لغة الأرقام وهذا الاهتمام البالغ الذى يصل لدرجة العشق تمنحان الباحث أحمد محمد شوقى عن جدارة واستحقاق ليس فقط درجة الماجستير التى حصل عليها كأول باحث مصرى يحصل على أول رسالة مصرية علمية متخصصة عن الدرافيل. فالشاب المصرى عاش سنوات طويلة يسبح ويغوص ويلاعب ويداعب ويعايش عن قرب الدرافيل المغزلية الدوارة التى تعد من أروع أنواع الدرافيل وأكثرها رشاقة ، و من حسن حظ مصر أنها تتواجد بكثرة فى مياه البحر الأحمر المصرية بمنطقة شعاب صمداى المرجانية جنوب مرسى علم، ويطلق عليه أهالى المنطقة هناك اسم أبو سلامة لأنه يقفز فى الهواء فى تحية لزائريه وتعد الدرافيل بكل المقاييس ثروة هائلة ومن المصادر الرئيسية لجذب رواد السياحة البيئية وهواة الغوص من جميع أنحاء العالم ، خاصة أنها تتواجد بواحدة من أزخر حدائق الشعاب المرجانية المصرية. يقول أحمد شوقي, الرسالة تمت بجامعة قناة السويس, واشرف عليها كوكبة من المتخصصين في بيولوجيا الأسماك والمصايد والبيئة البحرية. فالدرافيل تعتبر من أهم الكائنات البحرية الصديقة للإنسان، وتربطني بها صداقة خاصة قوية, فأنا أعايشها في أعماق وفوق سطح مياه منطقة أبو غصون جنوب مرسى علم منذ سنوات طويلة، وأصبحوا جزء أساسيا لا ينفصل عن حياتي، وأعرف كل واحد منها. وتسجيلى الرسالة الماجستير عنها لم يكن سوى لصونها وحمايتها من جهة ومن جهة أخرى كيفية تعظيم الإستفادة منها كمصدر للدخل القومى المصرى دون المساس أو الإضرار بحياتها أو إيذائها. ويصحبنا أحمد شوقي في سياحة بيئية بحرية لنغوص معه فى أعماق رسالته العلمية المتخصصة المثيرة فيقول عن دخول وخروج الدرافيل من وإلى صمداى: الدرافيل تفد وتأتى إلى صمداى من خارجها والدراسة رصدت بدقة عمليات دخولها وخروجها ،وبعضها يدخل صمداى مرة واحدة والبعض الآخر أكثر من مرة وهذه دلالة على أن الدرافيل خارج صمداى أكثر بكثير ، والدراسة تعرفت على أعدادها بل ومرات دخولها، وللتعرف على أفراد كل مجموعة بدقة تم استخدام التصوير التعريفى (photo identification) ، وهو وسيلة متقنة للغاية تم من خلالها تعريف 255 درفيلا دوارا مميزا يتم تعريفهم لأول مرة بوضع كود لكل منهم يشمل رقمه وتاريخ ويوم تصويره وتعريفه حتى يتثنى بعد ذلك اختيار اسم له ، ثم تم وضع بيانات تلك الدرافيل في كتالوج خاص بهم، وهذا الكتالوج مسجل به العلامة الخاصة بكل درفيل وهى علامة تتواجد على الزعنفة الصدرية للدرفيل وتميزه عن غيره وهى تشبه البصمة الخاصة بإصبع الإنسان، ولايوجد درفيل واحد له أكثر من علامة أو بصمة وعن طريقها يمكن تسمية كل درفيل بالاسم الخاص به. ومن هذا العدد من الدرافيل تم تسجيل 132درفيلا وبنسبة 51%قامت بزيارة صمداى مرة واحدة، بينما56 درفيلا دخلت مرتين، 34درفيلا زارت صمداى ثلاث مرات، 16 درفيلا دخلت 4مرات ، 8 درافيل زارتها 5مرات ، ودرفيلان دخلا 7مرات ودرفيل واحد زارها 8 مرات. وهنا نلاحظ أن هناك علاقة عكسية فكلما زادت عدد مرات الزيارة نقصت أعداد الدرافيل الزائرة ، وتجدر الإشارة هنا أن فى كل مرة يتم فيها التصوير يتم إضافة 9 درافيل جديدة للكتالوج وهذه ميزة هائلة لأنها ارتفعت بنسبة تعريف الدرافيل فى صمداى إلى45% وهى نسبة عالية جداً مقارنة بأى نسبة تعريف تمت فى أى منطقة أخرى من العالم ، حيث أن أعلى نسبة تم تسجيلها من قبل كانت 22% فقط فى هاواى،،وبنفس طريقة التصوير أيضاً تم تقييم وتحديد تصور لكافة الدرافيل التى تزور صمداى والتى تقدر بحوالى 565 – 637درفيلا وتأتى لتقضى فترة الراحة وممارسة السلوكيات الاجتماعية بشعاب صمداى.
غرام الدرافيل
وعن أهم ماباحت به النتائج الطريفة للدرافيل الدوارة أجاب الباحث :- تمتاز الدرافيل بالمرح والعب واللهو ، فهى تقفز فى الهواء وتدور حول نفسها بحركة مغزلية أكثر من رائعة ومن هنا جاءت تسميتها الدرافيل المغزلية (SPENNER DOLPHEN) ، وحتى أثناء عملية تزاوج الذكور والإناث لاتخلو من المرح والمداعبة. ويضيف شوقي, الدرافيل الدوارة من الثدييات البحرية التي تنتمي لرتبة الحيتان المسننة ، وهى الأكثر شيوعاً من حيث التواجد بين حيتان البحر الأحمر ، كما تتواجد في جميع المياه الاستوائية وشبه الاستوائية في جميع أنحاء العالم تقريباً. وقد تم تسجيل حياة الدرافيل بداية من ولادة صغارها ونموهم وحتى مراحل التزاوج وحياتهم وطرق لعبهم ولهوهم ،واستغرق ذلك جهداً شاقاً تطلب الغوص فى الماء لساعات طويلة طوال فصول السنة. ولغة الأرقام تؤكد أن الوقت العملى الذى استغرقه في الغوص والسباحة للبحث والدراسة ورصد وتصوير مادة الرسالة لمعرفة أسرار حياة الدرافيل بلغ 104أيام سجل فوق سطح الماء 208ساعات بواقع ساعتين يومياً ، وغاص معها فى الأعماق 416ساعة بواقع 4 ساعات يومياً ليصبح إجمالى الساعات 624ساعة، والتقط لها 8650 صورة تحكى بالتفصيل الدقيق كل شىء عن حياتها أغلبها تحت سطح الماء ،والطريف أن الصورة الوحيدة له مع الدرافيل والتى لم يشملها هذا الرقم استعان بصديق ليلتقطها له، والإهداء الذي قدمه الباحث لأول رسالة متخصصة عن الدرافيل حمل شعار (تحيا مصر).
أكروبات الدرافيل
حياة وسلوك هذا الحيوان عجيبة ومثيرة للغاية فهو حيوان منظم ودقيق ويتمتع بنشاط رائع ،وبالنسبة للنشاط السلوكى للدرافيل الدوارة فهى تقضى فى المتوسط طوال العام 52% من وقتها فى حركة الدوران (الطاحونة) التى تتحرك فيها فى دوائر مستمرة تشبه حركة الرحاية أو الطاحونة، ثم تخلد إلى الراحة 28%من وقتها، وتقضى في الإجتماعيات8% من وقتها، ثم السفر مثلها8% أيضاً، وتهرب بصمداى 4%من وقتها. وعن رشاقة ونشاط الدرافيل الأكروباتى كالقفز والدوران لأعلى فى حركة مغزلية يقول الباحث أحمد شوقي, الطريف أن هناك عشرة أنواع من الحركات الهوائية والمائية تم رصدها للدرفيل وهو يؤديها ، وهى ممتعة للغاية وتعكس رشاقة هائلة لهذا الحيوان البحري الرائع. وتتحرك الدرافيل وقت الراحة فى مجموعات بالقرب من القاع ، وتحركها يكون ببطء ، وهناك رعاية أبوية تم تسجيلها من ذكور الدرفيل للصغار خاصة داخل البحيرة، والدرافيل الصغيرة تظل معظم الوقت بالقرب من الإناث التى ربما تكون أمهاتهم بينهن ، أما بالنسبة للتزاوج فيتم طوال العام ويكون أكثر شيوعاً فى يونيو ليصل إلى 33مرة وينخفض فى ديسمبر ليصل إلى مرة واحدة ، ويزداد فى الربيع إلى 23مرة فى المتوسط ويتناقص فى الخريف إلى 6 مرات في المتوسط.