لم يعد من المحتمل، ولا من المقبول ، أن تسقط مصر في دوامة الظلام، التي عانت منها مختلف المحافظات خلال فصل الصيف ، ومن ثم تتجه مصر الآن، للبحث عن حلول بديلة لأزمات الطاقة، التى تهدد محطات توليد الكهرباء ، والمصانع كثيفة الاستخدام للطاقة على حد سواء، من خلال استخدام الفحم. وهكذا.. يعود الفحم من جديد، وسط ضوابط صارمة تستند للمعايير الدولية، لتجنب مخاطره على الإنسان ، والبيئة المحيطة، وقد وقعت وزارة الكهرباء ، العديد من الاتفاقيات مع الصين مؤخرا، ً لانشاء محطات لتوليد الكهرباء بالفحم، في العديد من المواقع المقترحة، وتشمل رأس غارب، وعيون موسى، وسفاجا، والحمراوين، وشرق بورسعيد، ومواقع أخرى على شاطئ البحر المتوسط، للتغلب على أزمات نقص الطاقة. وبشكل عام، تؤكد وزارة الكهرباء، أن لديها القدرة على تطبيق آليات استخدام الفحم فى توليد الكهرباء، ومراقبة، ووضع التشريعات الصارمة الخاصة باستيراده واستخدامه عن طريق القطاع الخاص، وأنها لن تتدخل فى عملية الاستيراد، ولا فى إنشاء الموانئ الخاصة باستقبال الفحم، وأنه سيتم إنشاء المشروعات عبر القطاع الخاص وطرح المشروعات بنظام ال «B .O .O .T » البناء والتشغيل والتملك ونقل الملكية. وقد وضعت وزارة الكهرباء- كما يقول الدكتور محمد اليماني المتحدث الرسمي للوزارة - خططا لاستخدام الفحم فى توليد الكهرباء، مستهدفة الوصول لقدرات تصل إلى 20 ألف ميجاوات بحلول عام 2022، مشيرا إلى أنه سيتم ضخ استثمارات تصل إلى 10 مليارات دولار فى توليد الكهرباء من الفحم، وأن تكلفة إنتاج الميجاوات من الفحم تصل إلى مليونى دولار، كما أن الوزارة لن تتدخل فى تنفيذ محطات توليد الكهرباء التي ستعمل بالفحم، بل سيتم طرح جميع المشروعات بنظام ال«B .O .O .T »، وهو نظام البناء ، والتشغيل، والتملك ونقل الملكية، كما أنه تم إجراء العديد من الدراسات لإنشاء المحطات باستخدام الفحم، وأن القطاع الخاص هو من سيقوم باستيراد الفحم، وإعداد البنية التحتية، كما أن الوزارة ملتزمة بالمعايير العالمية المقررة بشأن استخدام الفحم فى محطات توليد الكهرباء. وفي الإطار ذاته ، تسعى وزارة الكهرباء والطاقة المتجددة، كما يقول الدكتور محمد اليماني- لتنويع مصادر توليد الطاقة، وقد بدأت الاستعداد لإنشاء محطات كهرباء تعمل بالفحم، وتطبيق التكنولوجيا النظيفة في استخدامه للحد من الأضرار الناتجة عنه، مشيرا إلى أن مجلس الوزراء ووزارة البيئة ، وافقا مؤخرًا على استخدام الفحم في توليد الكهرباء ، وبناء المحطات بشرط استخدام الفحم النظيف، لتفادي أي أضرار بيئية قد تنتج عنه ، مع الالتزام بالمعايير الدولية المقررة في هذا الشأن، على أن يتم إنشاء تلك المحطات، بالقرب من الموانئ وبعيدًا عن المناطق السياحية، وهناك بعض المناطق قيد الدراسة لبناء المحطات ومنها غرب دمياط، وجنوب سفاجا. وبعد موافقة مجلس الوزراء، - والكلام ل اليماني- ، تم الاتفاق على مشاركة القطاع الخاص لتنفيذ محطات الفحم، مؤكدا أن الكهرباء المولدة من الفحم أرخص من الكهرباء المولدة من مصادر الطاقة الأخرى، وأن هناك 41% من كهرباء العالم منتجة من الفحم، كما أن بعض الدول يصل بها إنتاج الكهرباء من الفحم إلى نصف إجمالي الطاقة المولدة، فالصين – مثلا- تنتج 66% من إجمالي طاقتها المولدة بالفحم ، والولاياتالمتحدةالأمريكية 49.6%، وألمانيا 45.9% ، واليابان 30%، وإنجلترا 30%. محطات الجيل الرابع تتضمن المواقع التى اقترحها وزير الكهرباء لإنشاء المحطات التوليد بالفحم، رأس غارب ( 4 آلاف ميجاوات) ، وعيون موسى ( 4 آلاف ميجاوات) ، وسفاجا ( 3 آلاف ميجاوات) ، والحمراوين( 6 آلاف ميجاوات) ، وشرق بورسعيد ( 1500 ميجاوات) ، بالإضافة إلى عدد من المواقع على البحر المتوسط، وقد تقرر اقتراح تلك المواقع، لخلوها من أية تحفظات بيئية، وقد اتفقت الحكومتان المصرية والصينية على تنفيذ العديد من محطات توليد الكهرباء التى يتم تشغليها بالفحم، وسيتم تخصيص محطات برصيف الميناء لتفريغ الشحنات ، من خلال دورة مغلقة ، والاستعانة بتكنولوجيا الجيل الرابع، كما سيتم حرق الفحم فى المحطات ، ونقل الكهرباء من خلال الشبكة، ويجري ذلك وفق الضوابط والاشتراطات العامة التي وضعتها وزارة البيئة، والتي تتوافق مع المعايير والاشتراطات العالمية، تجنبا لآثاره الملوثة للبيئة. معايير مطلوبة ويلزم استخدام الفحم، تطبيق العديد من المعايير المطلوبة، من خلال إجراء دراسات تقييم الأثر البيئى فى كل مراحل استيراد وتداول، ونقل، وتخزين، واستخدام الفحم، واتباع أحدث التكنولوجيات التى من شأنها تقليل الانبعاثات والآثار السلبية على البيئة إلى أقل درجة ممكنة طبقاً للمعايير والاشتراطات الأوروبية، وإجراءات الوقاية الموصى بها من منظمة الصحة العالمية، و تعديل قانون البيئة ولائحته التنفيذية، بما يسمح بتوقيع العقوبات على مخالفة معايير وضوابط استخدام الفحم فى كافة المراحل، و الحصول على موافقة وزارة الصحة على دراسة المخاطر الصحية وإجراءات الوقاية منها، كما تم وضع معايير لاستخدام أفضل التكنولوجيات المتاحة فى صناعة الأسمنت، طبقاً للمعايير الأوروبية ، إضافة إلى اشتراطات استيراد وتخزين وتداول ونقل الفحم: تقارير دولية ووفقا للتقارير الدولية، فإن محطات توليد الطاقة ، والتي تعمل بالفحم توفر 40% من كهرباء العالم ، كما أن ثلثي الزيادة العالمية في انتاج الكهرباء علي مدار العقد الماضي والتي تقدر بالضعف يتم انتاجها من الفحم ، كما تضاعف حجم الطلب الصيني على الفحم 3 مرات بحلول عام 2011 مقابل 600 مليون طن في عام 2001، فيما ستصبح الهند اكبر مستورد ، وثاني اكبر مستهلك للفحم متفوقة علي امريكا بحلول عام 2017، وكان عام 1988 هو العصر الذهبي للفحم ، حيث كان يتم انتاج 60% من الكهرباء بواسطته في امريكا ، كما أن حجم انتاج الكهرباء باستخدام الفحم يتزايد بمعدلات سنوية تصل في بعض الدول الاوروبية الي 50% ، في الوقت الذي ارتفعت فيه صادرات الفحم الاوروبية، بنسبة الثلث في النصف الاول من عام 2012، ويتجه الاتحاد الاوروبي إلى تطبيق معايير صارمه لاستخدام الفحم في توليد الطاقة اعتبارا من العام القادم ، والتي تستهدف خفض انبعاثات الكربون الي 80% بحلول عام 2020، ما قد يؤدي إلى إغلاق المحطات التي تعمل بالفحم ، حال عدم التزامها بالمعايير البيئية الجديدة للاتحاد ، وأيضا في حالة عدم التزامها بتركيب أجهزة التحكم في انبعاثات التلوث. الفحم آمن .. بشروط وإذا كان البعض يتخوف من مخاطر استخدام الفحم في توليد الطاقة، أو في تشغيل المصانع خاصة التي تتسم بأنها كثيفة الاستخدام للطاقة، فالأمر لم يعد كذلك، حيث تجري عملية استخدام الفحم – كما يقول المهندس محمد الصفتي نائب وزير الكهرباء الأسبق، ورئيس الشعبة المصرية في المنظمة المصرية للمواصفات الكهربائية- وفق المعايير، والمقاييس العالمية، درءا لأضرار استخدامه ، وتجنباً لتأثيره على البيئة، مشيرا إلى أن دول العالم المختلفة تستخدم الفحم في توليد الطاقة، أو في تشغيل المصانع، كما أن هناك وسائل كثيرة لكي لا يتسبب في تلوث البيئة. ويشير إلي أن محطات توليد الكهرباء الحالية تم تصميمها للعمل بالغاز ، ونتيجة لأزمات نقص الغاز، يجري تشغيلها بالمازوت، ولكن الفحم، يحتاج إلى محطات كهرباء جديدة، سيتم إنشاؤها، وبالتالي سيتم تقليل الاعتماد على الغاز في توليد الكهرباء، كما أن تكاليف انتاج الطاقة ستنخفض نسبيا، لان الفحم أرخص سعرا من الغاز، ولاشك أن استخدام الفحم ، سيؤدي إلى مواجهة أزمات انقطاع التيار، التي تفاقمت الصيف الماضي ، بسبب نقص إمدادات الغاز، والمازوت، وكذلك ارتفاع معدلات الاستهلاك، نتيجة ارتفاع درجات الحرارة في وقت الصيف، حيث كان يجري تخفيف الأحمال، كما أن عمليات الصيانة التي تمت في بعض المحطات، كان سببا رئيسيا في توقفها عن العمل، ما كان يستدعي قطع التيارلفترات محددة طوال اليوم. خفض التكلفة وبشكل عام، يرى الدكتور أيمن جاهين خبير اقتصاديات البترول، أن الفحم يمثل ضرورة لمحطات الكهرباء المخطط إقامتها مستقبلا في ظل محدودية احتياطيات مصر المؤكدة من الغاز ، والتي تم تخصيص جانب كبير منها( نحو 18 تريليون قدم مكعب) كالتزامات للتصدير، إضافة إلى ارتفاع تكلفة إنتاج الغاز الطبيعي في مصر بشكل يتعذر معه اقتصاديا حرقه كوقود لتوليد الطاقة الكهربائية والتي تستحوذ على الجانب الأعظم من الاستهلاك المحلى للغاز المكلف اقتصاديا، مشيرا إلى أن استخدام الفحم يؤدي إلى خفض تكلفة إنتاج الكهرباء ، نظرا لارتفاع تكاليف إنتاج الغاز بمصر والذي يوجد 81 % من احتياطياته في حقول بالمياه العميقة بالبحر المتوسط. ومن الناحية الاقتصادية والكلام مازال للدكتور أيمن جاهين يعتبر الفحم أرخص من الغاز الطبيعى بنحو الثلث، فضلاً عن أن الغاز الطبيعى يعتبر موردا طبيعيا ذا قيمة اقتصادية عالية، ويجب التعامل معه كمادة خام للعديد من الصناعات والمنتجات البتروكيماوية ذات القيمة المضافة المرتفعة، بالإضافة إلى استخدامه فى صناعة الأسمدة، التى عصب الزراعة المسئولة عن توفير الأمن الغذائى للإنسان، وبالتالى لا يوجد منطق اقتصادى لحرق الغاز الطبيعى كوقود فى محطات الكهرباء. وبالرغم من هذه الحقائق، فإن الأمر فى مصر مغاير تماماً، لما يحدث فى العالم من حولنا، ومع محدودية احتياطيات مصر المؤكدة من الغاز الطبيعى والتى لا تتعدى 32 تريليون قدم مكعب، تم تخصيص جانب كبير منها كالتزامات للتصدير، فإن الغاز الطبيعى يستخدم على نطاق واسع كوقود لتوليد الكهرباء فى مصر، حيث يسهم بنحو 90% فى إنتاج الكهرباء التى تلتهم وحدها نحو 60% من إنتاج الغاز الطبيعى ذى التكلفة المرتفعة والاحتياطيات المحدودة. يستخدم الفحم عالمياً في توليد الكهرباء على نطاق واسع، ففي بريطانيا يسهم الفحم بأكثر من الثلث في توليد الطاقة الكهربائية، وتبلغ هذه النسبة نحو 50% في الولاياتالمتحدة، و59% في الهند، و 78 % في الصين ، ولا يزال الفحم هو الوقود المسيطر عالمياً في توليد الطاقة الكهربائية ، حيث يسهم بنحو 40% في توليد الكهرباء على مستوى العالم، فى حين يسهم الغاز الطبيعى بنحو 20% فى إنتاج الكهرباء على مستوى العالم، بينما تسهم المساقط الكهرومائية بنحو 16%، والطاقة النووية حوالى 15%، ويتم إنتاج الباقى من مصادر الطاقة الأخرى المتجددة كالطاقة الشمسية، وطاقة الرياح.