عندما تأسست الجامعة العربية عام 1945، تحقق حلم قديم فى أن تتوحد دول المنطقة تحت راية واحدة، وكان الأمل كبيرا فى أن تكون الجامعة العربية خطوة نحو تكامل عربى حقيقى ينهض بالأمة العربية، ويحمى دولها من أخطار لم تتوقف حتى الآن، خاصة وأن القرن العشرين الذى تأسست الجامعة فى منتصفه، يعتبر من أسوأ الفترات الزمنية للعرب، فلم تكن شعوب المنطقة كلها مستقلة، كما أن ولادة الجامعة العربية شهدت بداية الجهود الصهيونية لإقامة دولة يهودية فى فلسطين، وبعد ثلاث سنوات من إنشاء الجامعة، أعلن قيام دولة إسرائيل عام 1948. ومن البداية توالى على منصب الأمين العام شخصيات مصرية لها وزنها السياسى وإيمانها بوحدة العرب، إبتداء من أول أمين عام للجامعة، وهو الدكتور عبدر الرحمن عزام، وبعده عبد الخالق حسونه، ثم محمود رياض، وفى فترة تجميد الدول العربية لعضوية مصر احتجاجا على توقيعها اتفاقية كامب ديفيد، تم اختيار الشاذلى القليبى من تونس أمينا عاما للجامعة العربية، حتى عادت مرة أخرى إلى مصر، وتولى منصب الأمين العام، دكتور عصمت عبد المجيد وعمرو موسى وحاليا نبيل العربى، والثلاثة وزراء خارجية سابقون، وكل منهم بذل قدر استطاعته وجهوده من أجل لم شمل العرب، والمحافظة على الجامعة العربية ككيان يعبر عن المصالح والمستقبل المشترك للدول الأعضاء جميعهم، لكن ظلت القدرات المحدودة للجامعة نتيجة ما كان قد عبر عنه دكتور عصمت عبد المجيد، من أن الجامعة هى مرآة لحال دولها، فهى ليست كيانا له إرادة مستقلة، لكنها تعبر عن إرادات متعددة لكل أعضائها. كان أول من تولى منصب الأمين العام للجامعة العربية هو عبد الرحمن عزام، فى الفترة من عام 1945 وحتى عام 1952، ويعتبر عزام هو صاحب فكرة إنشاء الجامعة العربية، عندما دعا بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية إلى ضرورة انشاء إتحاد عربى يضم جميع الشعوب العربية، وقام بإستشارة عدد من السياسيين العرب حول المشروع، وتحمس عدد منهم خاصة إذا شاركت مصر فى ذلك الاتحاد لثقلها ودورها الكبير، وتحمس للفكرة الزعيم مصطفى النحاس، رئيس وزراء مصر فى ذلك الوقت، وبالفعل تم إنشاء الجامعة العربية عام 1945، وتم إختيار عبد الرحمن عزام أول أمين عام لها. وكان عزام فى شبابه مقاتلا، وشارك فى العديد من الحروب، ومنها الحرب العالمية الثانية، وقاتل ضد الإنجليز والفرنسيين والإيطاليين، حيث كان مؤمنا بالعروبة، ولذلك أطلق عليه "جيفارا العرب". وعقب توليه منصب أمين عام الجامعة العربية، تبنى القضايا العربية، وخاصة القضية الفلسطينية، بالإضافة إلى قضايا تحرير الدول العربية التى كانت لاتزال تحت سيطرة الاستعمار، ومنها ليبيا وتونس والمغرب والجزائر. وتوفى عبد الرحمن عزام عام 1976 عن عمر يناهز 81 عاما. خلف عبد الرحمن عزام فى منصب الأمين العام للجامعة العربية، محمد عبد الخالق حسونه، والذى تولى المنصب فى الفترة من عام 1952 وحتى عام 1972، شغل حسونه قبل توليه المنصب عددا من المناصب ومنها محافظ الاسكندرية عام 1942، كما كان عضوا فى أول بعثة دبلوماسية لوزارة الخارجية المصرية، وعقب توليه منصب أمين عام الجامعة العربية، عقدت عدد من القمم العربية أهمهم، القمة غير العادية فى القاهرة عام 1970، والتى عقدت بسبب الاشتباكات المسلحة التى نشبت بين القوات الأردنية والمقاومة الفلسطينية، وتوفى محمد عبد الخالق حسونه عام 1992. ثالث أمين عام، كان محمود رياض، والذى تولى المنصب فى الفترة من عام 1972 وحتى عام 1979، وشغل قبل توليه المنصب عددا من المناصب ومنها، مدير المخابرات الحربية فى غزة عام 1948، وسفير مصر فى دمشق عام 1955، وشارك مع الوفد المصرى فى توقيع الوحدة بين مصر وسوريا عام 1958، كما شغل منصب وزير خارجية مصر فى الفترة من عام 1964 وحتى عام 1972، ثم مستشارا للشئون السياسية للرئيس أنور السادات قبل توليه منصب أمين عام الجامعة العربية. وخلال توليه المنصب عقدت أربع قمم عربية، وفى عام 1979، وعقب توقيع معاهدة السلام بين مصر وإسرائيل، تقدم رياض باستقالته من منصبه، وأرسل الاستقالة إلى الملوك والرؤساء العرب، واصفا المعاهدة بأنها ليست خطوة نحو السلام، وإنما نحو مزيد من عدم الاستقرار والاضطرابات، ودعوة لتجديد النزاع المسلح. تفرغ محمود رياض بعد استقالته لتأليف عدد من الكتب ومنها، «مذكرات محمود رياض»، و«البحث عن السلام والصراع فى الشرق الأوسط»، وتوفى رياض عام 1992. رابع أمين عام للجامعة العربية كان التونسى الشاذلى القليبى، والذى تولى المنصب فى الفترة من عام 1979 وحتى عام 1990، عقب نقل مقر الجامعة من القاهرة إلى تونس، ليكون أول وآخر أمين عام غير مصرى، شغل القليبى قبل توليه المنصب عددا من المناصب، ومنها كان وزيرا للإعلام التونسى، كما كلفه الحبيب بورقيبه الرئيس التونسى السابق بإنشاء أول وزارة للشئون الثقافية فى تونس، تقدم القليبى باستقالته من منصب الأمين العام عام 1990 قبل حرب الخليج الثانية، لاعتراضه على المشاركة الأجنبية فى الحرب ضد العراق. خامس أمين عام للجامعة العربية كان دكتور عصمت عبد المجيد، والذى تولى المنصب فى الفترة من 1991 وحتى عام 2001، عقب انتهاء المقاطعة العربية لمصر وعودة مقر الجامعة إلى القاهرة، شغل دكتور عصمت عبد المجيد العديد من المناصب قبل توليه أمين عام الجامعة العربية، ومنها مندوب مصر الدائم لدى الأممالمتحدة فى الفترة من عام 1972 وحتى عام 1983، ووزيرا للخارجية من عام 1984 وحتى عام 1991، وخلال توليه منصب الأمين العام للجامعة عقدت قمتين عربيتبن غير عاديتين عامى 1996 ، 2000، لبحث عدد من القضايا الساخنة ومنها، دعوة إيران إلى احترام سيادة البحرين على أراضيها، وسيادة دولة الإمارات العربية على جزرها الثلاث، واللجوء إلى الوسائل السلمية لحل النزاع القائم عليها. وتوفى دكتور عصمت عبد المجيد عام 2013 عن عمر يناهز 90 عاما. سادس أمين عام للجامعة هو السيد عمرو موسى، والذى شغل المنصب فى الفترة من عام 2001 وحتى عام 2011، وفى عهده شهدت المنطقة العربية العديد من الأحداث، ومنها الغزو الأمريكى للعراق عام 2003، والحصار الإسرائيلى على غزة، وقد اتهم وقتها من قبل معارضيه بأنه لم يكن على مستوى الأحداث التى وقعت خلال فترة توليه المنصب وأنه تخاذل فى الدفاع عن القضايا العربية والدول الأعضاء، وكان رده على معارضيه بأنه شجب الغزو الأمريكى على العراق، وطالب بفك الحصار عن غزة. وفى عام 2013 تقدم عمرو موسى باستقالته من منصبه كأمين عام للجامعة العربية بسبب استعداده وقتها لخوض الانتخابات الرئاسية فى مصر. سابع أمين عام للجامعة العربية هو السيد نبيل العربى، والذى يشغل المنصب منذ عام 2013 وحتى الأن، وتشهد المنطقة العربية خلال فترة توليه المنصب العديد من القضايا الساخنة كالإرهاب الذى بدأ يجتاح عددا من الدول العربية مثل العراق وسوريا، وظهور كيانات إرهابية مثل تنظيم داعش، وتبقى القضية الفلسطينية أحد أهم القضايا المحورية الأساسية فى العالم العربى.