وجّه العاهل المغربي الملك محمد السادس، برفع نسبة تمثيل المرأة بالمجلس العلمي الأعلى، أعلى هيئة دينية بالبلاد. وبحسب بيان لوزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية المغربية نشرته وكالة الأنباء الرسمية، وكالة المغرب العربي للأنباء MAP، فإن العاهل المغربي محمد السادس، أعطى تعليماته بتعزيز التمثيل النسوي في البلاد، وذلك بالرفع من عدد العالمات في كل من المجلس العلمي الأعلى والمجالس العلمية المحلية مجالس فرعية تابعة لهذا المجلس. وقالت الوزارة إن هذا القرار الملكي يأتي تأكيدا للآمال الكبيرة التي يعلقها العاهل المغربي على دور المرأة في المساهمة بقسط وافر في تحقيق النهضة الشاملة للأمة.. ومدة التعيين بالمجلس مفتوحة، لكن يحق للملك أن يعفي المعينين في أي وقت، حيث يرأس المجلس العلمي الأعلى العاهل المغربي. ويتشكل المجلس الحالي من 47 عضوا بينهم وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية، وبعض كبار العلماء يعينون بصفة شخصية بقرار من الملك. وتتطلع النساء في المغرب، إلى تحسين وضعهن الحقوقي ومشاركتهن السياسية، فرغم إدراج الدستور المغربي لفصل يقضي بالمساواة بين الرجل والمرأة ويدعو إلى إحداث هيئة لمكافحة كافة أشكال التمييز على أساس النوع، إلا نشطاء حقوقيين يرون أن المسار ما يزال طويلا لتحقيق المساواة الكاملة بين الجنسين، بالرغم من أن الحكومة المغربية، تعمل على تحسين الأوضاع التي يعيشها الأطفال والنساء في المغرب، وحمايتهم والحفاظ على حقوقهم، وأنها جعلت ذلك على قائمة أولويات برنامجها الحكومي. وقد أعلنت الحكومة في مايو 2013 ، عن خطة حكومية للمساواة أطلقت عليها "إكرام في أفق المناصفة" والتي يمتد أفق تنفيذها إلى عام 2016، موعد انتهاء ولاية الحكومة المغربية، هو موعد نهاية ولاية البرلمان الذي تنبثق عنه الحكومة، حيث تتضمن هذه الخطة 143 إجراءً من أجل منع مختلف أشكال التمييز ضد النساء، وتعزيز مبادئ المناصفة والمساواة التي دعا إليها الدستور المغربي الجديد، ذلك إلى جانب وضع نصوص تشريعية وقانونية من أجل حماية حقوق النساء ومنع العنف ضد النساء والفتيات. كما دعا الدستور المغربي الذي تم تعديله في يوليو عام 2011 إلى إنشاء هيئة للمناصفة ومكافحة مختلف أشكال التمييز.
ومن جانبها، ثمنت منظمة المرأة العربية القرار الحكيم الذي اتخذه الملك محمد السادس، ملك المملكة المغربية بشأن رفع نسبة تمثيل المرأة بالمجلس العلمي الأعلى والمجالس العلمية الفرعية التابعة له والذي يعتبر أعلى هيئة دينية في البلاد. وصرحت السفيرة مرفت تلاوي، المديرة العامة للمنظمة بأن المنظمة تعرب عن عميق تقديرها لهذا التوجه المحمود الذي يضمن للمرأة حضورًا في أعلى هيئة دينية بالمملكة المغربية. وأضافت أنها تتوجه بالتهنئة ليس للمرأة المغربية فحسب، وإنما للمرأة العربية عمومًا التي طالما طالبت بحضور عادل للمرأة في المؤسسات الدينية في الدول العربية وتمكينها في هذه الهيئات ذات التأثير العميق في حياة ملايين المواطنين العرب. كما أكدت المديرة العامة للمنظمة، أن هذا التوجه من قبل العاهل المغربي، يأتي في إطار السجل المغربي الحافل بمبادرات لنصرة المرأة بدءًا من مدونة الأسرة التي تعد مثالا قانونيا يُحتذى به، ومرورًا بالخطة الحكومية للمساواة الداعية إلى مبدأ المناصفة في المناصب المختلفة.
وعلى الجانب الآخر، وصف مراقبون مغاربة بالرباط، قرار الملك محمد السادس برفع نسبة تمثيل المرأة بالمجلس العلمي كأعلى مؤسسة دينية في المملكة بأنه خطوة جديدة نحو دعم النموذج المغربي للإسلام المعتدل. وقالت خديجة منفلوطي، رئيسة جمعية الائتلاف المغربي من أجل المناصفة إن "القرار الملكي صائب مثل جميع القرارات التي تدعو إلى انخراط المرأة في الأجهزة العلمية والدينية". وأضافت أن "وجود المرأة في المجالس العلمية يساهم في الرفع من تنمية المجتمع المغربي على المستوى الديني". وأكدت أن المغرب يحتاج حاليا إلى كوادر نسائية في المؤسسات الدينية لتطوير الخطاب الديني، مشددة على أنه "لا يمكننا أن نواجه التعصب والتطرف والمخاطر الأمنية التي تحدق باستقرار المملكة دون إشراك للمرأة". وأشارت رئيسة جمعية الائتلاف المغربي من أجل المناصفة، إلى أن فتح المجال أمام المرأة في المؤسسات الدينية يمكنه أن يحقق المساواة والمناصفة بين الرجل والمرأة ويكرس مبدأ الحوار والتسامح ويحقق الإسلام المعتدل. وقال الباحث رشيد الخيون، "إن مثل هذا الإجراء يصب في مصلحة النساء وتغيير وجهة النظر الدينية العامة والتاريخية تجاه المرأة، فتاريخيا اتخذ النص الديني الخاص بالقوامة على أن المرأة تأتي بالدرجة الثانية وعلى وجه الخصوص في الأمور الدينية". وأضاف الخيون الذي أصدر كتاب (بعد إذن الفقيه) و (رسالة العلمانية والخلافة) أن نص القوامة فسر لدى بعض الفقهاء على أن المرأة ناقصة عقل ودين، وقد حدث نقاش حاد عندما تولت امرأة إمامة الصلاة في أحد المساجد وانتقل النقاش إلى الأزهر والمرجعيات الدينية الأخرى. وأوضح الخيون، أن المرأة لا تزال في عدد من المذاهب لا تتولى أمور القضاء، وما بين القضاء والفقه وشائج قوية، لذا يعد قرار العاهل المغربي كسرا لكل التقاليد التي خضعت لها المرأة في التاريخ الإسلامي، والمعنى في هذا القرار أن المرأة فقيه شرعيا. وكانت وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية المغربية، قد أكدت في بيان لها أمس الأربعاء أن العاهل المغربي أعطى تعليماته بتعزيز التمثيل النسوي في تأطير الأمن الروحي للمواطنات والمواطنين، عن طريق الرفع من عدد العالمات في كل من المجلس العلمي الأعلى والمجالس العلمية المحلية (والمجالس الفرعية التابعة لهذا المجلس). وذكرت الوزارة أن القرار الملكي يأتي تأكيدا للآمال الكبيرة التي يعلقها العاهل المغربي على دور المرأة في المساهمة بقسط وافر في تحقيق النهضة الشاملة للأمة. واعتبر مراقبون أن الخطوة الملكية تهدف إلى القطع مع التفكير السلبي تجاه المرأة، والذي يمنعها من أن تقوم بدور فاعل في الحياة السياسية والاجتماعية والدينية بزعم أن ذلك جزء من الدين نفسه. [email protected]