط بعالمنا العربي والإسلامي الي حد كبير عن النظر والبحث في مكوننا العربي والإسلامي الاصيل الذي نمتاز به عن باقي الامم والشعوب رغم اننا نحلق فيه جميعا لغة ودينا. المؤسف ان شبابنا علي كثرتهم يجهلون حضارتنا وتاريخنا وأعلامنا وعلماءنا لدرجة تفوق الوصف والتصور. وسط هذا الركام الواقعي المؤلم والمظلم والذي ينبأ بأنه لا امل في شئ قدر الله لكاتب هذه السطور زيارة بيته المقدس لأداء مناسك العمرة .كانت المفاجأة عندما وطئت قدماي مطار الامير محمد بن عبد العزيز الدولي بالمدينة المنورة ظننت لوهلة انني في احدي الدول الاوروبية من فرط الهدوء والانسيابية والانجاز فكل شىء يسير بدقة متناهية وانضباط تام اكثر ما يميز هذا المشهد الرائع رحابة الاستقبال وحميمية التعامل من قبل موظفي الجوازات. وما بين المطار ومقر اقامتي شاهدت نهضة عمرانية حديثة وشبكة طرق لا تقل عن مثيلاتها في الدول المتقدمة وما يدعو للفخر والاعتزاز هو روعة الانضباط المروري طوال ساعات الليل والنهار دون ان تري شرطي مرور واحدا.امر اخري لا يقل اهمية عما سبق يتمثل في المستوي الرفيع والقدرة التنظيمية الهائلة ورحابة الصدر وبشاشة الوجه التي يتحلى بها رجال الامن ومشايخ المسجد النبوي الشريف في التعامل والتفاهم مع كل زائر بلغته وكأن اجادة اكثر من لغة يعد شرطا اساسيا لكل من يعمل بهذا المكان الطاهر. مكةالمكرمة هذه البقعة المقدسة يلمس الزائر اليها جهدا خارقا بكل المقاييس العلمية والهندسية متمثلا في مشروعات التوسعة لبيت الله الحرام,العمل يسير علي قدم وساق بدقة وثبات لا تفسد علي الزائرين متعتهم الروحية او تعرقل اداء مناسكهم فضلا عن الهدوء التام الذي يغلف المكان ويمنح المعتمرين فرصة لممارسة شعائرهم في يسر وسهولة ولعل من اهم وأعظم المشاهد التي لا تخطاها العين داخل بيت الله الحرام حجم الاهتمام والرعاية التي يوليها خادم الحرمين الشريفين للزائرين من بكل اصقاع الارض دون تفرقة بينهم فكل شئ مسخر لخدمتهم ورعايتهم. من اكثر المشاهد التي اصابتني بالألم هو اصرار وحرص المعتمرين علي التقاط صور تذكارية بهواتفهم وكاميراتهم المحمولة حول وأمام الكعبة وكأن المشهد الروحي لن يكتمل إلا بتلك الصور . انني اناشد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز ان يصدر امرا ملكيا بمنع التقاط الصور داخل صحن الكعبة ويعلم الله انني بهذا المطلب لا ارغب في ايذاء المعتمرين او الحجاج في مشاعرهم التذكارية ولكن رغبة ورهبة في الحفاظ علي قدسية البيت الحرام.