دائما ما كانت وستظل قضايا الإسلام السياسى من أخطر القضايا المؤرقة مجتمعيا، ليس باعتبارها حققت تماسات مختلفة مع صحيح الدين فحسب، وإنما باعتبارها أيضا ممثلة لطابع الفكر الأحادى الانغلاقى فى جدلياته العقيمة. ويستغرق د. محمد حسين أبو العلا- الكاتب وأستاذ علم الاجتماع السياسي- فى تفصيلات هذه القضية من خلال مفهوم التراجيديا الإسلامية، أو تلك العاصفة السياسية التى هزت مصر بدعوى الحكم الاسلامى وما يستدعيه من ضرورات تطبيق الشريعة، ولم تحصد مصر من جرائرها إلا الخراب، وبصمات العار التاريخي، والارتداد الحضاري، التى أكدت أن هذه التراجيديا ليست إسلامية ولا دينية، وإنما هى نمط متفرد من المسخ السياسي، وأكذوبة عابرة لا تعلق بالأذهان، وخداع لحظى سرعان ما تجتاحه الموجة الزمنية. وقد خص المؤلف هذه التراجيديا بتلك الجبهة الإخوانية؛ باعتبارها تمثل تيارا بارزا فى توجهات الإسلام السياسي، بجانب كونه قد قدم من نقائص الفكر الأحادى ما لا يحصي. وقد انعكس ذلك فى أنها جرّمت مشروعية الفكر، وأهدرت المعنى الأصيل لهذه اللحظة الحضارية، وجسدت بكل صدق جدلية الدين والدم؛ ليس على ما تقوم عليه فلسفة الدين من حرمة الدماء وقدسيته، ولا فلسفة الدم من استباحة الأديان وتدنيسها، ولكنها كانت صادمة حين ألقت فى روع البشر ومخيلتهم أن إهدار الدماء هو حق قد كفلته الأديان حين تتضارب الرؤى وتتناقض المصالح فى ازدواجية حادة ليس غير، وأن لغة الدم هى اللغة المثلى الرادعة لاستعادة الحقوق المسلوبة، وأن الدماء ربما تنطق بما تعجز عنه الكلمات، بل إنها العطور الذكية التى تتطهر بها المجتمعات فى لحظات الأزمات والتنازع على مقاليد السلطة. وقد قدم كتاب «التراجيديا الإسلامية .. فلسفة الدين والدم» معالجات معرفية خلال محاوره الأربعة؛ حول الاخوان ومصر.. إبادة وطن، الاخوان والأقصي.. نظرية العدم، تركيا والاخوان.. والزمن المستحيل، أمريكا والاخوان.. خرافة الاستراتيجية. وقد اتسمت رؤية هذا الكتاب فى مجملها بدقة الفكر، ووضوح اللغة، وأصالة المرجعية التاريخية لجذور القضايا، وبصفة عامة فقد مثل الكتاب أنشودة نقدية عنيفة نسفت كل ما حاولوا الإيهام بصدقه، وكل ما حاولوا الإقناع بزيفه، كما أنه يعد ملحمة كبرى فى شروح العداء للقيم العليا والفضائل والأديان والأوطان من أولئك الأدعياء »خوّان الدين« كما جاء فى توصيف (العقاد). الكتاب: التراجيديا الإسلامية (فلسفة الدين والدم) المؤلف: د.محمد حسين أبو العلا الناشر: مركز المحروسة للنشر