مع أنه من السابق لأوانه إجراء تقويم نهائى لنتائج القمة العربية الأخيرة فى شرم الشيخ إلا أنه يمكن القول إن سحابات الصيف التى تعكر صفو سماء العلاقات العربية مرشحة للانقشاع إن عاجلا أو آجلا وأن الجميع سوف يدرك أهمية المسارعة بتنقية الأجواء وإعادة إحياء صيغ العمل العربى المشترك وتفعيلها على أرض الواقع خصوصا ما يتعلق بصيغ التكامل الاقتصادي. ولعل ذلك هو ما يعزز رأيى - الذى ألح عليه طوال السنوات العشرين الماضية - بأن السوق العربية المشتركة هى الأرضية الصلبة التى يمكن البناء عليها من أجل أمن قومى عربى شامل لأنه فى غيبة من أمن اقتصادى عربى يصعب الحديث عن إمكانية إقامة أمن سياسى عربى أو أمن جنائى عربي. وإذا كان من الطبيعى أن يقال بأنه لا يمكن الحديث عن الأمن العربى دون ربطه بمحيطه الجغرافى وماضيه التاريخى فإنه أيضا لا يمكن أن نحلم ببناء استراتيجية ناجحة لهذا الأمن العربى دون أن تكون قاعدة البناء قاعدة اقتصادية قوية ومتكاملة. والحقيقة أننا لو ألقينا نظرة على الأمم والشعوب التى نجحت فى أن تقيم لنفسها قاعدة اقتصادية موحدة من نوع ما تحقق تحت مظلة السوق الأوروبية المشتركة ووصل بالقارة الأوروبية إلى درجة الوحدة فسوف نكتشف - دون عناء - أن هذه الأمم والشعوب لم تقفز إلى الإطار السياسى لتحقيق أمنها المنشود وإنما ركزت فى البداية على البعد الاقتصادى وتدرجت فى خطوات البناء بتعزيز مقومات التوحيد الاقتصادى والتجارى فيما بينها! ولعلنا نتذكر أننا كنا أسبق من أوروبا بسنوات كثيرة فى طرح فكرة السوق المشتركة، ولكننا تقاعسنا - دون مبرر - وتخلفنا بأكثر مما ينبغى ولم يعد أمامنا الآن خيار سوى الإسراع بدوران عجلة العمل على هذا الطريق لكى نستطيع أن نعوض ما فاتنا وأن نلحق بمن سبقونا! وغدا نواصل الحديث خير الكلام: يعطى الرب الطيور طعامها.. ولكن عليها أن تطير بحثا عنه ! [email protected] لمزيد من مقالات مرسى عطا الله