كان الموسيقار محمد عبدالوهاب المنافس اللدود لكوكب الشرق فى الثلاثينيات والأربعينيات والخمسينيات من القرن الماضي، وفى إطار هذا الصراع كان إلى جانب الأحزاب السياسية التى كانت موجودة فى هذا الوقت، حزبان على الساحة الفنية فى الموسيقى والغناء هما "الحزب الوهابي"، و"الحزب الكلثومي"، وبالطبع كان لكل حزب أنصاره ومريدوه، وتعصب لكل من عبدالوهاب وأم كلثوم بعض الشخصيات العامة ذات المكانة الاجتماعية والأدبية والسياسية فى مصر آنذاك حيث كان حزب عبدالوهاب يتكون من أمير الشعراء أحمد شوقي، والأمير يوسف كمال، والسيدة فاطمة اليوسف التى كانت قد اتجهت للصحافة بعد نجاحها الكبير فى عالم التمثيل، وأنشأت مجلة "روزاليوسف" السياسية الفنية، محاطة بالصحفى الكبير محمد التابعى والأديب عباس محمود العقاد، وعبدالقادر المازني، وغيرهم، وكانت المجلة والعاملين فيها يتبعون الحزب "الوهابي"، ومن ناحية أخرى كان الحزب " الكلثومي" يضم عائلة عبدالرازق، وعائلة المهدي، وعلى بك البارودي، وحنفى بك الدريني، والمحامى بولس أرمانيوس، ومنصور عوض وكيل اللجنة الفنية بنادى الموسيقى، والتاجر المشهور على الحمزاوي، والشاعر الكبير أحمد رامي، الذى كان أكثر "الكلثوميين" إيثارا وحبا لها، وحرص دوما على رقيها وإرتفاعها إلى القمة. وحدث فى منتصف الخمسينيات من القرن الماضى وتحديدا عام 1954 فى قلب المنافسة بين عبدالوهاب وأم كلثوم فى ذروتها، أن عرض أحمد رامى الذى كان يجمع بين صداقة الحزبين أغنية "عودت عيني" على الموسيقار محمد عبدالوهاب الذى أعجب بها جدا، وأخذها من رامى وبدأ يلحنها، وبعد تلحينه للكوبليه الأول توقف عند الكوبليه الأخير الذى يقول : «زرعت فى ظل ودادى غصن الأمل وأنت رويته / وكل شيئ فى الدنيا دى وافق هواك أنا حبيته / ومهما شفت جمال وزار خيالى خيال/ إنت اللى شاغل البال ، وأنت اللى قلبى وروحى معاك/ وإن مر يوم من غير رؤياك ما يتحسبش من عمري". ومرت سنة، واثنين وثلاث وعبدالوهاب لم ينته بعد من تلحين الأغنية، وفى أحد الأيام وبالمصادفة البحتة جاءت سيرة هذه الأغنية فى حديث بين رامى وأم كلثوم، فطلبت أن تسمع كلمات الأغنية، وما كادت تسمع كلمات الأغنية حتى قررت أن تغنيها، واتصلت على الفور بالموسيقار رياض السنباطى الذى لحن الأغنية على الفور، وقدمتها أم كلثوم فى نهاية موسم 1957 ، وما إن استمع إليها عبدالوهاب بصوت أم كلثوم حتى غضب وثار وهاجم أم كلثوم بقوة، واتصل بحزبه متهما أم كلثوم بسرقة أغنيته "عودت عيني" وبالفعل كتب الكاتب محمد التابعى تفاصيل السرقة، وشنت مجلة " روزا اليوسف" هجوما قاسيا على أم كلثوم. ومن جانبها اتصلت أم كلثوم بالكاتب الكبير محمد التابعى وعاتبته على ما كتبه وعلى هجوم روزا اليوسف وبعض الجرائد الآخرى عليها، وقالت للكاتب الكبير: أرجوك إسأل عبدالوهاب متى قدم له رامى هذه الأغنية؟ وبالفعل اتصل التابعى بعبد الوهاب واكتشف أن الأغنية عنده من ثلاث سنوات، فثار التابعى عليه وقال له : يا راجل حرام عليك جعلتنا نهاجم الست ونتهمها بالسرقة وأنت الغلطان!، وأسرع التابعى بالاتصال بأم كلثوم معتذرا لها، وتوقفت الحملة التى شنت على كوكب الشرق بسبب " عودت عيني".