عُقدت الجولة الأولى من الحوار الاستراتيجي بين مصر والهند، أمس الخميس، في نيودلهي، برئاسة الدكتور بدر عبد العاطي، وزير الخارجية والهجرة وشؤون المصريين بالخارج، والدكتور سوبرامانيام جايشانكار، وزير الشؤون الخارجية الهندي. وقال السفير تميم خلاف، المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية، إن انعقاد الجولة الأولى من الحوار الاستراتيجي يعكس التطور المتسارع في العلاقات الثنائية بين البلدين، والرغبة المشتركة في تطوير الشراكة الاستراتيجية، التي تم تدشينها خلال زيارة رئيس الوزراء الهندي "ناريندرا مودي" إلى مصر في يونيو 2023، ويؤكد على اعتزام مصر والهند الارتقاء بمستوى التعاون المشترك، والحرص على متابعة تنفيذ مُذكرات التفاهم التي تم التوصل إليها في مختلف المجالات بما يحقق المصلحة المشتركة. ورحب الوزيران بما وصلت إليه العلاقات الثنائية بين مصر والهند من تطور خلال السنوات الماضية، لا سيما في ظل التفاهم والتنسيق المشترك بين قيادتي البلدين، خاصة مع احتفال البلدين هذا العام بالذكرى السبعين لتوقيع اتفاقية الصداقة المصرية-الهندية، معربين عن التطلع لمزيد من التطوير في التعاون الثنائي في شتى المجالات بما يُحقق مصلحة الشعبين الصديقين. واستعرضت جولة الحوار الاستراتيجي سبل تعزيز التعاون الاقتصادي والتجاري والاستثماري، ودعم التعاون في مجال التكنولوجيا والابتكار، وتعزيز الشراكة الدفاعية، خاصة في مجال التدريب المشترك والصناعات الدفاعية، والتعاون الأمني في مجال مكافحة الإرهاب وتبادل المعلومات، فضلاً عن تبادل وجهات النظر حول الموضوعات السياسية الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك، وسبل تعزيز التعاون جنوب-جنوب. وأضاف المتحدث الرسمي أن الوزير عبد العاطي أعرب عن التطلع لعقد الاستحقاقات الثنائية بين البلدين، وعلى رأسها الدورة الثامنة للجنة المصرية-الهندية المشتركة بالقاهرة، مقترحًا عقدها خلال النصف الأول من عام 2026، مشددًا على أهمية عقد منتدى رجال أعمال على هامش انعقاد اللجنة المشتركة لدعم التعاون الاقتصادي بين البلدين. وفيما يتعلق بالشق الاقتصادي والتجاري في العلاقات الثنائية، استعرض الوزير عبد العاطي الإصلاحات الاقتصادية التي نفذتها الحكومة المصرية منذ عام 2016، بما في ذلك اتباع سياسة نقدية رشيدة وتطبيق نظام سعر صرف مرن، وهو ما انعكس إيجابيًا على تحسن أداء الاقتصاد المصري ورفع تصنيفه الائتماني، مما ساهم في تهيئة مناخ جاذب للاستثمار. وقد تناولت المناقشات فرص التعاون في توطين الصناعات المرتبطة بالتحول الأخضر، مثل تصنيع الألواح الشمسية وتوربينات الرياح والمحللات الكهربائية المستخدمة في إنتاج الهيدروجين الأخضر، إلى جانب قطاع المنسوجات والملابس الجاهزة، الذي تبدي العديد من الشركات الهندية اهتمامًا متزايدًا بالاستثمار فيه. كما حثّ الدكتور عبد العاطي الشركات الهندية على الاستثمار في مصر لتلبية احتياجات السوق المحلي والتصدير إلى الخارج، لا سيما عبر المنطقة الاقتصادية لقناة السويس، التي تمنح الشركات العاملة فيها حوافز استثمارية وإعفاءات ضريبية وجمركية متعددة. كما قدم الوزير عبد العاطي التهنئة للهند بمناسبة قرب توليها رئاسة تجمع بريكس لعام 2026، مؤكّدًا دعم مصر الكامل لرئاسة الهند للتجمع، والتطلع لتعزيز التعاون الاقتصادي والمالي والنقدي بما يسهم في تحقيق التنمية والازدهار لشعوب الدول الأعضاء بالمجموعة. وفيما يتعلق بالتطورات الإقليمية في الشرق الأوسط، استعرض الدكتور عبد العاطي جهود مصر الحثيثة على مدار العامين الماضيين للتوصل إلى اتفاق لوقف الحرب في قطاع غزة، والتي تكللت بانعقاد القمة التاريخية في شرم الشيخ، مرحبًا بمشاركة الهند في المؤتمر، وتناول الوزير عبد العاطي في هذا الإطار الأهمية التي توليها مصر لالتزام أطراف الاتفاق بتنفيذه بشكل كامل، والإسراع في البدء بعملية التعافي المبكر وإعادة الإعمار في قطاع غزة، ونفاذ المساعدات الإنسانية والإغاثية والطبية، مشددًا على ضرورة العمل على إيجاد أفق سياسي لممارسة الشعب الفلسطيني لحقه في تقرير المصير وإنشاء دولته المستقلة على خطوط الرابع من يونيو 1967، وعاصمتها القدسالشرقية. كما استعرض وزير الخارجية المصري محددات الموقف المصري من عدد من قضايا الإقليم، تشمل التطورات في السودان وليبيا ولبنان واليمن. من جانبه، ثمّن وزير الخارجية الهندي التطور اللافت في العلاقات الثنائية بين مصر والهند، مؤكدًا حرص بلاده على العمل على تطوير العلاقات في شتى المجالات السياسية والاقتصادية والتجارية بما يلبي تطلعات الشعبين الصديقين، كما أشاد بالدور الريادي والنشط الذي تلعبه مصر في دعم السلام والأمن والاستقرار في الشرق الأوسط، مشيدًا بنتائج قمة شرم الشيخ، ومشدّدًا على موقف بلاده بالنسبة للتمسك بتحقيق السلام على أساس حل الدولتين. واتفق الجانبان على أن النظام الدولي متعدد الأطراف الحالي يعاني من أزمة مصداقية وفعالية عميقة، على نحو تجلّى بوضوح في حالة الشلل التي أصابت المؤسسات المنوط بها معالجة أزمات العالم، لاسيما مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، مما أدى إلى تحول كثير من الأزمات إلى كوارث إنسانية دون مساءلة أو رادع، وأن هذا الفشل في اتخاذ الإجراءات الضرورية، من غزة إلى السودان، يشير إلى أن الهياكل الحالية لم تعد تخدم مبادئ السلم والأمن الدوليين التي تأسست من أجلها على نحو فعال.