تحظى التحركات الإيرانية العسكرية فى الخليج العربى والبحر العربى وصولا إلى خليج عدن والمدخل الجنوبى للبحر الأحمر الكثير من الاهتمام فى السنوات الأخيرة وذلك بعد التطوير الكبير الذى طرأ على السلاح البحرى الإيرانى من جانب وتنامى الرغبة الإيرانية فى زيادة هيمنتها على طرق التجارة البحرية والبترولية إقليميا كوسيلة لخلق توازن قوى مضاد للتحركات الغربية لها من جانب، وزيادة هيمنة إيران وتحويلها إلى قوة إقليمية كبرى من جانب آخر. أهداف جيوسياسية فقد أظهرت التحركات الإستراتيجية الإيرانية منذ وقت بعيد استخدامها المضايق الإستراتيجية فى المنطقة (مضيق هرمز وخليج عمان بحرالعرب وخليج عدن ومضيق باب المندب عند المدخل الجنوبى للبحر الأحمر) كأدوات للضغط الإستراتيجيى والاقتصادى على المجتمع الدولى بوجه عام من ناحية، وتأمين خطوط النقل والمواصلات الخاصة بإيران وحلفائها فى المنطقة من ناحية أخرى، كما استخدمت الاضطرابات والصراعات فى المنطقة كأداة تفاوض لخدمة مصالحها. ولم يكن ما حدث باليمن إلا حلقة جديدة من حلقات التحرك الإيرانى حول مضايق المنطقة. وقد توصل الخبراء إلى حقيقة جغرافية سياسية تقول إن جميع صادرات البترول والغاز الإيرانية تقريبًا تمر عبر الخليج العربى والمحيط الهندى فى طريقها إلى السوق الدولية. وكذلك، تمر جميع واردات إيران تقريبًا حول القرن الأفريقى أو عبر المحيط الهندى فى طريقها إلى موانى إيران المطلة على الخليج. وبالتالى تحول أمن المسارات البحرية فى شرق أفريقيا وخليج عدن وبحر العرب ومضيق هرمز إلى أمر حيوى وضرورى من وجهة نظر إيران. وأصبح بحر العرب وخليج عدن وباب المندب ضمن قائمة أبرز اهتمامات إيران الإقليمية فى السنوات الأخيرة فهى نقاط تسعى إيران إلى فرض سيطرتها عليها لاستكمال تأمين أمنها القومى، وإتخاذها كأدوات للضغط عند اللزوم، فى مواجهة باقى كافة الأطراف الدولية وفى مقدمتها الولاياتالمتحدة والغرب. مناورات من هرمز لباب المندب وتأكيدا لتلك الرؤى "النظرية" وتحويلها إلى واقع فعلى قال قائد سلاح البحر بالجيش الايراني الادميرال حبيب الله سياري انه سيتم "استعراض اقتدار إيران"، وذلك قبل بداية مناورات "محمد رسول الله" فى ديسمبر الماضى والتى استمرت لمدة 6 أيام في منطقة بلغت مساحتها مليونين و 200 ألف كيلومتر مربع من شرق مضيق هرمز حتي جنوب خليج عدن. قال الادميرال سياري انه سيتم استعراض قوة الجمهورية الايرانية وان سلاح البحر سيستخدم فى المناورات انواع تجهيزاته واسلحته لابراز قوة ايران في البحر. وفى تصريحات أخرى خلال ديسمبر الماضى أكد نائب القائد العام لقوات حرس الثورة العميد حسين سلامي ان ايران قادرة علي استهداف حاملات الطائرات المعادية بصواريخ اسرع من الصوت ولديها تقنية متطورة جدا "تثير دهشة الاعداء". وخلال المناورات نفذ سلاح مشاة البحرية عمليات لتدمير عدو افتراضي باطلاق الصواريخ البحرية طرازات "نور" و"نصر" و بادرت مروحيات AB-212 ، المزودة بمنظومة السلاح الرشاش والصواريخ، للمرة الاولي باطلاق النيران علي قطع حربية بحرية بواسطة منظوماتها الهجومية ضد القطع الحربية البحرية. وكذلك تم اختبار طوربيدات حديثة إلى جانب اختبار معدات جديدة لسلاح البحر الإيرانى. ونفذت البحرية الإيرانية عملية تدريبية لإنقاذ ناقلة نفط إيرانية من براثن القراصنة فى مضيق باب المندب التى تم إدخالها ضمن منطقة المناورات. حيث أعلنت ايران تمكن المجموعة ال32 المؤلفة من المدمرتين "جماران" و"بوشهر" التابعة للقوة البحرية الإيرانية من إنقاذ ناقلة نفط إيرانية من هجوم للقراصنة ب 8 زوارق فى مضيق باب المندب. وفى خليج عمان تم إطلاق صاروخ كروز "نصر" البحرى نحو هدف فى مياه خليج عمان. والصاروخ "نصر 1" قادر على تدمير السفن الحربية البالغة زنة 3 آلاف طن، ويمكن إطلاقه من منصات ثابتة على السواحل أو متحركة على متن قطع بحرية مختلفة أو المروحيات. وظهر صاروخ كروز "نصر بصير" وهو جيل جديد من عائلة صاروخ "نصر" وتم الكشف عنه منذ شهور ويتسم هذا الصاروخ بسرعة عالية وله رأس باحث، مما يرفع من القدرات البحرية الإيرانية. وتم إطلاق صاروخ كروز "نور" البحرى ويبلغ مداه 120كيلومترا أيضا على هدف فى مياه بحر عمان. كما تم إطلاق أحدث طوربيد تم ضمه للبحرية من مروحية SH-3D فى خليج عمان. وهكذا وأمام أعين العالم تتمدد القوة الإيرانية العسكرية البحرية إقليميا نحو المضايق الإستراتيجية الدولية الهامة هرمز وباب المندب وخليج عمانوعدن فى محاولة لفرض هيمنتها على أبرز الممرات الخاصة بنقل موارد الطاقة فى العالم.