بحثت عن أصل القصة التي أدت إلي هذا المثل المصري القديم " اللي اختشوا ماتوا" ، وقد وجدت روايات مختلفة ولكنها اتفقت في النهاية علي نفس المقصد وهو أن أهل الحياء والمروءة قد ماتوا ! ومن بين هذه الراويات ، قصة تقول أن الحمامات الشعبية القديمة كانت تستخدم الحطب والأخشاب لتسخين أرضية الحمام وتسخين المياه لتمرير البخار من خلال الشقوق. وكانت قباب ومناور معظم هذه الحمامات الشعبية من الخشب، وفي يوم من الأيام شب حريقا كبيراً في أحد الحمامات الخاصة بالنساء، وما أن اشتد الحريق وارتفعت ألسنة اللهب حتي هرب معظم رواد الحمام الشعبي واحترق بعضهن ممن لم يستطعن ارتداء كامل ملابسهن لأن حيائهن منعهن من الخروج خشية من العار. وعند عودة صاحب الحمام هاله ما رأي وسأل عاملة الحمام : هل مات أحد من النساء ؟ فأجابت نعم . فقال من مات؟ قالت له العاملة : " اللي اختشوا ماتوا" ! ظلت هذه العبارة تتردد داخلي وأنا أتابع مجبرة بحكم المهنة حوار أحد أعمدة الفساد في عصر الغير مبارك علي أحد القنوات الفضائية، التي انساقت وراء إغواء السبق الصحفي والإعلانات ضاربة عرض الحائط بمشاعر أهالي الشهداء الذين فقدوا أبنائهم من أجل أن يتطهر هذا الوطن من فساد وطغيان حاكمه وعصابته.. لعنة الله علي السبق الصحفي الذي يتحول في بعض الأحيان إلي " سكينة تلمه" تجرح من جديد من لا حول لهم ولا قوة ومازالوا ينتظرون العدل الذي طال غيابه ! نعم اللي اختشوا ماتوا وشبعوا موت ، لأسباب عديدة جدا منها ظهور هذا الرجل علي الفضائيات ومطالبته بحقه في الترشح للانتخابات البرلمانية، واستعراضه لرؤيته الفذة وخبرته الواسعة التي لا تقدر بثمن في البرلمان ! ليس هذا فحسب فمازال في جعبته المزيد من البجاحة والوقاحة ، عندما تحدث عن ثورة 25 يناير مطالبا بأن يتمتع بمكتسبات الثورة وأن ينعم بالديمقراطية والعدالة وعدم الإقصاء ! متناسيا أن هذه الثورة قامت ضد فحشه وتوغل سلطاته ونهبه لمقدرات شعب غلبان عاني من الفقر والجهل والمرض بسببه هو وأمثاله الذين نهبوا وسرقوا ولم يحاسبوا للأسف الشديد لعدم وجود الأدلة !! لم يشف غليلي إلا مداخلة الباحث السياسي الدكتور:عمارعلي حسن التي واجهت هذا الرجل ببعض من خطاياه ، وكشفت للمشاهد كيف كان ينعم داخل محبسه بما لذ وطاب استناداً علي أمواله التي جمعها بالنهب والسلب والاحتكار، في حين أن شباب الثورة التي يتحدث عنها وعن مبادئها يعاني داخل السجون ويدفع ضريبة المطالبة بالعيش والحرية والكرامة الإنسانية !! ومن غرائب وعجائب هذا الحوار هو جرأة مقدم البرنامج وطلبه الغير منطقي من ضيفه بتوجيه كلمة لأهالي الشهداء، الذين سقطوا بسبب نظامه الذي لم يحاسب حتى الآن علي جرائمه التي لا تعدو ولا تحصي !! وأخيرا وبما أننا في زمن العجب ، فقد يعود هذا الفاسد إلي حلبة الانتخابات البرلمانية المهددة بالتأجيل ،وبالطبع سيعمل بكل قوة للحصول علي أكبر عدد من الأصوات، وهنا لابد أن يستيقظ وعينا من سباته ونحاول أن نغلق عليه الطريق نحو البرلمان، ولا نسمح للبعض منا باللهث وراء مصالحهم الشخصية، أو قبول البعض الأخر بشراء أصواتهم مقابل حفنة من الأموال أو العطايا !! صدق أمير الشعراء أحمد شوقي عندما قال في قصيدته برز الثعلب يوما : " مخطئ من ظن يوما.. أن للثعلب دينا" . لمزيد من مقالات علا حمدى