برغم أن الموت هو الحقيقة الوحيدة المؤكدة في هذه الحياة إلا أن رحيل الدكتور ابراهيم الفقي جاء مفاجأة محزنة لكل محبيه ومريديه من أهله وأصدقائه وزملائه وكل من تتلمذ علي يديه. وأعتقد أن كل من فاته أن يلتقي فقيد مصر ولو مرة واحدة في حياته فقد فاته الكثير, حيث كان رحمه الله نموذجا فريدا في فن التعامل مع الحياة.. كان دائما يذكر بكل الفخر والاعتزاز انه رجل عصامي بدأ رحلته مع النجاح في مونتريال بكندا عام1978 عاملا بسيطا يغسل أطباق الطعام في الفنادق وسرعان ما أصبح مديرا عاما لعدة فنادق طراز خمس نجوم وقاوم كل من أرادوا احباطه بدعوي أن مفاتيح النجاح بعيدة عن احلامه ولكنه صمم علي أن يبدأ ويحاول حتي ولو قدر له الفشل فكان دائما علي موعد مع النجاح.. وكان دائما يشير في لقاءاته وندواته الي ان النجاح في متناول الجميع, وأن أي انسان يملك القوة يحقق مايتمناه, وأن كثيرا من حالات الفشل في الحياة كانت لأشخاص لم يدركوا كم كانوا قريبين من النجاح عندما اقدموا علي الاستسلام, وهكذا صعد دكتور ابراهيم الفقي سلالم الإدارة حتي أصبح واحدا من أشهر وأمهر المتخصصين في إدارة الموارد البشرية علي مستوي العالم, وتدرب علي يديه أكثر من نصف مليون شخص حول العالم, وله رصيد هائل من المحاضرات التي كان يلقيها بالعربية والانجليزية والفرنسية بطلاقة واقتدار من خلال مؤسساته التدريبية في كندا وأمريكا ومصر. وكان أحد الذين يحملون مفاتيح السعادة, فقد نشأ محبا للحياة لأنه تعود أن يراها من جانبها المضيء وكان حريصا علي أن يحمل في يديه شمعة يبدد بها ظلام الجانب الآخر, وحصل علي العديد من الدرجات العلمية في الإدارة وعلم النفس والتسويق والتنمية البشرية وحصل علي درجة الدكتوراه في علم الميتافيزيقا من جامعة لوس انجلوس بالولايات المتحدةالأمريكية فكان من أوائل الذين اجتهدوا وأجادوا في علم ديناميكية التكيف العصبي وعلم قوة الطاقة البشرية. وبرغم كل ذلك فقد كان متواضعا الي أبعد الحدود لدرجة انه كان يقول دائما إنه تعلم الكثير من زملائه وتلاميذه رغم الفارق الهائل في الخبرة والموهبة.. وكان بطلا رياضيا ومثل مصر في بطولة العالم في تنس الطاولة في ألمانياالغربية عام1969, وكرس حياته لحث الناس علي البحث عن السعادة, وله مقولات شهيرة في هذا المجال عش كل لحظة كأنها آخر لحظة في حياتك.. عش بالإيمان.. عش بالأمل.. عش بالحب.. عش بالكفاح.. وقدر قيمة الحياة.. وكان يقدس العمل ويري أنه عبادة واجبة علي كل فرد في المجتمع وأن أي عمل يتم بدون أمل يؤدي الي ضياع العمل, وأن الأمل بدون عمل يؤدي الي خيبة الأمل, فسعادة العمل تجدها مع الأمل, وروعة الأمل تجدها في العمل, وإن لم تكن سعيدا بحياتك الآن فلن تكون سعيدا بأي حياة. هذا هو دكتور ابراهيم الفقي الذي سبقنا الي دار الحق قبل أن يجيبه أحد عن سؤاله وقلقه عما يحدث في مصر الآن إلي أين نحن ذاهبون؟؟. هذه الكلمات المعبرة للدكتور هاني عبدالخالق أستاذ إدارة الأعمال, وأضيف إليها أن الدكتور ابراهيم الفقي واحد من أروع الأمثلة التي يجب أن يحتذي بها الشباب في علمه وخلقه وصبره ودأبه المتواصل حتي اللحظة الأخيرة في حياته.