إذا نظرنا إلى ما يجرى منذ الذكرى الأولى لثورة الخامس والعشرين من يناير نجد أن الأمر مختلف بالنسبة الى جماعة الإخوان وكيفية تعاملها مع هذه الذكرى. صحيح أن هذا الموقف اختلف في حالة واحدة حينما كانت الجماعة في السلطة وتحديدا في الذكرى الثانية للثورة في 25 يناير 2013، إلا انه من الصحيح أيضا أن الذكرى الأولى والثالثة للثورة عام 2012، 2014 على التوالي وكذلك الذكرى الرابعة التي نحن بصددها الآن (2015) حفلت بممارسات إرهابية ارتكبتها الجماعة ضد الدولة بمؤسساتها والمجتمع بتكويناته المختلفة، وهو أمر يثير لدى المرء التساؤل حول دوافع الجماعة لطريقة احتفالها بذكرى الثورة المصرية، فهل الجماعة ترى في الثورة انتكاسة ومؤامرة كما يرى أنصار النظام القديم وأبواقه؟ أم أن الجماعة ترى في الثورة أنها كشفت انتهازيتها وكذب وادعاء قادتها حينما وصلت الى الحكم في غفلة من الزمن حاولت خطف الدولة لصالحها؟ أم أن الجماعة لا تعترف بأي تغيير يجرى في المجتمع المصرى طالما لن تصل هي الى الحكم. وغنى عن البيان تأكيد أن ما جرى من الجماعة وتحالفها في الذكرى الرابعة للثورة المصرية يكشف عن جملة من الحقائق واجبة التأكيد، أبرزها ما يلى: أولا- إذا كانت الجماعة ترى أن الطريقة المثلي للاحتفال بهذه الثورة هو ممارسة الإرهاب حيال مؤسسات الدولة وأفراد المجتمع والاعتداء على الممتلكات العامة والخاصة، فهى بذلك تضع نفسها في خانة المعارضين للثورة والرافضين لها، بما يؤكد ما سبق أن تناولته وسائل الاعلام كافة من أن الجماعة لم تشارك في هذه الثورة، بل كانت حريصة على التعاون مع نظام مبارك ورجاله، وحينما رأت أن بشائر النصر بدأت تلوح أسرعت وتواجدت بين شباب الثورة ورجالها أملا في أن تجد لنفسها مقعدا ضمن ترتيبات ما بعد إسقاط نظام مبارك. ثانيا- يقف المرء مشدوها أمام تصرفات الجماعة ونهجها في التعامل مع الاستحقاقات السياسية التي عاشتها مصر منذ الثلاثين من يونيو 2013، فما زال قادة الجماعة يبثون سمومهم في أفرادها والمتعاطفين معها، صحيح أنهم في تناقص مستمر إلا أن إصرار البعض منهم على الإبقاء في خانة العداء للدولة المصرية وللإرادة الشعبية التي تجسدت في أكثر من مظهر بدءًا من الاستفتاء على دستور 2014 مرورًا بالانتخابات الرئاسية النزيهة التي أتت بالرئيس عبدالفتاح السيسى، وصولا إلى الاستحقاق الثالث المتمثل في الانتخابات البرلمانية المزمع اجراؤها في مارس وأبريل القادمين، يؤكد أن الإرهاب والعنف والبلطجة هى أدوات الجماعة ونهجها في التعامل مع كل المخالفين معها والرافضين لحكمها ،حتى لو كان الحكم يناقض الشعارات التي ترفعها الجماعة ذاتها. فإذا ما نظرنا على سبيل المثال إلى ما تنادى به الجماعة من الحفاظ على القانون والشرعية، أليس إرادة غالبية الشعب المصرى التي خرجت في الثلاثين من يونيو وكذلك في الثالث من يوليو ،وأيضا في جميع الاستحقاقات التالية تعبر عن شرعية ومشروعية واجبة الاحترام؟ ثالثا- إن ما جرى في الذكرى الرابعة من جانب الدولة المصرية حينما أعلنت الاحتفاء بها عبر تنظيم العديد من الاحتفالات والمهرجانات وعبر الخطاب الاعلامى الذى أعلى من قدرها ومكانتها إلا أنه بسبب وفاة العاهل السعودى الملك عبدالله بن عبدالعزيز تم تأجيل هذه الاحتفالات، تكشف عن كذب وادعاء الجماعة وأنصارها من أن الدولة المصرية تعادى ثورة الخامس والعشرين. بل المدقق في موقف الطرفين: الدولة المصرية ومؤسساتها، وجماعة الاخوان وتحالفها، يكتشف أن الجماعة تقف في صف المعارضين الرافضين الحالمين بعودة نظام مبارك ورجاله، حيث كان لها دور في مساندة هذا النظام والحفاظ على استمراره، أما حينما أدركت الجماعة أن لا مكان لها في الدولة المصرية العصرية التي تُبنى على مبادئ وأهداف ثورة عظيمة قادها شعب أراد أن يفك غلال قيده، ويزيح عن دولته نظاما ديكتاتوريا خطف الدولة لصالح حفنة من رجال الاعمال والسياسيين والمتاجرين بقوته وبحقوقه وبحرياته، ناصبت ثورته العداء ومارست أقصى صور الإرهاب والبلطجة حتى تُسىء الى صورة الثورة ونقائها في عيون الشعب المصرى. ما ارتكبته جماعة الإخوان في الذكرى الرابعة لثورة الخامس والعشرين من يناير ليس احتفالا بها أو تقديرا لدورها في تغيير مجرى التاريخ المصرى والبدء في بناء جمهورية ثانية تحقق لمواطنيها رغد العيش، وكرامة الحياة، وعدالة المواطنة. وأن الاحتفال الصحيح بها يكون بتحقيق شعاراتها في العيش والحرية والكرامة الإنسانية والعدالة الاجتماعية، وهى الشعارات التي يرفعها النظام الحاكم اليوم كمنهج لسياسته ونبراس لخطواته. لمزيد من مقالات عماد المهدى