قال الناقد د. عبدالمنعم تليمة فى حوار خاطف معه - إن الإمام عبدالقاهر الجرجانى وصل بالتفكير النقدى الجمالى الى أعلى مرحلة، مشيرا الى أن أهل الاختصاص لا يزالون مشغولين بنظراته العبقرية التى صاغها فى تراثه الباقى. وردا على هجوم الشاعر السورى أدونيس أخيرا على النقاد العرب المحدثين أجمعين، ووصفه لهم بأنه لم يأتوا بجديد بعد الجرجانى، قال: إن المعاصرة محنة، ويجب علينا أن نتوخى ألاّ نأخذ فكرة أو رأيا من معاصر فيمن يعاصره ، موضحا أنه وجيله عاصروا فحولا مثل طه حسين والعقاد والمازنى وزكى نجيب محمود وأحمد أمين والحكيم وحسين مؤنس وآخرين، وكانوا يتوخون الحذر فى أخذ رأى معاصر عن معاصر . وأضاف د. تليمة: إن موقف أدونيس من الشاعر العظيم أحمد شوقى يحتاج الى مراجعة، ولقد أمضيت معه ليلة كاملة فى نقاش غاية فى الخصوبة ، ورأيت منه أفكارا مضيئة، وأخرى تحتاج الى مراجعة. ووصف تليمة شوقى بأنه أحد القمم الإبداعية فى الثقافة العربية. و عن النقد العربى الحديث قال: بعد الجرجانى هبت رياح الجمود والخمود، لكننا فى نهضتنا الحديثة منذ أكثر من قرنين شهدنا استئنافا للطاقات الفكرية والابداعية، وواصلنا التأسيس على ما ورثناه من قديمنا وما تعلمناه من عصرنا، مشيرا إلى أن هناك أعلاما برزوا فى النقدى والجمالى لا يقلون بحال عن نظرائهم الأقدمين أو الغربيين المعاصرين، منهم طه حسين وكوكبة من الشوام وجيل كامل من المصريين . وعن آفة النقاد العرب المعاصرين يقول د. تليمة: إنهما آفتان، الأولى لحقتهم جرّاء القهر والاستبداد المحلى حيث المحاصرة والمصادرة من أنظمة الحكم الديكتاتورية التى هيمنت على حياتنا فى السنوات الأخيرة، مما ألحق بالبنية الثقافية العربية تشوهات وألوانا من الصخب . وأماالآفة الثانية - بحسب الناقد الكبير - فقد جاءت من الجمود الفكرى، فلم نر فى حياتنا الثقافية الحديثة فلاسفة ومنظّرين ومفكرين مرموقين يمضون مع حركات التطور العربى وانتقالات العصر عموما الذى ينتقل فعلا الى آفاق الثورة الثالثة فى تاريخ الإنسانية وهى ثورة العلم وتطبيقاته التكنولوجية فى التوصيل والمعرفة . وأضاف تليمة: إننا من أسف لم نجد مفكرين يواكبون هذا التطور العام . وردا على سؤال عن مدارس النقد الجديدة وفشلها فى إضاءة النص الأدبي، قال: إن مدارس النقد الجديدة هيمنت فى الفترة ما بين الحربين 1914 - 1918 و1939 - 1945، حيث رأينا مدارس البنيوية والتفكيكية وغيرها، مشيرا الى أننا نسمّى المسألة الآن تسمية عامة وعريضة الى أن تنضج المدارس النقدية الجديدة التى لم تتمدرس - أى تنضج فى مدارس واضحة بحسب تليمة . واختتم د. تليمة حديثه مؤكدا أن أصوات المدارس والمناهج النقدية الجديدة خفتت ، لأن تطورات العصر عميقة ، وأمواجها عالية جدا .