دخلت العلاقات الاقتصادية بين القاهرة وأديس أبابا مرحلة جديدة من النمو بعد زيارة الرئيس عبدالفتاح السيسى لإثيوبيا، والتى حفزت رجال الأعمال من الطرفين على بذل مزيد من الجهود للوصول بحجم التبادل التجارى إلى المستوى الذى يليق بالعلاقات التاريخية التى تربط شعبين يشربان من مصدر واحد للمياه. وتتبنى وزارة الصناعة والتجارة والمشروعات الصغيرة والمتوسطة بمصر مبادرة لمنح التسهيلات والتيسيرات لتحقيق مزيد من التعاون بين رجال القطاع الخاص بالبلدين للمساهمة فى تنمية وتعزيز العلاقات التجارية لتصل إلى 500 مليون دولار خلال ال 3 سنوات المقبلة، فى الوقت الذى لا تتعدى فيه حالياً 200 مليون دولار. وأكد المستثمرون المصريون أن الملف الاقتصادى بين البلدين من أهم الملفات التى ستمهد وتسهم فى تعزيز الملفات الأخرى منها ملف المياه. وأكد أيمن عيسى رئيس مجلس الأعمال المصرى الإثيوبى أن المحادثات التجارية بين القاهرة وأديس أبابا من شأنها تعزيز لغة المحادثات على مستوى المفاوضات، فلغة المصالح لابد أن تسود الحوار المشترك خاصة أن هناك حالة حوار مختلفة تماما مع إثيوبيا بعد ثورة 30 يونيو التى أعادت مصر لعلاقاتها القوية مع دول العالم خاصة القارة الإفريقية. وأضاف أننا نؤمن بأن العلاقات الجيدة فى أى ملف سواء كان على المستوى الاقتصادى أو التراث أو الثقافة سوف يخدم الملفات المتعثرة، بما يخدم مصالح جميع الأطراف المشتركة وليس لحساب طرف على الآخر، مشيراً إلى أن التشابك فى العلاقات على مستوى التجارة والاقتصاد سوف يعمل على تعزيز لغة الحوار فى باقى الملفات ويعمل على دعم العلاقات ووضع الحلول الجذرية، لأنه يحافظ على العلاقات المشتركة للطرفين. وأوضح أن المحادثات على مستوى السياسية تبدأ من الجانب الاقتصادى وهو ما أجمعت عليه القيادات السياسية فى البلدين، بدءا من لقاء الرئيس عبدالفتاح السيسى ورئيس الوزراء الاثيوبى على هامش اجتماعات الاتحاد الإفريقى فى مالابو وكذلك اللقاء الثانى خلال أعمال اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة فى نيويورك، وفى الزيارتين الناجحتين للرئيس عبدالفتاح السيسى لإثيوبيا. وأكد أن الملف الاقتصادى يعد قاطرة قوية لدعم العلاقات بين البلدين، فعمليات التبادل التجارى لم تتوقف خلال السنوات الماضية وأثبت الملف الاقتصادى مدى متانة العلاقات بين البلدين رغم التحديات التى واجهتها مصر منذ ثورة 25 يناير. وأضاف أننا أدركنا أن دولة إثيوبيا مهمة ومحورية وكذلك الجانب الإثيوبى أدرك دور وقوة مصر وهذا الفكر نفسه يمكن البناء عليه خاصة أنه تم التوصل إليه بعد مرحلة من الإهمال والتعالي، فى ظل قيادة سياسية حكيمة أدركت أخطاء الماضى ووضعت رؤية جديدة للتعامل مع المستقبل وفتح صفحة جديدة من الثقة والتعاون والمصالح المشتركة. وأشار إلى أن مصر تستورد اللحوم من إثيوبيا بكميات ضخمة، فيما تعد أثيوبيا على رأس الدول المصدرة للحوم سواء الحية أو المبردة أو المجمدة، لديها أجود أنواع اللحوم، كما تعد الدولة الأولى فى إفريقيا من حيث الإنتاج، حيث تنتج نحو مليونى رأس سنويا، كما أن هذه اللحوم تربى على المراعى الطبيعية ولا تستخدم الكيماويات وتصل إلينا وهى لحوم حية أرخص من استيراد اللحوم المجمدة. وأضاف هناك رغبة من مصر فى عمليات استيراد اللحوم من إثيوبيا، لكن المشكلة فى عدم قدرة الموانئ المصرية على استيعاب كميات اللحوم الحية المستوردة من إثيوبيا لقلة وضعف سعة هذه المحاجر، وهو ما يحد من تدفق استيراد اللحوم من أثيوبيا، وأكد أن الميزان التجارى بين مصر وأثيوبيا ضعيف جداً ولا يتناسب مع العلاقات التاريخية حيث يصل إلى نحو 300 مليون دولار، وتعد صادراتنا لإثيوبيا أقل من 1% من حجم الاستيراد الكلى لإثيوبيا. وأوضح أن الشركات المصرية بقدراتها التصديرية غير معلنة لأسواق إثيوبيا، كما تركز الشركات المصرية على الأسواق أخرى على حساب هذا السوق، وهو الدور الكبير الذى لابد أن تسعى إلية مجالس الأعمال المختلفة لإعادة اكتشاف السوق الإثيوبية مجدداً. وأكد أن عدد الشركات الإثيوبية العاملة فى مصر يصل عددها لنحو 7 شركات معظمها يعمل فى صناعات لخدمة السوق الاثيوبية وفى مجال الزراعة، أما الاستثمارات المصرية فى إثيوبيا فتصل لنحو مليارى دولار، فيما يصل عدد الشركات المصرية المسجلة فى اتحاد الغرف الأثيوبية نحو 279 شركة منذ 2009. وقال أحمد زايد رئيس اللجنة الاقتصادية بمجلس الأعمال المصرى الإثيوبى إن المنطقة الصناعية المصرية فى ولاية الأورميو التى ستخصص للمشروعات المصرية بإثيوبيا ستفتح أفاقاً جديدة للتعاون المشترك، فالاستثمارات المتوقعة لهذه المنطقة ستصل إلى نحو 155 مليون دولار لاستيعاب نحو 100 مصنع فى قطاعات الملابس الجاهزة والتصنيع الغذائى والصناعات الهندسية والأجهزة الكهربائية والكيماويات والتعبئة والتغليف وغيرها من القطاعات الهامة التى تحتاجها السوق الإثيوبية. وقال إن الاقتصاد الاثيوبى حقق معدلات نمو مرتفعه خلال السنوات العشر الماضية، حيث سجل معدل نمو اقتصادى بلغ 9.7% وكان فى عام 2012 الاقتصاد الثانى عشر الأسرع نمواً فى العالم. وأضاف إن قطاع الخدمات شكل نحو 46.1% من النمو الذى تحقق خلال العام 2013/2014، تلاه الزراعة بنحو 32.1%، ثم الصناعة بنحو 21.8%. وأوضح أن تقرير آفاق الاقتصاد الإفريقى لعام 2014 الذى يصدر عن بنك التنمية الأفريقى بالاشتراك مع منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية وبرنامج الأممالمتحدة الإنمائى أرجع نمو قطاع الخدمات بأثيوبيا إلى زيادة نمو قطاع تجارة الجملة والتجزئة، والنقل والاتصالات، والفنادق والسياحة، وساعدت طفرة البناء والتشييد، جنبا إلى جنب مع التوسع فى التعدين والصناعة التحويلية، على نمو القطاع الصناعى بنسبة 18.5%. ومن المتوقع بحسب التقرير استمرار تحقيق القطاع الصناعى لمعدلات نمو قوية خلال 2013/2014 و2014/2015، مدفوعاً باهتمام الحكومة الإثيوبية بالتصنيع خاصة فى الصناعات الصغيرة والمتوسطة، لزيادة القيمة المضافة وتوفير فرص العمل. وقال تامر صادق الأمين العام لمجلس الأعمال المصرى الإثيوبى ومدير عام الدعم التسويقى وتطوير الأعمال ببنك مصر: إن البنوك جاهزة لتمويل حركة التجارة والاستثمار فى إثيوبيا. وأوضح أن ثلاثة بنوك حكومية هى البنك الأهلى وبنك مصر وبنك القاهرة بالإضافة إلى عدد من رجال الأعمال قاموا بتأسيس شركة «نايل هولدنج» بهدف الاستثمار فى دول حوض النيل وفى مقدمتها أثيوبيا، مما سيعزز من حركة الاستثمار والتجارة البينية بين البلدين خلال الفترة المقبلة وكذلك دعم التواجد المصرى فى أثيوبيا من خلال القدرات التمويلية التى تتيحه الشركة فى مختلف المجالات. وأضاف أن الجهاز المصرفى المصرى ليس لدية أية مشكلة فى تمويل حركة الاستثمار، إلا أن إثيوبيا تضع بعض القيود على فتح فروع للبنوك هناك أو أى مؤسسات مالية سواء أو تأمين أو شركات سمرة، بهدف حماية جهازها المصرفى من المنافسة القوية من جانب المؤسسات المالية لأخري. وقال إن البنوك المصرية تشجع وتساند بقوى تأسيس المشروعات الاستثمارية وعمليات الأستيراد والتصدير لأسواق إثيوبيا، وأنه لا توجد أى إجراءات محددة للتعامل مع السوق الإثيوبي، فالجهاز المصرفى فى مصر يتعامل بشكل عادى جداً مع السوق الاثيوبى ولا يوجد أى مشكلة فى تمويل عمليات التجارة المشتركة.