سواء كنا داخل القاهرة أو على أطرافها أو بعيدا عنها بكيلومترات قريبة أو أميال بعيدة .. فمن المفترض أن تكون الخدمة الطبية « متاحة و «طول الوقت، ولا تعانى أى عثرات فى التغطية.. لذا جالت تحقيقات الأهرام هنا وهناك بحثا عن آهات مرضى لا تصل للمسئولين ربما لبعد المسافات،أو ربما تصل ولكنهم يعجزون عن التصرف بدعوى قلة الإعتمادات، وجدنا أن الشكوى تتشابه فى محافظات الواحات، مع منشأة القناطر وحتى المنصورة عاصمة الطب فى مصر، والمعاناة لاتخرج عن أمرين: إما نقص الأجهزة أو نقص الأطباء والفنيين وكلاهما يحتاج دعما ماديا لا توفره ميزانية الدولة إلا بعد عشرات السنين!. ليس معقولا أن تتوقف خطة الرعاية الصحية على طلب التبرعات من أهل الخير، وليس مقبولا أن يظل المواطن المصرى يعانى من المرض وقلة العلاج وطول المسافات! إنما الطبيعى أن يجد خدمة طبية تتيح له التداوى بكل يسر وكرامة ودون تحميله مالا يطيق من المشاق والصعوبات. «الفرافرة» .. رحلة الموت السريع على مدى سنوات طويلة عانت مستشفيات المدن البعيدة والمناطق النائية من أزمات متكررة تؤثر فى الخدمات الطبية لبسطاء المواطنين .. يحدث هذا فى سيوة وسفاجا ورأس غارب ودهب رغم وجود مستشفيات ووحدات صحية بتجهيزات شبه كاملة أنفقت عليها الدولة ملايين الجنيهات ، ولكنها تقريبا منذ تسليمها معطلة.. ومستشفى الفرافرة تلك الواحة البعيدة عن القاهرة 550كم مازالت بنفس قدرتها شبه المنعدمة فى علاج المواطنين رغم تضاعف أعدادهم من 5 آلاف إلى ما يقارب 57 ألفا خلال العقدين الأخيرين نتيجة التنمية الزراعية واتساع رقعة الزراعة.. وغالباً ما ترفض مستشفى الفرافرة استقبال حالات مرضية عديدة وتقوم بتحويلها إلى مستشفى الداخلة التى تبعد عنها نحو 300كم، وقد لا تستقبله مستشفى الداخلة أيضا، فتحوله إلى الخارجة أو أسيوط مما يؤدى إلى حدوث مضاعفات تصل فى بعض الأحيان إلى الوفاة ، كما حدث قبل شهر مضى مع كرم محمود عبد السلام 22 سنة الذى أصيب فى حادث فحولته مستشفى الفرارة إلى مستشفى الداخلة فرفضت استقباله لسوء حالته بعد الرحلة الطويلة فحولته إلى الخارجة التى رفضت أيضاً علاجه متذرعة بأن علاجه فى أسيوط ، لكنه توفى قبل وصوله إلى أسيوط نتيجة تزايد النزيف بالمخ . وقبل شهور توفيت هيام رمضان 24 سنة فى أثناء توليدها، أما فاطمة عبد العزيز أحمد 29 سنة من قرية أبو هريرة والتى حملها زوجها إلى المستشفى لتضع مولودها، وبدأت محاولة توليدها، وأخرج الأطباء يد المولود واحتاج الأمر لإكمال الولادة بسلام إلى جراحة قيصرية، لكنها تعذرت لعدم وجود طبيب تخدير. وهو أمر متكرر بصفة دائمة كما يعترف مدير المستشفى الدكتور صلاح شلبى الذى أكد ل»تحقيقات الأهرام» أنه ومن معه من أطباء لا يألون جهداً فى تقديم أفضل خدمة طبية للمواطنين الفقراء ولكن حسب الإمكانات المتاحة، وأهمها عدم وجود طبيب تخدير وهو عنصر أساسى لإجراء أى عملية جراحية، ولذلك يضيف الدكتور صلاح شلبى نقوم بتحويل حالات الولادة القيصرية إلى مستشفى الداخلة ومنذ أكثر من أربعة أشهر أبلغت وزارة الصحة والمحافظة بعدم وجود طبيب التخدير وحاجتنا إليه. ولذلك نضطر لتحويل حالات الولادة والجراحة إلى مستشفى الداخلة مما أفقد المواطنين فى الفرافرة ثقتهم بالمستشفي، وإن كان وجود طبيب تخدير واحد يعمل تحت ظروف عصيبة قاسية ، فالأنسب له عمل إدارى كما يقول محمود عبد الله أحد شباب الواحة الذى يؤكد التأثير السلبى لنقص بعض التخصصات مثل الأنف والأذن والأشعة رغم وجود الأجهزة فضلاً عن عدم استمرارية القوافل الطبية التى ترسلها وزارة الصحة وعدم كفايتها لملاحقة مشكلات المواطنين الصحية وأمراضهم..وحتى هذه القوافل لا يتم الاستفادة المرجوة منها لعدم وجود أطباء تخدير. ويؤكد د.صلاح شلبى أن المستشفى والمديرية خاطبتا إدارة القوافل فى الوزارة لتوفير أطباء تخدير، ولكن لم يهتم أحد ، مضيفاً أن النقص الحاد فى عدد الأطباء يعود إلى عدم مراعاة مديرية الصحة بالخارجة عند تعاقدها مع الأطباء للعمل فى الفرافرة بند النوبتجية والسهرة المتعارف عليه فى التعاقدات فى المحافظات الأخرى لتوفير مبلغ لا يزيد على 500 جنيه بدلاً من تحفيز الأطباء بزيادة المكافآت وحل مشكلة المستشفى فى زيادة رواتب التعاقد.. وقد سجلت «تحقيقات الأهرام» شكاوى عديدة من أهل الواحة وقراها الجديدة من نقص الأطباء وعدم النظافة داخل المستشفى ، وهى من العناصر الأساسية فى المنشآت الطبية إلا أن المستشفى يعانى كما يقول حمدى حمودة من نقص شديد فى أعدادها، فلا يوجد سوى 12 عاملاً منهم 3 موسميين، يعمل منهم 8 عمال فقط بحسب نوبات الخدمة رغم أن العدد المطلوب 70 عاملاً، بسبب تزايد حركة التردد على المستشفى تتزايد يوماً بعد يوم، فالعيادة الخارجية تستقبل يومياً 200حالة فضلاً عن أعداد أخرى من المرض فى تخصصات مختلفة. وهكذا فإن الدولة تتحمل نفقات إنشاء المستشفيات وشراء الأجهزة الحديثة ولكنها تعجز عن توفير الأطباء أو الفنيين لاستغلالها استغلالاً مفيداً وبعض الأجهزة تظل شهوراً طويلة لا تعمل وبعضها يصدأ ويفقد صلاحيته بسبب إهمال بسيط أو بيروقراطية عفنة، والسؤال : هل تظل الدولة على إهمالها لمثل هذه المستشفيات خصوصاً فى المناطق البعيدة النائية؟ ولماذا لا تسهم المحافظة من خلال صندوق الخدمات بتحمل مكافآت وحوافز الأطباء لسد العجز وتحفيزهم على العمل فى هذه المناطق؟ ولماذا تعجز وزارة الصحة عن توفير أطباء تخدير لمستشفى يخدم ما يقرب من 60 ألف مواطن فضلاً عن أعداد غير قليلة من سائحى السفارى والصحراء البيضاء!!