كتب ستانلي ميسلر مقالة مهمة بصحيفة لوس انجلوس تايمز الأمريكية تساءل فيها.. لماذا لا تثق فينا مصر؟ وهو تقريبا نفس السؤال الذي نطرحه نحن من جانبنا.. لماذا نكره أمريكا؟ وذلك عقب أزمة التمويل الأجنبي بين مصر وأمريكا خلال الأيام الماضية. فالولاياتالمتحدة وبصورة درامية علي طريقة افلام الأكشن الأمريكية وزعيمها سلفستر ستالوني وعمليات المخابرات الأمريكية لمطاردة وقتل بن لادن ارسلت طائرة لاختطاف أو لانقاذ المتهمين ال18 الذين اعتقلتهم السلطات المصرية بتهمة الاشتباه في تمويل منظمات مدنية للعبث باستقرار مصر, بعد ان اجبرت السلطات بالافراج عن هؤلاء والسماح للطائرة بالهبوط والاقلاع وعلي متنها هؤلاء المتهمون علي طريقة الكاوبوي الأمريكية الشهيرة في نيكاراجوا وبنما! وبعيدا عن التفسيرات الهوجاء المتعلقة بالدين, فان نسبة كبيرة من المصريين لديهم شعوران مختلفان تجاه أمريكا: الأول: الاعجاب بالشعب الأمريكي وكثير من قيمه النبيلة ثم الاحترام والتقدير للتقدم العلمي والتكنولوجي للولايات المتحدة. الثاني: هو الاستياء العميق من المواقف الرسمية للولايات المتحدة بشأن جملة من القضايا العربية بدأت مع استقلال مصر وظهور أمريكا كقوة عظمي في منتصف القرن ال20 في مقدمتها التحيز الأمريكي الأعمي للجانب الاسرائيلي دون حتي أن تجهد نفسها في التفكير في التبريرات أو التفسيرات العربية وربما فشلنا في تقديم تلك المبررات التي تجعلهم يعيدون النظر في مواقفهم! والحقيقة أنه ليس المصريون فقط هم من يشعرون بالغضب ولا أريد أن استخدم كلمة الكراهية لأنها عنيفة ولا تصف الموقف بدقة فقد لمست في دول عديدة مشاعر غضب ضد سياسات أمريكا ربما أقوي مما لدينا وربما يكون الفرنسيون وشعوب الأرجنتين واليابان وروسيا وألمانيا والصين وباكستان وآخرون من أكثر الشعوب الغاضية من السياسات الأمريكية, وإذا أردت أن تعرف المزيد يكفي أن تسمع النكات التي تقولها تلك الشعوب علي الأمريكيين وما يقوله الأمريكيون عنهم! ولكن كل هذا الغضب لم يمنع كل تلك الدول من التعامل مع أمريكا ومساومتها بشكل عصري متطور في كل القضايا الخلافية بينهم. وسوف اعرض نموذجا واحدا نظرا لضيق المساحة وقد كنت مراقبا له عن كثب. وربما لايستطيع أحد أن يدعي أن هناك دولة انتقمت منها الولاياتالمتحدة بقدر ما فعلت مع اليابان بعد هجومها علي الأسطول الأمريكي في بيزل هاربر عام1941 حيث ضربت هيروشيما ونجازاكي بالقنابل الذرية لأول مرة في التاريخ. لم ينس اليابانيون ذلك أبدا ولكنه لم يمنعهم من التعاون مع الولاياتالمتحدة والدخول معها في تحالف استراتيجي ومساومات بشأن كل القضايا الخلافية وعلي سبيل المثال فقد ظلت الولاياتالمتحدة تفاوض اليابان أكثر من20 عاما من أجل دخول التفاح الأمريكي إلي الأسواق اليابانية. وهكذا..أمريكا تبحث عن مصالحها ومصالح مواطنيها وأحيانا بعجرفة ولكنها تنصاع عندما يكون مفاوضها ندا لها في التحضير والمساومة وليس القوة مثلما تفعل اليابان والهند! المزيد من أعمدة منصور أبو العزم