أعلن الدكتور محب الرافعى وزير التربية والتعليم أخيرا بدء برنامج جديد لتطوير الثانوية العامة بالتعاون مع وزارة التعليم العالى، يحمل ملامح جديدة لدى الخبراء باحتمال عودة نظام العامين الدراسيين، وإمكانية إدخال أعمال السنة التى أعلنها الوزير والذى لم يمض على توليه الوزارة شهر..كامل، لتكون 20% من المجموع الكلى منها 15 للحضور و5% للسلوك ، وتقويم العملية التعليمية بعلاقة الطالب بالمدرسة والمدرس ،إضافة لإخضاع المناهج للتغيير أو التطوير ،وكذلك إدخال نظم جديدة للقبول بالجامعات تراعى إمكانات كثيرة للطالب حسب التصريحات. الدكتور حسنى السيد خبير التعليم والبحوث التربوية يرى أن الثانوية العامة أصبحت من أعجب الشهادات فى تاريخ العالم فهى فى تغيرات مستمرة ،فالوزير وحده هو الذى يفكر ويخطط ويلغى كل ما سبقه من أعمال أوانجاز، ويرفع شعار التطوير الوهمى ،فالوزارة انتهت منذ 7 سنوات من المشروع والمؤتمر القومى لتطوير الثانوية العامة فى عهد الدكتور حسين كامل ،والذى استغرق إعداده ثلاث سنوات وبعد جهد نحو 150 خبيرا من كبار خبراء التعليم فى مصر ،وبتكلفة بلغت 250 مليون جنيه، وبعد ذلك تولى الوزير يسرى الجمل إزالة البرنامج بالكامل وتلاه وزيران آخران كل منهم وجد نفسه الحلم الذى تنتظره الثانوية العامة ،فهى الشهادة التى احتارت مع الوزراء وخططهم التى تذهب أدراج الرياح أولا بأول ،فشهدت أول تعديلاتها فى عام 1994 على يد الدكتور حسين كامل بإدخال نظام المواد الاختيارية المؤهلة للكليات إلى جانب المواد الإجبارية ،ومواد المستوى الرفيع ،ثم توزيعات الثانوية العامة على الصفين الثانى والثالث ،وأصبح بموجب هذا النظام يحق للطالب التقدم لدخول امتحان الدور الثانى سواء كان راسبا أوناجحا لتحسين المجموع ذلك بعد شهر واحد فقط من إعلان النتيجة ،وهو ما فتح الباب أمام الطلاب بنظام التحسين للحصول لأول مرة فى تاريخ التعليم على مجاميع تتخطى 100% وأعلى ،غير أنه مع كثرة النقد الموجه لهذا النظام من الآباء ورجال التعليم والخبراء تجاه فكرة التحسين ، فتم إلغاؤه فى عام 1999 وأبقت الوزارة على نظام الثانوية فى عامين والذى استمر حتى عام 2012 ،عندما جاء مجلس الشعب الإخوانى وألغى نظام العامين دون مقدمات وتم تطبيق نظام العام الواحد فى نفس العام ، برغم الأخطاء القاتلة فى توزيع المنهج وتدريسه والذى يحتاج تعديلات جوهرية لتجاوز الخلل فى حصول الطالب على المنهج الدراسى بالمرحلة الثانوية، فهى عملية مدبرة لاكتساب تأييد الرأى العام ،وهدم العملية التعليمية القائمة، وهو ما أثار خبراء التعليم الذين طالبوا بوجود سنة تمهيدية ،وأن يطبق النظام الجديد على من يدخلون الصف الأول الثانوى فى العام التالى مع توزيعات جديدة للمنهج والدرجات لتحقيق التحصيل العلمى. وقال: إن هذه السقطة من مجلس الإخوان والتى جاءت بسوء نية أوجهلا بالطبع، أربكت الأداء بالثانوية العامة، ولم يستطع هيكل الوزارة الصمود أمامها، فاضطر الجهاز التنفيذى من رجالها المخلصين لإيجاد حلول للتقليل من نتائج الكارثة،وجاء الحل الوحيد بالتخطيط لتجنب المشكلات المترتبة عليها على مدى ثلاث سنوات، وكان العلاج بأن الطالب الذى يرسب فى الصف الثانى بالنظام القديم يختار إما الاستمرار فيه أو اختيار النظام الجديد باعتبار السنة الثانية سنة نقل عادية ،ثم ترتب على الكارثة أيضا مشكلة الكتب المطبوعة والمعدة للتوزيع قبل التعديل والتى بلغت تكلفتها ثلاثة ملايين جنيه، واختارت الوزارة تغيير المناهج على مدى العامين التاليين وحتى العام الماضى 2014، باعتبار الصف الثانى امتدادا للصف الأول الثانوى خاصة فى المواد الأساسية وهى: اللغة العربية والأجنبية الأولى والثانية ،والرياضيات ،إضافة لمواد التخصص العلمية والأدبية، وتحددت مواد الشعبة الأدبية فى التاريخ والجغرافيا وعلم النفس والاجتماع والفلسفة والاقتصاد، وبالشعبة العلمية يدرس الطالب الفيزياء والكيمياء ،والأحياء والميكانيكا، والإحصاء، مع إلغاء المادة الإضافية من العلمى للأدبى، ومن الأدبى للعلمى التى أدخلت على نظام العامين الدراسيين من قبل، وركز النظام الجديد على أن تدرس مواد التخصص الأساسية بالتبادل بين (الفصلين الدراسيين) بحيث يدرس مجموعة فى (فصل دراسي) ويمتحن فيها، ويدرس الأخرى فى فصل ثان، وبما يتيح للطالب دراسة نصف منهج التخصص فى الصف الثانى الثانوى، والنصف الآخر فى الصف الثالث، مع إضافة مادتين فى النظام الجديد هما الموطنة وحقوق الإنسان، ومادة تكنولوجيا المعلومات دون أن تضاف للمجموع. نشأة الثانوية وحول تاريخ نشأة وتاريخ تطوير الثانوية العامة يقول الدكتور كمال مغيث أستاذ البحوث التربوية : إن محمد على باشا هو الذى بدأ بإقامة المدارس المتقدمة بديلا للكتاتيب والدراسة بالأزهر ،بهدف بناء الدولة الحديثة المعتمدة على القوى البشرية من الضباط والمهندسين والأطباء فأنشأ المدرسةالتجهيزية ( الثانوية) التى تجهز الطلاب للمدارس العليا ( الكليات) وذلك فى عام 1825 وانتظم فيها نحو 500 طالب من أبناء المماليك وموظفى الدولة ،وكانت الدراسة بها 4-5 سنوات ،وكانت إدارتها عسكرية ،ويدرس يها الطلاب اللغات الفارسية والتركية والعربية والحساب والجبر والهندسة والتاريخ والجغرافيا والعلوم والخط ،تمهيدا لإلحاق هؤلاء الطلاب بمدارس الطب والمهندسخانة والفرسان والمشاة ،وكانت تتبع ديوان الجهادية، وفى عام 1837 أنشئ أول ديوان للمدارس الذى يساوى ( الوزارة ) حاليا ثم أنشئت تجهيزية الأسكندرية فى العام التالى، وأنه بالنسبة لامتحانات الثانوية التجهيزية فكانت تعقد الامتحانات للطلاب فى المدارس العليا( الكليات) حسب التخصص والحاجة من الدارسين، إلا أن مشروع التعليم الناجح تدهور وانهار بعد مؤتمر لندن 1840 والذى شهد تحالف تركيا ودول أوروبا لتدمير قوة مصر ومحمد على، والقضاء على طموحاته التى طالت الدولة العثمانية وحتى مداخل عاصمتها ،وأغلقت المدارس التجهيزية فى عهدى عباس الأول (1848-1854) وسعيد (1854-1863) واختفت تماما لتعود مصر إلى عصر الكتاتيب والتخلف العلمى. عصر النهضة وقال الدكتور محمد الطيب عميد تربية طنطا سابقا إن الخديو اسماعيل (1863-1873) ينسب إليه بعث النهضة الحضارية فى مصر فى مختلف المجالات فبدأ بإنشاء مدرستين تجهيزيتين، هما الخديوية الثانوية بالقاهرة، ومدرسة رأس التين الثانوية بالاسكندرية اللتان استمرتا حتى الآن، وفى عهد الخديو توفيق (1879-1892) أضاف مدرسة تجهيزية ثالثة وهى المدرسة التوفيقية، وكان للمدارس الثلاث نظام وامتحان خاص بكل منها ،وتشكلت فى هذه الفترة لجنة لتنظيم التعليم، حددت الدراسة لمدة اربع سنوات، مع إقرار نظام وطنى واحد لامتحان الشهادة التجهيزية (الثانوية) للمدارس الثلاث، وكان أول امتحان حقيقى للثانوية العامة على مستوى الدولة فى يونيو 1887، وعقد الامتحان على مرحلتين الأولى: وهى مرحلة الامتحان التحريرى فى عشر مواد هى اللغة العربية والخط العربى واللغة الأجنبية (الانجليزية أو الفرنسية) والخط الخاص بهما ،والرياضيات (الحساب والهندسة ومبادئ الجبر ،والفلك والكيمياء والكبيعة والتاريخ الطبيعى ،وتاريخ مصر وجغرافية مصر ،ومبادئ تاريخ وجغرافية العالم، أما الامتحان الثانى وهو شفهى فى المواد التى درسها الطالب بشرط أن يكون اجتازها فى التحريرى بنجاحه، وكان يوم الامتحان الشفهى يعقد فى حفل كبير يحضره الخديو وكبار رجال الدولة،وبعض القناصل الأوروبيين، وأولياء أمور الطلاب، ويكون الامتحان على مرأى ومسمع من الحاضرين ثم تعلن النتيجة، ويحصل الناجحون على الشهادات والجوائز مع أنغام فرقة الموسيقى الخديوية ،وتنشر النتائج فى الصحف فى اليوم التالى مع صورالناجحين. أول تطوير وأضاف الباحث أنه فى عهد الخديو عباس حلمى الثانى (1892-1914) انشئت ثلاث مدارس تجهيزية جديدة( ثانوية) ليصبح مجموعها ست مدارس، وكلها مدارس للبنين ثم حدث أول تطوير للمدارس التجهيزية فى عام 1905 فى وزارة حسين فخرى لتكون الدراسة على مرحلتين كل منها سنتان، الأولى تكون فيها الدراسة عامة ،ويمنح الطالب منها شهادة الكفاءة، والتى تهيئ الطالب للوظائف الدنيا فى الحكومة، والمرحلة الثانية تتشعب فيها الدراسة إلى الأدبى والعلمى، وكان هذا أول تشعيب فى الثانوية العامة، ويمنح الطالب شهادة البكالوريا الممهدة للجامعة، وفى عام 1920 زادت المدارس التجهيزية إلى تسع ، ثمانية للبنين والتاسعة للبنات وهى أول مدرسة لهم فى مصر. وفى عام1935أصبحت هناك 30 مدرسة منها خمس للبنات، وأعيد تنظيم الثانوية التجهيزية لتكون أربع سنوات للدراسة العامة للحصول على شهادة الثقافة، والسنة الأخيرة للتشعيب فى ثلاثة أقسام هى: الأدبى والعلمى والرياضيات، ويمنح الطالب بموجبها شهادة (التوجيهية) وكان للجامعة بالاشتراك مع وزارة الأوقاف تحديد مواد الدراسة، وأسلوب وطرق الامتحانات، وفى عام 1951 فى عهد ناظر المعارف الدكتور طه حسين، أعيد تنظيم الثانوية العامة ،بحيث تكون خمس سنوات،بها عامان للقسم الإعدادى وينتقل الطالب إلى المدارس الفنية الثانوية إذا حصل على درجات منخفضة، والقسم الثانى للدرجات الأعلى ويحصل على شهادة الثقافة، والتى تؤهله بعد عامين للحصول على (التوجيهية) التى اقتصرت على شعبتى العلمى والأدبى وفى وزارة اسماعيل القبانى فى عام 1953 قسمت المرحلة الثانوية إلى الإعدادية لمدة سنتين تليها الثانوية لمدة ثلاث سنوات والسنتان الأخيرتان للتشعيب، وفى عام 1956 فى وزارة كمال الدين حسين تم فصل الإعدادى عن الثانوى ليكون مرحلة مستقلة ومدتها ثلاث سنوات، تليها المرحلة الثانوية لثلاث سنوات أخرى وتكون السنة الأولى عامة قبل التشعيب للعلمى والأدبى.