محافظ الجيزة يتفقد جهود حملات النظافة ورفع الإشغالات بشارع فيصل وكعابيش    اتفاقية بين أكت وكاشير لتحويل تجربة الدفع الإلكتروني في قطاع الضيافة بمصر    وديًا.. مصطفى محمد يتألق ويقود نانت للفوز على لافال بثنائية    وفاة طفل رابع بالمنيا ليلحق بأشقائه الثلاثة بسبب الحمى وارتفاع الحرارة    مقابل شرط لصالح الولايات المتحدة.. البيت الأبيض يتطلع إلى إبرام اتفاقية تجارية مع كوريا الجنوبية    واشنطن تؤكد دعمها للعلاقات بين سوريا ولبنان كدولتين جارتين    مانشستر يونايتد يحدد لبرشلونة سعر راشفورد    أحزاب النظام تدخل انتخابات محسومة لصالحها..!!    «الولد معلم.. ومشى إللي في دماغه».. تعليق ناري من مدحت شلبي على أزمة الأهلي وعبدالقادر    غدًا.. أحزاب القائمة الوطنية تجتمع بمقر حزب الجبهة بالتجمع الخامس    للسائقين احذروا.. عقوبة السير عكس الاتجاه الحبس والغرامة    هبوط أرضي أسفل كوبرى التجنيد ونائب محافظ القاهرة تتفقد أعمال إصلاح.. صور    انطلاق فعاليات ورشة «ابدأ حلمك» للدراسات السينمائية بقصر ثقافة الأنفوشي في الإسكندرية (صور)    انطلاق مؤتمر أدب الخيال العلمي للأطفال بالمجلس الأعلى للثقافة.. الأربعاء    استغرق عاما ونصف.. لطيفة تحتفل بإطلاق أول دفعة من ألبومها «قلبي ارتاح»    أحمد التايب لبرنامج المشهد: يجب الانتباه إلى أن الضفة أهم لإسرائيل من غزة    خيار مثالي.. سر فستان مي عمر "الأخضر" في أحدث ظهور لها    هل الوضوء داخل الحمام صحيح؟ أمين الفتوى يجيب (فيديو)    توجيه وزاري بتيسير مشاركة صاحبات الحرف اليدوية في المعارض الدائمة بالمحافظات    وزير الصناعة يفتتح مصنع جديد للثلاجات بمجموعة العربي باستثمارات 108ملايين دولار    تقارير: لاعب برشلونة على رادار مانشستر يونايتد    "ذكريات ستبقى في قلبي إلى الأبد".. بيولي يودع النصر    منتخب المواي تاي يبدأ الاستعداد للمشاركة في بطولة العالم للشباب ب أبوظبي    الضرائب: تحميل الفواتير الإلكترونية مجاناً.. ولا علاقة للمصلحة بأي تطبيقات خارجية    مها الصغير مُهددة بالحبس 3 سنوات| عضو ب المحامين العرب يعلن مفاجأة    أوكرانيا: روسيا هاجمتنا الليلة الماضية ب597 مسيّرة    الصحة: توفير فحص ال"كوانتيفيرون" ب7 مستشفيات للكشف المبكر عن الدرن الكامن    محافظ أسيوط يتفقد وحدة طب الأسرة بكودية الإسلام    7 شهداء على الأقل ونحو 40 مصابا فى غارتين إسرائيليتين على مخيم الشاطئ    حريق في مصنع للبلاستيك في أثينا    رائحة الجثة فضحته.. خفير خصوصي يقتل زوجته ويدفنها في مزرعة بالشرقية    غادة عبدالرازق تظهر على كرسي متحرك بعد إصابتها في قدمها (صور وفيديو)    بث تجريبي.. إطلاق الموقع الإلكتروني لوزارة الثقافة المصرية    صدمة| 3 سنين حبش لسارقي التيار الكهربائي فى هذه الحالات    رئيس جامعة الأزهر: آية الدعاء في عرفة تقسم الناس إلى فريقين.. وأقوال المفسرين تكشف دقة التوجيه القرآني    الوصل الإماراتي يضم بديل وسام أبو علي    جامعة المنيا تبدأ استقبال أوراق مرشحي عمادة 7 كليات    حالة الطقس غدا الأحد 13-7-2025 في محافظة الفيوم    الصحة: إجراء اختبارات الكشف المبكر عن الدرن الكامن    5 طرق بسيطة لترطيب الجسم في الصيف    وكيل تضامن الغربية تزور مصابى حادث طريق المحلة كفر الشيخ الدولى    شيخ الأزهر ينعى الدكتور رفعت العوضي عضو مجمع البحوث الإسلامية أبرز علماء الاقتصاد الإسلامي    البابا تواضروس الثاني يصلي قداس عيد الرسل مع شباب أسبوع الخدمة العالمي    تأييد حكم المؤبد ل«ميكانيكي» بتهمة قتل والدته في الشرقية    موعد مباراة ليفربول ضد بريستون والقنوات الناقلة.. ليلة تكريم جوتا بتواجد محمد صلاح    استراتيجية عربية مشتركة للتعاون الجمركي والإداري    سحب على 10 تذاكر.. تامر عبدالمنعم يفاجيء جمهور الإسكندرية    وزير الإسكان يتفقد محاور الطرق ومحطة تنقية مياه الشرب الجديدة بمدينة السادات    "لن يخسروا بسبب يوم واحد".. تيباس يرد على مطالب ريال مدريد بتأجيل مباراة أوساسونا    وزيرة البيئة تبحث مع سفيرة المكسيك بمصر سبل التعاون    نتيجة الثانوية العامة 2025.. جار تصحيح المواد لتجهيز النتيجة    وزير الري يشارك فى الاحتفال بالذكرى الحادية والثلاثين لعيد التحرير الوطني لدولة رواندا    القبض على تشكيلات عصابية تخصصت في السرقة بالقاهرة    تنسيق الدبلومات الفنية 2025 التجارة والزراعة والتمريض والصنايع والسياحة فور ظهوره (رابط)    ما هو أقل ما تدرك به المرأة الصلاة حال انقطاع الحيض عنها؟.. الإفتاء تجيب    الرئيس السيسي يتوجه إلى غينيا الاستوائية للمشاركة في القمة التنسيقية للاتحاد الأفريقي    بائع مصري يدفع غرامة 50 دولارًا يوميا بسبب تشغيل القرآن في تايمز سكوير نيويورك.. ومشاري راشد يعلق (فيديو)    باحث بمرصد الأزهر: التنظيمات المتطرفة تستخدم الخوف كوسيلة للسيطرة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الأراجوز
نشر في الأهرام اليومي يوم 21 - 03 - 2015

هو أشهر دمية شعبية مصرية، ينتشر فى المناطق الريفية والشعبية، وتقام عروضه فى المواسم والأعياد والموالد، عُرف فى التراث الشعبى بالأراجوز, ذلك الكائن المصنوع من الخشب والقماش, حاد الصوت, حاد المزاج متقلبه, من الضرب بالعصا للغناء مع المحبوب, محبوبته التى هى أيضا دمية من الخشب والقماش!

مسرح يحمله صاحبه على ظهره ويطوف به الشوارع والحوارى والموالد والقرى, يقدم مادة ساخرة فيها الكثير من المبالغة، لكنها سخرية لا تبتعد عن الواقع، بل تعكس حقيقة المجتمع ومشكلاته, وتعد مرآة حقيقية لحياة الإنسان الريفي والشعبى فى مصر. فالأراجوز لم يكن مجرد وسيلة للتسلية والمرح، بل يجسد الحياة اليومية للمصريين لكن بطريقته الخاصة.
ويتكون الأراجوز من قفاز يأخذ شكل الدمية ويتم تحريكه باليد، وتصنع رأسه من خامة خفيفة وصلبة كالخشب (وتصنع من البلاستيك فى الوقت الحالى) يتم رسم ملامح الوجه عليها، يعلوه طاقية طويلة "طرطور" ويتم إلباس بقية الجسم جلبابا طويلا، أما يداه فتصنعان من الخشب، ويتم التحكم في تحريك الدمية عن طريق اليد، حيث يستطيع اللاعب أن يحرك رأسه بأصبع السبابة، و تختفى يده كاملة داخل جلباب الأراجوز.
وللأراجوز ملامح ثابتة من حيث الشكل والسلوك أيضاً، وأول ما يلفت الانتباه ملابسه الحمراء الثابتة والمتوارثة من جيل إلى جيل، وقد تختلف في بعض التفاصيل البسيطة من فنان إلى آخر، إلا أنه يتميز عن بقية الشخصيات بلونه الأحمر وطرطوره الطويل، ولهذه الألوان رموز خاصة في الوجدان الشعبي، فالأحمر رمز الحب والخطر والخجل والموت والجان، والأخضر رمز الخير والإيمان، والأصفر رمز المكر، فهو يجمع بين الرجولة والشجاعة والقوة والإيمان والقدرة أيضاً على المكر والتفكير. وللأراجوز عادة عصا يضرب بها غريمه فى الغرام الذى يحاول أن يخطف منه أنثاه.
ويستخدم الفنان الذى يؤدى دور الأراجوز آلة صغيرة تسمى "الأمانة"، وهي عبارة عن قطعتين من الأستانلس توضع في مكان خطير بالفم، وهو أول مكان يخرج منه الهواء، وهذه الآلة هى التى تجعل للأراجوز هذا الصوت الرفيع المميز الذى اشتهر به على مدى تاريخه.
واختلف الباحثون في تفسير كلمة "الأراجوز"، فمنهم من ردها إلي أصل فرعوني بمعني "صانع الحكايات"، ومنهم من فسرها علي الأصل العامي "أرى جوز" (جوز بمعنى اثنين)، وذلك بسبب أن الأراجوز يعتمد على وجود شخصين، أحدهما أمام الجمهور والآخر يحرك الدمية من خلف الستار، لكن هناك خطأ شائعا في ربط الكلمة بكلمة "قره قوز" وهو لفظ تركي يطلقونه على "خيال الظل" الذى استورده الأتراك من مصر.
ورغم انحسار فن "الأراجوز" في الآونة الأخيرة لقلة عدد فنانيه ولسطوة وسائل الإعلام الحديثة، فإنه لا يزال يحظى بشهرة غير عادية فى الأوساط الشعبية وغير الشعبية، ويستخدم الكثيرون كلمة "أراجوز" للدلالة على معان مختلفة في معجم الحياة اليومية للمصريين، ولقد تواجد فن الأراجواز في الحياة المصرية منذ زمن بعيد، حيث أشار الرحّالة التركي أولياجيلي في كتابه "سياحت نامة مصر" إلى أحد الفنانين في القرن العاشر الهجري الذين كانوا يلاطفون المرضى بدمى خشبية فتتحسن حالتهم وقدم علماء الحملة الفرنسية وصفاً مفصّلاً له جاء فيه: "وقد شاهدنا في شوارع القاهرة عدة مرات رجالاً يلعبون الدُّمى، ويلقى هذا العرض الصغير إقبالاً كبيراً، والمسرح الذي يستخدم لذلك بالغ الصغر، يستطيع شخص واحد أن يحمله بسهولة، ويقف الممثل في المربع الخشبي الذي يمده بطريقة تمكّنه من رؤية المتفرجين من خلال فتحات صُنعت لهذا الغرض دون أن يراه أحد ويمرر عرائسه عن طريق فتحات أخرى".
ويقدَّم فن الأراجوز من خلال عدد من الوسائط منها عربة الأراجوز التى تطوف بالقرى لتقديم العرض إلى جمهور الشارع، أو البارافان أو المسرح المتنقل الذى يختلف عن العربة فى أنه يضم مقاعد للمتفرجين، أوالخيمة التى تقام فى الموالد، وتختلف طريقة الأداء والعناصر البشرية المشاركة فيه حسب نوع العرض، فقد يحتاج العرض إلى المؤدي ومساعده الذى يسمى "الملاغي" الذى يحاوره ويستثير الجمهور عليه ويردد كلماته الفكاهية، وأيضاً قد يحتاج العرض إلى تدخل الجمهور بالحوار مع "الأراجوز"، ولابد أن يتصف الفنان المؤدي بسرعة البديهة، فهو يغني ويحرك الدمى ويمثل ويرتجل النص في وقت واحد، وأن يكون ذا صوت حسن وقدرة على التحكم في أداء اللهجات المختلفة، وتلوين الصوت واستحضار نبرات صوتية مختلفة، وقدرة فائقة على الارتجال والإبداع المتجدد، وتحويل أبسط الإمكانات إلى أدوات للمتعة والتواصل المستمر مع الجمهور، ويعتمد لاعب الأراجوز بشكل كبير على مهاراته الصوتية في تلوين الأداء وتفرد الشخصيات بما يناسب كل شخصية، ويقلد الحيوانات في الوقت نفسه بحيث تشعر أن هناك العديد من الشخصيات خلف الستارة، إلا أنه في الحقيقة غالباً ما يكون مجرد شخص واحد يلعب كل هذه الأدوار.
وفى كتابه " الأراجوز المصري" يشير د. نبيل بهجت إلى أن عروض الأراجوز ارتبطت بشكل أساسي بالشارع، وأن دورة الحياة هي أحد أهم الروافد التي شكلت موضوعات عروض الأراجوز، وكان هذا من العناصر الأساسية لجذب جمهور الشارع، فالموضوعات المطروحة تشكل جزءا من حياته، كما ترتبط صناعة العروض بخلق مساحات تسمح للجمهور بالتدخل فيها، ويوضح أن أحد أهم مفردات صناعة العرض، يتمثل هذا التداخل في الدور الذي يلعبه "الملاغي"، وحالات الملامسة المستمرة بل وضرب الدمية له وخوفه منها وعبث الدمية به.
وفى إطار الجهود التى تسعى للحفاظ على "الأراجوز" كفن شعبى أصيل، صدر عن المجلس الأعلي للثقافة مجموعة أفلام في مشروع توثيق رقمي لفن الأراجوز المصري، قام به الدكتور نبيل بهجت، مدير مركز إبداع بيت السحيمي وأستاذ المسرح بجامعة حلوان، وهو العمل الأول من نوعه الذي يقدم مسرح الأراجوز الشعبي مصورا حيا، معتمدا علي عروض سبعة فنانين للأراجوز في أماكنهم الطبيعية.
وخلال العقود الماضية ظهرت شخصية "الأراجوز" فى الكثير من الأعمال الفنية، لعل أشهرها مشهد فى فيلم "الزوجة الثانية"، وهو مشهد دال -على قصر مدته- حيث يُلخص فيه الأراجوز قصة الظلم الذى تتعرض له بطلة الفيلم، ويمنحها فوز الأراجوز على غريمه الظالم الأمل فى النجاة من شرك "العمدة" بينما هى حبيسة تتابع العرض من نافذة صغيرة.
ويُعد محمود شكوكو من أشهر الشخصيات التى ارتبطت بالأراجوز، حتى أنه حرص على تقديم عروضه وهو يرتدى زى الأراجوز بجلابيته وطرطوره الشهير، وقدم عشرات المونولوجات بهذه الشخصية، ومن أبرز العروض التى شكَّل الأراجوز جزءا مهما بها، عرض "الليلة الكبيرة" الذى كتبه صلاح جاهين وقام بتلحينه سيد مكاوى، فعلى الرغم من كثرة شخصيات العرض واعتماده على العرائس بشكل كامل، فإن شخصية الأراجوز تركت أثراً كبيراً فى وجدان المصريين بخفة دمه وهو يتحايل على ذلك الريفي الساذج ويصف له طريقا "حلزونيا" يفضى به فى النهاية إلى التوهان والضياع، وترسخت عباراته فى الأذهان خاصة عبارته الأخيرة "مع السلامة يا ابو عمة مايلة" التى أصبحت مثلا يُقصد به السخرية من السُذَّج.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.