أيا كان ما انتهت إليه محاولات مقايضة حياة الطيار الأردنى معاذ الكساسبة (والمخطوف من جانب إحدى المنظمات الجهادية السلفية المتشددة) والصحفى اليابانى جو تو، بالإفراج عن ساجدة الريشاوى الجهادية العراقية، فإن ما يلفت النظر فى الأسماء التى يطرحها الإرهابيون، أو أولويات مطالباتهم بالإفراج، يعطى انطباعا قويا عن المقام التنظيمى الرفيع الذى يحتله من نفذ أعمالا إرهابية كبري، فى هيكل تلك التشكيلات الإجرامية التى صارت المنطقة تعج بها. وساجدة الريشاوى كانت جزءا من عملية انتحارية استهدفت فندق «راديسون» فى عمان، وقت حفل زفاف ابنة المخرج السورى مصطفى العقاد، لكنها حين ضغطت على حزامها الناسف لم يشتغل، ومن ثم نجت، وإن نجح رفاقها فى تفجير المكان (بالضبط مثل حالة الممثل فتحى عبدالوهاب فى فيلم كباريه). وقعت ساجدة فى قبضة السلطات الأمنية الأردنية منذ تسع سنوات، لكنها ظلت مطلبا للإرهابيين كيما يطلقوها من الحبس فتصبح رسالة إلى كل من يتم تجنيده، بأن التنظيم لن يتخلى أبدا عن عملائه حتى لو مرت سنوات. ثم إن ساجدة الريشاوى هى شقيقة أحد كبار مساعدى أبو مصعب الزرقاوي، الذى تم اغتياله فى حادث ملتبس وتردد أن مخططه هو أبو بكر البغدادى زعيم داعش الذى نصب نفسه إماما وخليفة على ما يسمى »الدولة الإسلامية فى العراق والشام«، مستبقا أيمن الظواهري، وبما تسبب فى ظهور خلافهما العميق على السطح، وهو ما يشى بانفكاك قبضة سيطرة قيادة التنظيم المركزية على أجنحته. واختيار ساجدة بالذات كمطلب للإفراج فى مقابل الرهينة، يعطى أيضا إشارة لعمق الانشقاق داخل داعش نفسها بين جناح يمثله أنصار الزرقاوي، وآخر يمثله أنصار البغدادي، لأن الطرف الذى أملى أولوية الإفراج عن ساجدة كان أقوى ارتباطا بأبى مصعب، ومعبرا عن فصيل آمن بقيادته. تأمل مثل تلك التفاصيل المهمة لأنها ذات دلالات كبيرة. لمزيد من مقالات د. عمرو عبد السميع