ما زالت (عقدة الخواجة) تحكم ردود الأفعال العربية والاسلامية على كثير من الأحداث والتحولات الجسام التى تحدث فى المنطقة العربية وخاصة فى العراق وسوريا ولبنان واليمن. فعندما يتكلم مسئول عربى – وهو أمر شديد الندرة – أوعالم دين أوداعية – وهو شىء يتراجع يوما بعد يوم – أوأحد من الاعلاميين – وهو أمر نادر – عما تفعله ايران فى الدول الأربع من احتلال ، وهو احتلال بدأ فى أوله متوشحا بعَباءة ( التَقِية ) ثم مساعدة الأصدقاء والأحرار والثوريين فى العالم ، ثم أعلن عن نفسه أخيرا كامبراطورية تسيطر على أربع دول وعاصمتها بغداد ، كما قال أحد مستشارى الرئيس الايرانى حسن روحانى. ومع وجود حالة من النسيان أوالتغافل أوعدم المبالاة تجاه تصرفات ايران ، فإذا وقع الاستثناء وتكلم أحد من أهل السنة فى العالمين العربى والاسلامى ، فإما أن يُسَفه حديثه أولا يُلتفت إليه اعلاميا أو يُتهم بالطائفية والتكفير والارهاب والعمالة وإشعال المنطقة بالصراعات المذهبية تشجيعا ودعما للمشروع الصهيونى وغيره . وفى مناسبتين أوثلاثة فقط ، كان وزير الخارجية السعودى الأمير سعود الفيصل هو الاستثناء تقريبا فى الحديث عن طموحات ايران الامبريالية ، فقد وصف تدخل القوات الايرانية فى المعارك الدائرة حاليا فى تكريت بالعراق بأنه احتلال ، وقبل ذلك أكد أن ايران لا يمكن أن تكون جزءا من الحل فى المنطقة مع احتلالها الواضح لأكثر من عاصمة عربية . لكن أن يأتى الحديث عن دور ايران التدميرى فى المنطقة العربية من الجنرال الأمريكى ديفيد بترايوس قائد القوات متعددة الجنسيات في العراق وقائد قوات حلف شمال الأطلنطى ( الناتو ) فى أفغانستان سابقا، فإن الأمر يحظى – للأسف – بالاهتمام والتحليل ، وكأن الرجل قد جاء بما لا نعرف ، أوكأننا كنا نحتاج إلى من يُشِخص لنا المرض حتى نشعر بالآلام المبرحة التى نعانيها ،أوكأننا كنا عِميانا نسير فى الظلام حتى أنار لنا بترايوس نور الحقيقة . لكن مع صدقه ، لا يُنسينا ذلك أنه مع قادته فى أمريكا والغرب وحلفائه فى ايران قد صنعوا كل مآسى العراق فى فترة ما بعد صدام حسين ، وأعادوها إلى القرون الوسطى كما أنذرتنا وزيرة الخارجية الأمريكية السابقة مادلين أولبرايت . فقد قال بترايوس لجريدة " لوفيجارو" الفرنسية ما يقوله أهل السنة فى العراق ، وما يُخفيه الاعلام العربى إما طمعا وإما خوفا من الاتهامات المعلبة وربما الضربات المبيتة : ( إن إيران أشد خطرا على العراق من الدولة الاسلامية). وتحدث عن قيام الميليشيات الشيعية بتهجير السكان السنة من مناطقهم، بهدف تغيير التركيبة الديموجرافية في بعض المناطق، ومنها محافظة ديالى شمال بغداد ، وبعض الأحياء السكنية في العاصمة (لجعلها شيعية صرفة ) . وقال إن الميليشيات الشيعية التي قضت عليها أمريكا فى عام 2008 في البصرة ومدينة الصدر، عادت للظهور مجددا بدعم وتسليح من إيران. وفيما يبدو تلميحا إلى عدم قدرة ايران والمليشيات التى تأتمر بأمرها ومعها الجيش العراقى على هزيمة الدولة الاسلامية ، شدد بترايوس على أن "استرجاع ثقة السنة في الحكومة العراقية كفيل بتخليص العراق من تنظيم الدولة . ولا ينسى المتابعون أن أمريكا أثناء احتلالها المباشر للعراق استعانت ( بعد عجزها) ببعض من أهل السنة ( الصحوات ) للقضاء على القاعدة بعد أن أغرتهم بالأموال ووعدتهم بالمناصب . وكان بترايوس قد تحدث أثناء وجوده فى الخدمة أمام جلسة استماع بمجلس الشيوخ الأمريكى عام 2008 م عن دور ايران التدميري بمساعدة "حزب الله" اللبناني في تمويل وتدريب وتسليح الجماعات الشيعية التى ستمثل أكبر تهديد – من وجهة نظره - على ديمقراطية العراق . [email protected] لمزيد من مقالات عبدالفتاح البطة