من منا لا يتذكر فيلم الاراجوز الذى قام ببطولتها الفنان الكبير عمر الشريف وكان فى تقديره من اجمل واقوى الأفلام التى قدمها خلال مشواره الفنى على الاطلاق .. لما يحمله من مضمون فكري وشعبي وتراثي عميق.. فالأراجوز تراث شعبي تسرب إلي وجدان الملايين عبر مئات السنين.. من هنا يعد فن الأراجوز إبداع مصري أصيل ننفرد به. ويحمل كثيرا من الرموز المرتبطة بنقد الواقع والسخرية المهذبة من سلبيات المجتمع لكنه الآن مهدد بالانقراض لانحسار عدد العاملين في مجاله إلي7 فنانين فقط, رغم أنه يستنهض التراث القومي الذي لم يفلح الاستعمار علي مر العصور في طمسه. وكان الأراجوز الرمز هو الصورة الايجابية للمواطن الذي يستلهم منه صور الفنون مجتمعة لمقاومة ظلم أو فساد أو عادات ليست من طبيعتنا المصرية من خلال دمية شعبية في يد الفنان ومساعده الملاغي في مسرح الشارع. الدكتور نبيل بهجت أستاذ الفن الشعبي والمتخصص في مجال الأراجوز يؤكد أنه برغم انحسار نشاط فن الأراجوز إلا من أماكن بعينها مثل بيت السحيمي بالجمالية, ولانخفاض عدد الفنانين في هذا المجال فإن لفظة الأراجوز تحمل معاني كثيرة لدي العامة فأشارت الدراسات إلي أنه كان يستخدم لعلاج المرضي والترفيه عنهم كما وصفه علماء الحملة الفرنسية بأنهم شاهدوا في شوارع القاهرة رجالا يلعبون الدمي ويلقون إقبالا شديدا وعلي مسرح صغير جدا يحمله شخص بسهولة, ويقف الممثل في مربع خشبي ويمرر عرائسه من فتحات. وتتمثل موضوعات الشخصيات المقدمة في:( ابن الأراجوز وزوجاته والفتوة وحموده الأقرع وأخوه, والأستاذ, والبربري, والخواجة, وموشي ديان العفريت الطبيب الشاويش الحانوتي فنان بالعافية الشحات أو الشيخ وغيرها), وتصنع الدمي من الخشب أو بواسطة الفنان المؤدي أو صانع محترف ويستخدم المسرح من عربة الأراجوز أو البرفان. ويعتبر دور الملاغي مهما في العروض فهو يشارك الفنان بالعزف ويردد خلفه الأغنية ويستحث الجمهور علي الغناء ويشارك الأراجوز في الحوار ويردد بعض الكلمات غير الواضحة, ويسهم في خلق المواقف المضحكة ويستنطق الجمهور ويشركهم في العرض, لذلك فإن الملاغي يتصف بسرعة البديهة فهو يغني ويحرك الدمي ويمثل ويرتجل النص في وقت واحد, ولابد أن يكون حسن الصوت قادرا علي التحكم في أداء وتلوين الصوت واستحضار نبرات صوتية مختلفة وقدرة فائقة علي الارتجال والخلق الابداعي المتجدد, وتحويل أبسط الإمكانات إلي أدوات للمتعة والتواصل المستمر مع الجمهور. ومع ذلك فإن الفنانين المتميزين في الأراجوز لا يتجاوزون7 عمالقة في هذا الفن بعد إنقراض بعض أشكاله ووفاة معظم شخصياته.. والباقون هم: صلاح المصري وصابر شيكو ومحمد كريمة وشديد الأسمر وسمير عبدالعظيم وحسن سلطان وعم صابر المصري وتوجد نمر عديدة يوظفها فنان الأراجوز لحدث درامي وتخرج الجمهور من حالة المتفرج إلي الفاعل خاصة حين يتداخل الملاغي والجمهور اثناء العرض, والملاغي دائما هو المسئول عن الايقاع الموسيقي والطبلة ويردد الأغاني خلف الأراجوز ويخلق كوميديا لفظية وحركية وتكرار بعض الكلمات ذات النغمة لخدمة أداء الفنان وتجديد الابداعات المستمرة, وتدور النمر المقدمة عادة حول سلوكيات المصريين في الزواج أو السرقات أو البربري, والشحات والحانوتي والفتوة والغلباوي, وأحداث الجيش والحرب وحرب اليهود وبورسعيد وإبداعات الخيال ذات المعني إلي حرب أكتوبر, وكان الرافد الأساسي المشكل لعقلية الفنان المؤدي هو ممارسات الحياة وايقاعاتها ولجذب جمهور الشارع في موضوعات مثل الولادة والتعليم والتجنيد والزواج والعمل والموت, فالأراجوز ينزع للاصلاح وخلق التوافق ويستخدم الضرب والإقصاء لعناصر الفساد من خلال تكرار لرمز مثل إطلع بره أو ارحل وهي شعار الثورة.