خطوة للأمام.. وخطوة للخلف.. هكذا تمضي العلاقة بين الحكومة والبرلمان.. كأنما تؤدي السلطتان التشريعية والتنفيذية رقصة التانجو الشهيرة فهناك حديث شبه يومي عن سحب الثقة من حكومة الجنزوري. لكن هذا الحديث لم يتجاوز أبدا نطاق التصريحات التي سرعان ما يتم التراجع عنها. آخر خطوات رقصة التانجو تمت ما بين ساعات ليلة أمس الأول وطول نهار الأمس.. فالليلة الماضية دار الحديث حول بدء إجراءات سحب الثقة من الحكومة, بعدما غاب وزير الزراعة عن جلسة مجلس الشعب لمناقشة الحمي القلاعية, ورفض المجلس لبيان الدكتور الجنزوري.. مع توجه الوزراء لجلسة الأمس تراجعت حدة الموقف.. وفيما تحدث حزب الأكثرية الحرية والعدالة عن وجود تشكيل كامل لحكومة بديلة يرأسها الدكتور محمد مرسي رئيس الحزب. فإن المستشار القانوني أحمد أبو بركة قال للأهرام: إن سحب الثقة حق للبرلمان فيما دعا حزب النور ثاني أكبر أحزاب البرلمان إلي التريث, بينما أكد الوفد ثالث كبار البرلمان رفضه سحب الثقة ووسط كل هذا الشد والجذب أكد خبراء دستوريون أنه ليس من سلطات هذا البرلمان سحب الثقة من الحكومة وفقا للإعلان الدستوري الذي يحكم عمل أجهزة الدولة. القيادات الإخوانية من القانونيين أكدت أن البرلمان يملك إقالة الحكومة لكن بقرار المؤسسة العسكرية, ورأي أحد البرلمانيين أن الأسبوع المقبل سيشهد أولي خطوات الإطاحة بالحكومة, بينما أكدت مصادر أخري أن الحرية والعدالة جاهز لتحمل المسئولية وأن الحقائب الوزارية معدة والمشاورات مستمرة مع القوي السياسية, مشيرة إلي أن وزراء تكنوقراط شرفاء سيكلفون ببعض الحقائب, وإن الدكتور محمد مرسي رئيس الحزب أقوي المرشحين لرئاسة الحكومة الدكتور أحمد أبو بركة القيادي بحزب الحرية والعدالة أكد أن من حق البرلمان إقالة الحكومة, وقال إن المادة(33) من الإعلان الدستوري التي تنص علي أن يتولي مجلس الشعب فور انتخابه سلطة التشريع, ويقرر السياسة العامة للدولة, والخطة العامة للتنمية الاقتصادية والاجتماعية, والموازنة العامة للدولة, كما يمارس الرقابة علي أعمال السلطة التنفيذية تتسع لتشمل4 مناسبات لإقالة الحكومة. المناسبة الأولي عند عرض السياسة العامة للدولة التي تعرض علي البرلمان في صورة بيان الحكومة, فالبرلمان إما أن يقر سياسة الحكومة في صورة الموافقة علي البيان, وإما أن يرفضها فلا يقرها فيرفض البيان. والمناسبة الثانية عند فرض مشروع الموازنة العامة للدولة, فللبرلمان أن يوافق عليه أو يرفضه, فأمام الحكومة خياران.. إما أن تستقيل وإما أن تقيم جسور المشاورة مع البرلمان حول المشروع. والمناسبة الثالثة كما يقول أحمد أبو بركة رئيس لجنة البحوث والدراسات باللجنة القانونية بحزب الحرية والعدالة عند عرض الحساب الختامي للدولة, فإذا لم يوافق البرلمان يجب علي الحكومة أن تقدم استقالتها. وأخيرا عند سحب الثقة, وهذا الإجراء لا يكون إلا بعد استجواب وبأغلبية وبناء علي طلب مقدم بنصاب مخصوص. وأوضح أبو بركة أننا إزاء المناسبة الأولي وهي الاتجاه لرفض بيان الحكومة. فإذا تم الخيار الثالث الاتفاق يستمر الأمر, وإن لم يحدث أمام القيادة الإقالة أو الحل.. والواقع السياسي الراهن كما يقول أبو بركة يرجح إقالة حكومة الإنقاذ نتيجة للمشكلات التي يعلمها الجميع, وليس من الملائم حل بر لمان عمره شهران فقط, وتجاهل الإرادة الشعبية. في حين قال الدكتور فريد إسماعيل وكيل لجنة الدفاع والأمن القومي بمجلس الشعب وعضو الهيئة البرلمانية لحزب الحرية والعدالة إننا كنا جادين في دعم حكومة الجنزوري لحين تسليم السلطة لكننا فوجئنا بأنها فشلت والوضع تدهور أمنيا واقتصاديا, مشيرا الي اتباع الحكومة سياسة الأرض المحروقة. وأضاف إسماعيل للأهرام: إننا جادون في سحب الثقة من حكومة الجنزوري وإسقاطها, نافيا ما تردد عن تراجع الحزب عن موقفه, مؤكد أن اللجنة النوعية بالمجلس سترفض بيان الحكومة الأسبوع المقبل في الجلسة البرلمانية, وأضاف أن رفض بيان الحكومة معناه في الأعراف البرلمانية العالمية عدم منحها الثقة وبالتالي عليها تقديم استقالتها أو أن يقيلها المجلس العسكري. ومن جانبه أكد الدكتور يسري حماد المتحدث الرسمي باسم حزب النور أن الحزب في مشاورات مستمرة مع الاحزاب المصرية وعلي رأسها الحرية والعدالة لتنسيق المواقف وتحديد الموقف من مسألة سحب الثقة من الحكومة والتي تعاملت باستخفاف شديد مع جميع القضايا ذات الأولوية مثل قضايا الأمن والوقود وقضايا مكافحة الفساد وملف الأمن خاصة أن حالة الأمن في طريقها للمزيد من التدهور وتزداد الخدمات صعوبة يوما بعد يوم. وأشار حماد إلي أنه علي الرغم من فشل الحكومة في مهمتها فإن حزب النور يري أن الوقت غير مناسب لسحب الثقة من الحكومة نظرا لأن عمرها مرتبط بوضع الدستور وانتخابات الرئاسة ويجب التريث حتي الانتهاء من هذين الملفين خاصة في ظل حاجة البلاد لمزيد من الاستقرار قبيل انتخابات الرئاسة وكتابة الدستور علي الرغم من اعترافنا بأن سياسة الحكومة لا تمثل طموحات حزب النور كما انها لم تحقق شيئا يذكر في الأمور العاجلة التي كانت تستوجب البدء بها مثل قضايا الأمن وتحديد حد أعلي للأجور ومحاربة التسيب المالي والإداري في أجهزة الدولة وقضايا الوقود ورغيف الخبز. ومن حزب الوفد أكدت مارجريت عازر النائبة الوفدية بالبرلمان أنه لا داعي لسحب الثقة من حكومة الدكتور الجنزوري وتعيين حكومة جديدة لمدة شهر أو شهرين وأشارت إلي أنه لابد من الانتظار للانتخابات الرئاسية لأن أي حكومة جديدة في الوقت الحالي ستكون أياديها مرتعشة في اتخاذ القرارات لأنها تشعر أنها جاءت لفترة انتقالية معينة. أكد الدكتور نور الدين فرحات الفقيه الدستوري أن قرار مجلس الشعب في اتخاذ كل الاجراءات القانونية واللائحية لسحب الثقة من حكومة الدكتور كمال الجنزوري احد قنابل الدخان التي يطلقها حزب الحرية والعدالة وأحداث فرقعات سياسية وهو يعلم انها لن تصيب احدا لأن الإعلان الدستوري ليس فيه ما يشير من قريب أو بعيد لأحقية البرلمان في سحب الثقة من الحكومة والجهة الوحيدة التي تفعل ذلك هي المجلس الأعلي للقوات المسلحة وبالتالي فإن الحديث عن سحب مجلس الشعب الثقة لا يستند الي اي أسس دستورية. في حين أكد الدكتور حسام عيسي استاذ القانون الدستوري ان المشكلة في الإعلان الدستوري انه لم يعط للبرلمان حق سحب الثقة وحدد اختصاصات وعلي وجه الحصر وليس من بينها سحب الثقة. المستشار أحمد مكي نائب رئيس محكمة النقض الاسبق قال إن المادة33 من الإعلان الدستوري ذكرت أن مجلس الشعب يتولي سلطة التشريع ويمارس الرقابة علي أعمال السلطة التنفيذية ولم يذكر النص كيفية ممارسة هذه الرقابة في حين أن دستور72 نظم وسائل ممارسة هذه الرقابة وفصلها كنص المواد من421 إلي721 حق كل عضو في مجلس الشعب توجيه الأسئلة والاستجوابات وحق المجلس في سحب الثقة. في حين أكد الدكتور شوقي السيد الفقيه الدستوري أن الرقابة علي أعمال الحكومة من حق البرلمان دستوريا وتصل إلي إمكانية سحب الثقة وهو ما يعني إقالة الحكومة ولكن البرلمان لا يملك حق تشكيل الحكومة في ظل النظام الحالي والمشكلة في الوضع الحالي أنه في ظل نظام رئاسي فإن تعيين الحكومة أو إقالتها بيد رئيس الدولة الذي يمارسه دستوريا المجلس الأعلي للقوات المسلحة, وبالتالي يمكن نظريا للبرلمان سحب الثقة من الحكومة ولكن رئيس الدولة فقط له سلطة التعيين ورفض الإقالة..