ونمضى مع السفير بيلونوجوف لنشير الى ما قاله حول ان موعد اللقاء الثانى للسفير السوفييتى مع الرئيس مبارك تحدد فى 28 اكتوبر 1984 . قال بيلونوجوف :{ «ان الجانب السوفييتى ومن حيث المبدأ ليس ضد استئناف التعاون العسكرى مع ج م ع بشكل او باخر. كما ان الاتحاد السوفيتى موافق على استئناف تصدير قطع الغيار الخاصة بكل الاسلحة والمعدات وكذلك المصانع ذات الطابع العسكرى التى سبق وساهم الاتحاد السوفييتى فى تشييدها الى جانب انه مستعد لارسال الذخيرة واجهزة الاتصال والاجهزة الهندسية». واضاف : { « كانت القاعدة تقول ان سداد ثمن هذه الصادرات عادة ما يجرى بالعملات الصعبة . لكنه ومراعاة لما جّدً من تطورات فى العلاقات السوفيتية المصرية بما فى ذلك فى المجال السياسى فان المنظمات السوفيتية المعنية بقضايا التعاون يمكن ان توافق على ارسال المعدات والاجهزة المطلوبة مقابل السلع المصرية ذات القيمة النقدية العالية. ومن الممكن ان يقوم الجانب الروسى بارسال عدد من خبرائه العسكريين لتحديد حجم احتياجات مصر من قطع الغيار، ومعرفة ما هو مطلوب اصلاحه وصيانته».
ومضى ليقول : { «اما عن تلبية احتياجات القوات المسلحة المصرية من الاسلحة والمعدات العسكرية ومنظومات الدفاع الجوى فإنه من الطبيعى ان يتوقف تقريره على مدى الاتفاق حول تسوية الديون المعلقة بين الاتحاد السوفييتى ومصر». { «ان الجانب السوفييتى على استعداد للمناقشة البناءة فى المواعيد المناسبة للطرفين لمسائل استئناف التعاون العسكرى مع ج. م. ع فى السياق العام لمواصلة تطوير العلاقات السوفيتية المصرية». ويقول السفير بيلونوجوف ان اول رد فعل لمبارك كان يوحى بالامل. وعموما فقد خرج بانطباع حول ان الرئيس «انسان انفعالى تعكس ملامح وجهه ونظراته وايماءاته كل ما يساوره من مشاعر واحاسيس». واستطرد بيلونوجوف فى حديثه ليقول ان مبارك قال والابتسامة تعلو شفتيه انه يعرب عن سعادته لسماعه انباء طيبة من موسكو، فيما اعرب عن شكره لتفهم مدى احتياجات بلاده ومشكلة قطع الغيار. وقال انه كطيار يعلم معنى ان تستنفد محركات الطائرة قدراتها دون ان يكون هناك ما يمكن تغييرها به، لتغدو الطائرة رابضة على الارض بلا حراك ، فى الوقت الذى يكون مطلوبا فيه ان تطير. ومضى مبارك ليشير الى انه وما ان تولى مقاليد الرئاسة حتى قرر بين نفسه ان يتخذ قرار اعادة العلاقات الدبلوماسية مع الاتحاد السوفييتي، مؤكدا انه لم يخف هذا الامر، لا عن المحيطين به، ولا عن الامريكيين، وهو ما قال انه ابلغهم به خلال زياراته للولايات المتحدة بما فى ذلك فى الكونجرس، وفى لقاءاته التليفزيونية مع الصحفيين الامريكيين. وعاد الرئيس ليؤكد ان قرار اعادة العلاقات بين البلدين على مستوى السفراء هو قراره وحده، وكانما كان يريد تصوير ان الامر لم يكن سهلا وقد استطاع الدفاع عن موقفه!! وتحول مبارك الى الحديث عن القضايا الدولية مشيرا الى الاقتراحات التى تقدم بها الاتحاد السوفييتى حول عقد المؤتمر الدولى الخاص بالتسوية فى الشرق الاوسط. وقال انه شخصيا مع انعقاد مثل هذا المؤتمر. لكن مسالة انعقاده اليوم وللاسف، غير واقعية بسبب مواقف الولاياتالمتحدة واسرائيل على حد قوله. ومضى الرئيس المصرى تدريجيا الى انتقاد الرئيس السورى حافظ الاسد، متهما اياه بتجاهل المصالح العربية وبتدبير الدسائس ضد عرفات وحركة المقاومة الفلسطينية وبالسعى وراء مآربه الذاتية فى لبنان. لكنه سرعان ما تحول من الاسد الى انتقاد القذافي، حيث راح يشوح بيديه فى نشاط واضح، مطلقا فى حق الزعيم الليبى الكثير من الاوصاف غير الطيبة، مبررا ذلك بعدم توقفه عن المؤامرات ضد مصر. وقال: { «يجب علينا تاديبه كما ينبغى اذا ما اقدم على اية مغامرة عسكرية مثل تفكيره فى قصف السد العالى». ما كان الاتحاد السوفييتى يجب ان يمده بكل هذه الاسلحة التى حصل عليها. وتساءل وكانما يفكر بصوت عال... لماذا فعلتم ذلك؟ «ودون انتظار الاجابة واصل مبارك حديثه عن القذافى الذى لا يؤتمن وقال انه غير مامون العواقب». وفيما كان السفير السوفيتى يفكر فى احتمال ان يكون اللقاء شارف على النهاية حسب قوله ، فاجأه مبارك بالتحول من الحديث عن القذافى الى التطرق الى مسألة العجز التجارى وميل كفة الصادرات الى الجانب السوفيتي. وقال ان الاوضاع المالية لمصر بالغة الصعوبة ، وفجاة قال وبنبرة تتسم بالحدة مشوحا بيده : { «لن ادفع اية ديون عسكرية»!. قال السفير ان مبارك لفظها قاطعة، سرعان ما تبعها بفترة صمت، فى الوقت الذى راح فيه يرنو تجاهى بنظرات مفعمة بالكابة. { « لم اكن اتوقع مثل هذا التحول. ودارت فى مخيلتى وبسرعة محمومة فكرتان الاولى : ان ارد عليه بمقولة تقليدية مفادها ان تصريحات السيد الرئيس سوف انقلها للقيادة السوفيتية ( ولم يكن صعبا تخيل رد فعل موسكو الذى كان لا بد ان يكون فى اطار انه لن يتحقق اى تعاون عسكرى مع مصر باى حال من الاحوال) . والثانية، ان احاول مناقشة ما قاله الرئيس على امل التحول بالحديث الى منعطفات ايجابية على الرغم من ادراكى ان الجدل بين السفراء والرؤساء لا ينتهى عادة على خير . ومع ذلك فقد توقفت عند الخيار الثاني». وقال انه بدأ بالاشارة الى ان ما قاله الرئيس يختلف جذريا عما قاله منذ عام وزير الاقتصاد والتجارة الخارجية المصرى فى لقائه مع جريشين « رئيس لجنة العلاقات الاقتصادية» ويتعلق بان الحكومة المصرية تلتزم بسداد الديون العسكرية ، وهو ما يعنى ان التراجع عن هذا الموقف يعنى بالتبعية طرح مسالة الثقة فى العلاقات بين الدولتين . وما دامت تغيب الثقة فانه يصبح من الصعب الحديث عن اى تعاون فى الفترة الراهنة. وذلك يتعلق بالجانب السياسى للقضية . اما عن الجانب الاقتصادى ومسالة تضخم الديون العسكرية ، فان الجانب السوفييتى كان يشترى من مصر سلعا كمالية مثل العطور والاثاث والمنتجات الزراعية مثل الفواكه والخضروات والتى كان يمكن الحصول عليها ببساطة من اسواق البلدان الاخرى وباسعار افضل كثيرا . وعموما فان وقف التعاون بين البلدين لن يكون مفيدا لاى منهما . وقلت انه كان من غير الطبيعى ان نشترى السلع المصرية باسعار تزيد بعدة اضعاف عن اسعارها فى البلدان الاخرى، مشيرا الى ان الجانب السوفييتى كان يفعل ذلك بغية تحقيق اكبر قدر من التوازن . واضاف السفير بيلونوجوف انه ما كاد يستغرق فى شرح تفاصيل القضية حتى ادرك مبارك الهدف الذى كان يبتغيه، ليقاطعه بقوله انه لا يعلم عن تفاصيل التجارة بين البلدين لانه سياسى ومن الواجب عليه ان يظهر لشعبه مدى الجدوى التى يمكن تحقيقها من قرار اعادة العلاقات الدبلوماسية مع الاتحاد السوفييتى . كما ان العسكريين وبالدرجة الاولى يجب ان يلمسوا بانفسهم الفائدة من ذلك لان الاسلحة السوفيتية الموجودة فى حوزتهم بدت اشبه بالحديد الخردة بسبب توقف الاتحاد السوفييتى عن امدادهم بقطع الغيار . وذلك ما يدفع الى التساؤل : لماذا يجب على مصر ان تدفع ثمن اسلحة تحولت الى حديد خردة؟. وقال بيلونوجوف: { « نطق مبارك بالجملة الاخيرة بنبرة اتسمت بالانفعالية بل وبالحدة. ولم اكن لأقبل وصف «حديد خردة» ولا اية ايماءات تقول بان الاتحاد السوفييتى لم يف بالتزاماته . ومع ذلك فقد حاولت الرد بنبرة هادئة ودون ايما انفعال. قلت ان السيد الرئيس وكرجل عسكرى يعلم ان الاتحاد السوفييتى لم يفرض ابدا اسلحته على اى كائن كان . بل وكان يقدم هذه الاسلحة ردا على الكثير من الالحاح فى الطلب . كما كان يقدم الاسلحة والذخيرة والمعدات بالقروض الاجلة وبتسهيلات كبيرة» . وقال ايضا : {« ولعلكم تعرفون جيد المعرفة الدور الذى لعبته الاسلحة الروسية فى قدرة مصر على الذود عن استقلالها ولم يكن ذنب الاتحاد السوفييتى ان توقف التعاون العسكرى بين البلدين» . واضاف السفير بيلونوجوف : { «ان توقف التعاون مع مصر كان بسبب سياسات السادات وتغيير السياسة الخارجية ، كما ان هناك رأيا عاما لا يزال متاثرا بما حدث وبما طرأ على العلاقات المصرية السوفيتية من تغير فى عهد السادات ، وهو ما يصعب نسيانه على القيادة السوفيتية وعلى العسكريين فى بلادنا ، بل وعلى المواطنين العاديين الذين يتذكرون كيف كانت مصر بالنسبة للاتحاد السوفييتي، وكيف كان الاتحاد السوفييتى بالنسبة لمصر «. واختتم السفير حديثه بقوله ان تطبيع العلاقات بين البلدين يجب ان يسفر عن تحقيق النفع المتبادل للجانبين . وقال انه لا يعرف حقيقة ما اذا كان حديثه وما طرحه من براهين وقرائن ساعد على اقناع الرئيس بالتحول عن موقفه ، ام ان ما قاله مبارك كان مجرد تكتيك ، حيث سرعان ما ابتسم قائلا « انه لم يقل « ان مصر لن تسدد الديون العسكرية « انما قال انها لا تستطيع السداد الان لاسباب تتعلق بالمصاعب الاقتصادية . قال ايضا ان المصريين يذكرون جيدا مدى الدعم الذى قدمه الاتحاد السوفييتى . وبنبرة تنم عن ارتياح قال السفير بيلونوجوف بوجود فرق بين « لن نقوم بالسداد « ، وبين «لن نستطيع السداد الان» ، وهو ما فتح الباب امام تنازلات متبادلة اقدم الرئيس من جانبه عليها حين قال: { « دعونا نؤجل بحث قضية الديون العسكرية لبعض الوقت، ولنتوقف عن ربطها بقضايا العلاقات التجارية». وطلب مبارك ابلاغ الرفيق تشيرنينكو (الامين العام للجنة المركزية للحزب الشيوعى السوفييتي) شكره على قراراته الايجابية لحل القضايا المهمة التى كان سبق وطرحها فى رسالته الشفهية الى القيادة السوفيتية. ومضى مبارك ليقول : { «انه سوف يكلف مساعديه باعداد الوثائق المناسبة بما يعنى ضمنا ان الاجابة تظل عند الجانب المصرى . ولعله كان يريد بما جرى منذ لحظات، ان اقوم بابلاغ القيادة السوفيتية بما طرحه من اراء . ولربما كان يريد ايضا ثبر اغوار السفير السوفييتى الذى اوفدته موسكو . وعموما استطيع القول اننى التقيت به لاحقا وفى غضون السنة ونصف السنة التى قضيتها بالقاهرة ست مرات لم اشعر خلال اى منها بحساسية او غضاضة لديه عند لقائنا . وكان يمكنه بالطبع ان يعهد بامر ما كنا نتناوله من قضايا الى اخرين ، لكنه كان يفضل اللقاء معى او عبر مستشاره للشئون السياسية اسامة الباز». وبعيدا عن لقاءاته مع الرئيس تناول السفير بيلونوجوف بعض ما كان يدور فى لقاءاته مع الدكتور اسامة الباز الذى بدا واضحا مما كتبه بيلونوجوف اعجابه الشديد به وارتياحه للقاء معه ولا سيما على ضوء حرص الباز على ان تكون هذه اللقاءات بعيدا عن الرسميات وفى وقت متاخر من الليل فى مقر عمله بقصر الخارجية بميدان التحرير . واعترف بيلونوجوف بذلك حين قال ان موقع القصر كان ايضا مناسبا له نظرا لقربه من مقر السفارة السوفيتية على الشاطئ الاخر من نهر النيل. وفى معرض سرد ما كان يتطرق النقاش اليه اشار السفير السوفييتى الى ان الجانب المصرى طالما حرص على اثارة المسائل المتعلقة بالديون وجدولتها او اسقاطها ولو بمقدار 20 مليون جنيه استرلينى سنويا . وذلك ما قال انه اراد ايضا الاستفادة منه من اجل الغاء ما سبق واتخذه السادات من قرارات تتعلق باغلاق المؤسسات السوفيتية فى مصر وخاصة القنصلية السوفيتية فى الاسكندرية والمراكز الثقافية. وقلت : { « ان ما نطلبه بهذا الشان ليس امتيازا نطالب به ، نظرا لان الكثير من البلدان الاجنبية وليست العظمى او الكبيرة فقط تتمتع به بل والبلدان المتوسطة . وفى هذا الصدد تطرق الحديث مع اسامة الباز حول انه من غير المفهوم ان يثير الجانب المصرى قضية استئناف التعاون العسكرى فى نفس الوقت الذى يرفض فيه الجانب المصرى اعادة افتتاح الملحقية العسكرية فى مصر ويبقى على مكتبه الحربى فى موسكو مغلقا . واثرت ايضا المسائل المتعلقة بتحديد عدد العاملين فى السفارة السوفيتية . وقلت ان مثل هذا الوضع لا نشهده الا مع بلدان الناتو والبلدان ذات الانظمة الدكتاتورية . واضفت اننا لا ننوى زيادة عدد العاملين فى السفارة ، لكننا لا نستطيع غض الطرف عن الاجراءات التمييزية التى اتخذها السادات ولا يزال معمولا بها حتى فى ظل النظام الجديد». ومضى السفير ليقول : { «ان هناك ايضا ما طرحته على الباز وهو موضوع استعادة ما جرت مصادرته من ممتلكات السفارة عن غير حق ، وهى العمارة السكنية التى كنا بصدد استكمال بنائها لموظفى السفارة. واشرت ايضا الى ان موسكو سوف تحكم على مدى جدية مواقف القاهرة تجاه العلاقات مع الاتحاد السوفييتى بقدر ما تتخذه من اجراءات لتسوية القضايا المعلقة بين الجانبين. واضفت ان العلاقات يجب ان تكون شارعا من اتجاهين وليس غير ذلك . واذا كنتم تريدون ان نستجيب لطلباتكم لا بد عليكم ايضا ان تستجيبوا لطلباتنا، وحتى نفرغ سوية من تصفية ما علق بهذه العلاقات من شوائب ارث السادات». واضاف بيلونوجوف انه كان شديد الالحاح والاصرار على تكرار طرح هذه القضايا نظرا لان الباز لم يف بما وعد به منذ سبتمبر الماضى حول تصفية تلك الشوائب وهو ما اعترف به فيما وعد بالعمل من اجل تحقيقه . وبهذه المناسبة قال السفير ان القاهرة ظلت تماطل فى تحقيق ما طلبناه لما يقرب من العام . وعزا ذلك الى صعوبة الاتفاق حول سداد الديون المعلقة والى استمرار محاولات القاهرة لجدولة هذه الديون او على الاقل اسقاط بعضها. واستعرض بعضا من لقاءاته مع مصطفى السعيد وزير الاقتصاد والتجارة الخارجية ومحاولات الجانب السوفييتى التحول لاحقا بالمعاملات بين البلدين بالعملات الصعبة . قال: { «التقيت الكثيرين .. ، لكننى لم التق المشير ابوغزالة وزير الدفاع ، على الرغم من انه كان فى البداية فى صدارة قائمة الشخصيات التى كنت اريد لقاءها ولا سيما وبحكم منصبه ، لمناقشة قضايا استئناف التعاون العسكرى بين البلدين . لكنه لم يكن يتعجل استقبالى . غير انه وبعد ان اقتصرت دائرة المسئولين عن هذه القضايا على الرئيس ومستشاره اسامة الباز فقد وجدت ان اللقاء معه غير مفيد. فى معرض تسجيله لتقديراته حول حالة العلاقات السوفيتية المصرية توقف بيلونوجوف عند شخصية مبارك. قال : { «من واقع لقاءاتى مع مبارك وانطباعاتى حول شخصيته يمكن القول انه قومى التوجه وطنى الميول، براجماتى النزعة، يدرك معنى واهمية العلاقات مع الاتحاد السوفييتى ، لكنه ومن منطلقات الحرص الذاتى والظروف الموضوعية يفضل الوتيرة المتدرجة ببطء لتحسن العلاقات مع بلادنا . ولذا فانه يكون من الافضل ان تتسم العلاقات مع مصر باكبر قدر من الهدوء فى اطار اظهار الحرص على تبنى وجهة النظر التى تقول بالاستعداد للنظر فى القضايا التى ورثناها عن الماضى الى جانب ما يجد من قضايا جديدة . اما عن الزيارات على مستوى القمة فلم يحن الوقت بعد للقيام بها . وقد يكون من الواجب ارساء تقليد تبادل الرسائل بين رئيسى البلدين على ان تتضمن اكبر قدر من عناصر الثقة. ومن الواجب ايضا ارساء تقليد دورية لقاءات وزيرى خارجية الاتحاد السوفييتى وجمهورية مصر العربية على هامش اعمال الجمعية العامة للامم المتحدة الى جانب اجراء المشاورات بين وزارتى خارجية البلدين اكثر من مرة فى العام . وفى نفس الوقت يجب احياء وتوسيع الاتصالات على مستوى الوزارات والمؤسسات السوفيتية ذات الاهتمام المشترك وكذلك العلاقات البرلمانية . وعلى قدر استعداد المصريين يمكن اجراء المباحثات حول المسائل التجارية الاقتصادية وما يتعلق بتسوية الديون . والى حين التوصل الى اتفاق مبدئى حول هذه القضايا يكون من الافضل التوقف عن عقد اية صفقات عسكرية جديدة «. (ص 152) هذه هى التوصيات التى بعث بها بيلونوجوف الى قيادته فى موسكو وتبعها بالسفر الى هناك للقاء اندريه جروميكو وزير الخارجية السوفيتية فى ذلك الحين. ولعله من الطريف ان نشير بهذا الصدد الى ما قاله حول انه سافر الى موسكو وحده بدون قرينته ناتاشا لاسباب تتعلق بضعف مرتبه ، وانتظارا لموعد الاجازة السنوية . (ص153) هكذا كان ترشيد انفاق السفير السوفييتي، الذى ورغم كونه سفيرا لدولة عظمى قرر توفير ثمن «تذكرة سفر» لقرينته لمرافقته فى زيارته للوطن، «لضيق ذات اليد»، فى الوقت الذى نرصد فيه الكثير من اوجه اهدار المال العام والمبالغة فى تقدير ميزانية البعثة الدبلوماسية المصرية بمكاتبها الفنية التى منها ما يمكن الاستغناء عنه فى موسكو. وتلك قضية اخرى ينبغى تناولها فى سياق لاحق قد يكون مناسبا التطرق اليه، ولا سيما ان مصر ورغم انها احتفلت منذ عام بالذكرى السبعين لاقامة علاقاتها الدبلوماسية مع موسكو، لا تملك ايا من مبانيها أومقاراتها التى تظل تستاجرها بملايين الدولارات فى العاصمة موسكو، فيما سبق ورفضت «منحة سوفيتية» بتخصيص أرض لها فى حى السفارات لاقامة مبنى السفارة المصرية !! .