انخفاض جديد في أسعار الذهب اليوم الثلاثاء 7 أكتوبر 2025    "سرايا القدس" تنشر: مهما طالت الحرب فنحن أهلها.. ومن يريد نزع سلاحنا سننزع روحه    تخدير إسرائيل وتأخير التعبئة 48 ساعة.. مفاجآت عن خطة الخداع المصرية في حرب أكتوبر    بولندا تدرج شركتين في قائمة عقوباتها بزعم ارتباطهما بروسيا    «حطه على الشاحن».. إبراهيم فايق يعلن اسم مدرب الأهلي الجديد    تجديد حبس صاحب ورشة سرية لتصنيع الأسلحة البيضاء بالجيزة    طقس الأربعاء 8 أكتوبر 2025: درجات حرارة وموجة خريفية معتدلة    مدير الحملة يكشف كواليس فوز خالد العناني بمنصب مدير عام اليونسكو    رامي المتولي يكتب: "حسين فهمي يعيد صياغة العلاقة مع الصحافة والشباب"    باسم يوسف: 'أمي ربنا افتكرها مشافتش قَلبة الناس على ابنها.. ده كان قتلها'    مواقيت الصلاة فى أسيوط غدا الأربعاء 8102025    محافظ الغربية يستقبل نائب وزير الصحة ويؤكد القطاع الطبي يشهد طفرة غير مسبوقة    حسناء سيف الدين تكشف كواليس آخر يوم تصوير من "2 قهوة"    المستندات المطلوبة للترشح في انتخابات مجلس النواب 2025    إلى أين يتجه الصراع بين دمشق والأكراد؟ اشتباكات حلب تفتح الباب لسيناريوهات مقلقة    الطلاب الممنوعون من تطعيمات المدارس بأمر الصحة    اكتشاف يجعل المستحيل ممكنًا «عباءة الإخفاء الكمومية» تمنح أمريكيًا وبريطانيًا وفرنسيًا نوبل الفيزياء    هؤلاء ممنوعون من السفر لحج القرعة لعام 2026 (انفوجراف)    السجن 3 سنوات لمتهم بسرقة هاتف من سائق فى مصر القديمة    سلة الزمالك يهزم ألعاب دمنهور في بطولة دوري المرتبط    لتطوير منظومة العمل الإداري .. الزمالك يعتمد تشكيل المكتب التنفيذي الجديد بخروج أحمد سليمان ودخول محمد طارق    عقوبات الجولة العاشرة من الدوري المصري    إنتر ميلان يدرس ضم أكانجي بشكل نهائي من مانشستر سيتي    محافظ المنوفية يحيل عدداً من المختصين بالزراعة والوحدة المحلية بالبرانية وجريس للنيابة    شحاته السيد عضواً بتحالف اليونسكو للدراية الإعلامية والمعلوماتية    مدبولي: استضافة مصر لقاءات بين حماس وإسرائيل دليل على قوتنا الإقليمية    قبل مغادرته.. البابا تواضروس يُدشّن كنيسة أُنشئت بأمرٍ ملكي في عهد الملك فاروق قبل أكثر من 80 عامًا    4 أبراج روحهم في مناخيرهم.. العصبية جزء من شخصيتهم    خاص.. كيشو ممنوع من تمثيل أي دولة أخرى غير مصر حتى يناير 2028    محافظ الغربية يفتتح الملعب القانوني الجديد بنادي السنطة بتكلفة 797 ألف جنيه    فتح باب التسجيل لقبول دفعة جديدة من الدارسين برواق العلوم الشرعية والعربية بالأزهر    وزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات يزور مدرسة WE للتكنولوجيا التطبيقية (صور)    لمناقشة عدد من الملفات المهمة.. بدء اجتماع الحكومة الأسبوعي برئاسة الدكتور مصطفى مدبولي    توزيع جوائز مسابقة أفضل مقال أو دراسة نقدية حول الأفلام القصيرة جدًا بأكاديمية الفنون.. غدًا    أسماء جلال من كواليس «فيها إيه يعني؟»: «كل واحد يخليه في حاله»    سوق حضارى جديد ببنى مزار للقضاء على الأسواق العشوائية بالمنيا    «بصلي وبصوم وبسرق وعاوزة أكفر عن ذنبي».. أمين الفتوى يجيب    رمضان عبد المعز: الإيمان بأقدار الله يُريح الروح ويُهدي القلب    ما حكم سب الدين عند الغضب؟.. أمين الفتوى يُجيب    كشف غموض اقتحام 3 محال تجارية في قنا    مجلس جامعة حلوان يستهل جلسته بالوقوف دقيقة حداد على روح رئيس الجامعة الأسبق    تُدشّن مبادرة الكشف المبكر عن أمراض سوء التغذية لطلاب المدارس بالمنوفية..صور    «فوائد بالجملة».. ماذا يحدث لجسمك عند تناول كوب من الشاي الأخضر في الصباح؟    وزير الخارجية يلتقي رئيس الأكاديمية العربية للعلوم والتكنولوجيا والنقل البحري    سكرتير عام المنيا يتابع معدلات تنفيذ المشروعات التنموية    بسبب معاكسة فتاة.. إصابة شخصين في مشاجرة بالأسلحة البيضاء في أوسيم    بورسعيد الدولية لحفظ القرآن الكريم: أحمد عمر هاشم خدم كتاب الله وساند المسابقة    قطاع الأمن الاقتصادي يضبط 2691 قضية متنوعة خلال 24 ساعة    اليونيسيف: أطفال غزة يعيشون رعبا ينبغي ألا يواجهه أي طفل    مدبولي يوجه بتوفير التغذية الكهربائية للمشروعات الزراعية الكبرى    كيروش: مواجهة قطر صعبة.. ونطمح للانتصار في بداية مشوار التأهل    محافظ بورسعيد للطلاب: عليكم بالتمسك بالأخلاق الحميدة التي يرسخها الأزهر الشريف    جامعة القناة تنظم مهرجان سباق الطريق احتفالًا بذكرى انتصارات أكتوبر (صور)    أغلقوا المدرسة قبل موعدها، تحويل العاملين بابتدائية قومبانية لوقين بالبحيرة للتحقيق    الأهلي يحيل ملف ثلاثي الفريق إلى لجنة التخطيط لحسم مصيرهم    وكيل صحة بني سويف يشيد بدور التمريض: العمود الفقري للمنظومة الصحية    ضبط 99 ألف مخالفة مرورية متنوعة خلال 24 ساعة    وزير الخارجية: نثق في قدرة الرئيس ترامب على تنفيذ خطة غزة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



غني لها أساطين الطرب بورسعيد‏..‏ أنشودة الفداء
نشر في الأهرام اليومي يوم 16 - 03 - 2012

مما لاشك فيه أن الثلاثين عاما الماضية ساهمت في تجريف أرض الغناء المصري والعربي وضربت الذائقة السليمة في مقتل بعدما تراجعت المفرادات والمعاني بصورة يندي لها الجبين‏, وجنح قاموس التطريب نحو مفردات مستهلكة لا تشفي القلوب العليلة ولا تبعث الأمل في وجداننا الوطني الذي يرتبط بطينة هذه الأرض التي علمت البشرية جوهر الحضارة الإنسانية النابعة من بين ضفتي نهر النيل الذي روي شجرة الحياة والفن في مصر علي مدار التاريخ.
وكما هو حال التراجع علي مستوي الكلمة الشاعرة المعبرة عن نبض الحياة الباعثة علي الوطنية جاءت الموسيقي في معظمها نشاز مقتبس من ألحان تركية وإسبانية وإنجليزية, ولأنها تصب في نهر الغناء المتهالك فقد طالت تلك الكلمات والموسيقي- للأسف- الأغنيات الوطنية علي جناح الركاكة المخجلة كما إستمعنا وشاهدنا مؤخرا في أعقاب مجزرة بورسعيد التي راح ضحيتها74 شابا, فبعد أن شهدت المدينة الباسلة ملاحم وبطولات محفورة في ذاكرة التاريخ الحي وجسدها أساطين الغناء أمثال( أم كلثوم, شادية, عبدالحليم, فايدة كامل, فريد الأطرش وغيرهم من رواد الطرب الأصيل) ماجعلها أسطورة في الفداء والدفاع عن الشرف صارت بين عشية وضحاها رمزا للعنف الملون بالأحمر والذي هو براء من أهلها وناسها الطيبين أحفاد أبطال56 و67 و73, و الذي ذهبت أروحهم فداء لهذا الوطن.
والذي يثير إشمئزاز الحس الوطني أن يعاد إنتاج أغنية قديمة بعنوان يارايح بورسعيد تلك التي قدمت أثناء العدوان الثلاثي عام 1956 الثلاثي علي مصر, وكانت علامة مميزة لهذه المدينة بشكل مختلف حتي فوجئنا أن بعض الإعلاميين خاصة الرياضيين الذين يفتقدون لأي ضمير وفقر في المعلومات عن تاريخ بلادهم يتعامل معها علي إنها أغنية جديدة, تظهر شعب بورسعيد إنه شعب همجي يحب الدماء والبلطجة,عبر كلمات رنانة وممجوجة تهدف لشق الصف الوطني وتقول:
يا رايح بورسعيد اكتب لأمك وصية
عشان هتموت اكيد.. وكمان ملكش دية دا
بورسعيد مقبرة للعدوان.
وقدمت أغنيات آخري وطنية عن بورسعيد نابعة من تلقائية الحس الشعبي المصري في محاولة للملمة شمل العائلة المصرية الموجوعة مثل: يا بورسعيد يا حلوة يا سكرة محتار أنا بينك وبين القاهرة, وأغنية شعبان عبدالرحيم:
كفاية بقي شغل ندالة.. الفتنة دايرة وشغالة
حرام عليكم دي بورسعيد هي بلد الرجالة
وأغنية لمطرب بورسعيدي يدعي علي الألفي يقول مطلعها: بلدي بريئة.. واللي حصل ده مؤامرة دنيئة.. رايح أشجع.. عمره ما ينفع أقتل مصري بأي طريقة.. بلد البالة طول عمرها جدعة وشيالة
فضلا عن أغنية لحميد الشاعري بعنوان أنس وعلاء, يرثي فيها أصغر شهداء مذبحة بورسعيد أنس محيي الدين, وشاركه فيها الغناء الملحن مصطفي شوقي, كما قدم الفنان الشاب تامر حسين أغنية بعنوان سلام يا بلدي إهداء منه لشهداء مذبحة بورسعيد, وهي من كلماته وألحانه وتوزيع عادل حقي.
كل مامضي من نماذج غنائية تندرج تحت مسمي الغناء الوطني عن بورسعيد2012 يجعلنا نترحم بلاشك علي أغنيات الجيل الذهبي للأغنية المصرية, الذي وضع بورسعيد في قلبه وأمام عينه, وقدم مجموعة من الأغنيات الخالدة التي خلدت كفاح شعب ومدينة بورسعيد الباسلة والتي تعد المدينة الوحيدة في مصر التي غني لها كل مطربي مصروالعالم العربي, وجاء ذكر إسمها بحروف مكتملة في معظم هذه الأغنيات وهي سابقة نادرة لم تحدث إلا لمدينة القاهرة.
تعالوا معا نستعيد الذكريات العنائية للمدينة المشهود لها بالبسالة والصمود, فعندما نزل العدوان الثلاثي بورسعيد عام1956 ليصب ناره علي مصر الآمنة وجعل من بورسعيد ميدانا لهجومه, إنطلقت الأغاني الوطنية كقذائف المدافع لتقلق المغيرين ولتجمع صفوف المقاتلين ولتحرض المجاهدين, وتحرك شعب بورسعيد ومن خلفه شعب مصر بكامله لرد العدوان وتشيد بشعب بورسعيد مرددة من شعر بيرم التونسي ولحن رياض السنباطي وغناء أم كلثوم:
ثلاث أمم يا بورسعيد
متقدمة بدبابات وطيارات تملا السما.. لأوله: داخله البلاد مستعمرة.. والثانية: بعد الإنكسار متجبرة.. والثالثة: علي العرب متأجرة
ومن شعر محمد التهامي ولحن عزت الجاهلي غنت المطربة نجاة علي: قسما بشعبك بورسعيد.. قسما بموقفك المجيد.. وبراية الأبطال ينقلها الشهيد إلي الشهيد..
وغني فريد الأطرش من تلحينه وكلمات مدحت عاصم نشيد بورسعيد يقول مطلعها: بورسعيد بورسعيد.. قبلة الشعب العتيد.. أنت أذهلت الوجود.. أنت سطرت الخلود..
ومن كلمات إسماعيل الحبروك وألحان محمد الموجي غنت شادية: أمانة عليك أمانة يا مسافر بورسعيد.. أمانة عليك أمانة لتبوس لي كل أيد.. حاربت في بورسعيد.
وغني عباس البليدي من كلمات طاهر أبوفاشا وألحان عبدالعظيم محمد أغنية بورسعيد التي يقول مطلعها:
بورسعيد بورسعيد كل حتة بورسعيد, المعارك في الشوارع بالمدافع والحديد, اللي نازل من السما يلقي قضاه, واللي جاي م البحر حيقابل رداه, كما تغني محمد قنديل من كلمات أمام الصفطاوي وألحان عبدالرؤوف عيسي: بالكفاح والسلاح بالجراح والدما.. شفنا يا بورسعيد أجمل صباح نوره مالي السما.. يا صباح الإنتصار.. ومن كلمات إبراهيم رجب وألحان عبدالعظيم محمد غنت سعاد مكاوي:
يا فرحتي بولدي.... شال السلاح في أيديه
والعزم كان في عنيه ينطق ويتكلم
وفي بورسعيد بلدي داس الحديد والنار
وبعزمة الأحرار حارب ولا سلم
وردد الجمهور مع صوت فايدة كامل أغنية مدفعي في أيديه كلمات إسماعيل الحبروك وألحان يوسف شوقي والتي تقول في أحد كوبلهاتها: زي أبويا ما قالها لأمي.. حاضرب لآخر نقطة في دمي.. وبورسعيد جوه عينيه ومدفعي في أيديه
وأشعلت الجماهير بصوتها القوي وهي تردد في نشيد الوطن الأكبر مع مجموعة الفنانون من كلمات أحمد شفيق كامل وألحان محمد عبدالوهاب:
قوميتنا اللي بنحميها اللي حياتنا شموع حواليها
جنة بتضحك للي يسالم وجحيم ثاير علي أعاديها.. شوفوا بيروت بعد العدوان الإستعمار فين والطغيان.. كبر الشعب وقوته سادت وبورسعيد حكايتها إتعادت.. عاش وانتصر الشعب العربي.
وأبكت الأمهات وهي تقول بصوتها القوي أنا بورسعيد أنا بورسعيد,و في نفس الوقت هزصوتها العالم كله عندما غنت من كلمات كمال عبدالحليم ولحن علي إسماعيل:
دع سمائي فسمائي محرقة.. دع قناتي فمياهي مغرقة.. وأحذر الأرض فأرضي صاعقة.. هذه أرضي أنا.. وأبي ضحي هنا
وأبي قال لنا مزقوا أعدائنا
وما كادت الإذاعة تردد هذا النشيد حتي إستمعنا إلي صوت من اذاعة بريطانيا يقول أوقفوا هذا الصوت إنه يهز عرش بريطانيا لو إستطاعنا إرسال عشرين طائرة لكي تسكت هذا الصوت ما ترددنا.
وغنت أحلام من كلمات عبدالفتاح مصطفي وألحان أحمد صدقي.. نادراك لليوم ده يا ولدي.. تحميني وتحرس بلدي.. سافر بورسعيد بالسلامة
أما العندليب الأسمرعبدالحليم حافظ فقد غني أكثر من أغنية من هذه الأغنيات منها أغنيته الجميلة تحت راية بورسعيد التي يقول مطلعها:
يا شعوب الشرق غني تحت راية بورسعيد
النهارده عيد في عيد.. عيد ميلاد عالم جديد.
وحكي بصوته حكاية شعب كلمات أحمد شفيق كامل ولحن كمال الطويل, وكان لبورسعيد نصيب الأسد في هذه الأغنية حيث قال:
كنا نار أكلت جيوشهم.. نار تقول هل من مزيد
انتصرنا ولسه عارهم ذكري.. في تراب بورسعيد
ولم يقتصر الغناء لبورسعيد علي المطربيين المصريين فغني المطرب اللبناني محمد سلمان قصيدة وطني كلمات الشاعر محمد الفيتوري وألحان يوسف شوقي والتي يقول في أحد كوبليهاتها:
يا بورسعيد إني فدا قبضة من ثراك الثمين
كما أشعلت زوجته في هذا الوقت المطربة نجاح سلام حماس الجماهير في مصر والعالم العربي وهي تغني عاشت بورسعيد التي يقول مطلعها: بورسعيد بورسعيد عاشت بورسعيد.. يا بورسعيد سمائك نار تذيب الحديد
ومن كلمات محمود حسن إسماعيل وألحان رياض السنباطي غنت:
أنا النيل مقبرة للغزاه.. أنا الشعب ناري تبيد الطغاه.. أنا الموت في كل شبر.. إذا عدوك يا مصر لاحت خطاه
وغنت المجموعة نشيد نجح وتردد بقوة يقول:
بحروف من نور وحروف من نار.. اكتب يازمان مجد الاحرار في بورسعيد.. بركان فوار مقدرش عليه الاستعمار
وهكذا تبدو بورسعيد الباسلة غارقة في مجد البطولة والبسالة والفداء رغم تلك الرياح البغيضة التي جاءت مباغتة كي تهيل التراب علي نضال مدينة وشعب خلده التاريخ وجسدها الأغنية الوطنية المصرية في أروع صورة, ونظرا لضيق المساحة لن نستطيع ذكر باقي الأغنيات التي تغنت بمدينة بورسعيد الباسلة, وسنكتفي فقط بذكر عناوين بعض مما يرسخ في الذاكرة مثل أغنية: ياريتني من بورسعيد غناء كارم محمود,بورسعيد غناء عباس البليدي, يا بورسعيد يا إسماعيلية غناء إبراهيم حموده, وتحت القنابل لمحمد عبدالوهاب وكل هذه الراوئع علي مستوي الكلمات والألحان والأداء يشير بما لايدع مجالا للشك بأن التجريف الثقافي والفني الذي أصاب مصر خلال الثلاثين عاما الماضية لم يدع الغناء يتراجع فحسب بل انه أصاب الذائقة في مقتل.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.