لا شيء يبعث على الدهشة فى المشهد الدولى الراهن أكثر من الموقف الأمريكى الداعم والضاغط لأكذوبة الحل السياسى فى ليبيا بينما كانت جلسات المؤتمر الدولى لمكافحة الإرهاب تجرى على قدم وساق فى واشنطن تحت رعاية الإدارة الأمريكية. أمريكا التى جيشت الجيوش وحشدت الأساطيل وأطلقت صواريخ كروز بعيدة المدى من عرض البحر والمحيط ضد أفغانستان وضد العراق تحت رايات حربها الكونية ضد الإرهاب هى التى تعطى لفصائل الإرهاب المتخندقة فوق الأرض الليبية من كافة أجناس الأرض الفرصة لكى تكبر وتتوسع وتمارس دورها فى نشر الفوضى على الأرض الليبية وتصدير الإرهاب لدول الجوار. أين كانت أمريكا من هذه المبررات التى تعطل بها توجها دوليا وإقليميا بدعوى الحاجة إلى وقف سفك الدماء تارة وباسم احترام سيادة الدول تارة أخرى بينما الحقيقة أنها تريد أن تبعث برسالة للجميع بأنها وحدها التى تقرر متى يكون استخدام القوة جائزا فى محاربة الإرهاب ومتى ينبغى إعطاء مهلة وفرصة لأكذوبة الحل السلمى مع الفصائل الإرهابية التى تكتسب بهذا الموقف الأمريكى المريب اعترافا غير مباشر بحقها فى الوجود والحركة والتأثير كرقم صحيح فى المعادلات السياسية بالشرق الأوسط. إن أمريكا وليس أحدا سواها هى التى تتلاعب بتفسيرات القانون الدولى وترسخ لسياسة الكيل بمكيالين فى التعامل مع ظاهرة الإرهاب لأن أمريكا لا يهمها احترام القيم الإنسانية وتفعيل مقررات الشرعية الدولية وإنما تتحرك وفق سياسات تمييزية تؤكد فجاجة ازدواجية المعايير فلكل حالة إقليمية مسطرة تختلف عن المساطر الأخرى التى تقيس بها أمريكا الأمور وتحدد من خلالها اتجاه البوصلة فى التعامل مع فصائل الإرهاب ذات الجذور الواحدة والمرجعية الواحدة وإن اختلفت المسميات! وربما يكون صحيحا إلى حد كبير ما ذهب إليه كثير من المحللين بأن أمريكا هى التى تصنع الإرهاب عندما تريد هدم دولة بعينها وهى أيضا التى تستدرج فصائل الإرهاب إلى فخ الهزيمة عندما ترى فى ذلك خدمة لمصالحها وأهدافها وصفقاتها. خير الكلام: صديق الجميع ليس صديقا لأحد! [email protected] لمزيد من مقالات مرسى عطا الله