لن يستطيع الصحفيون القيام بدورهم فى التعبير عن آلام وآمال الأمة، ودعم التواصل بين الرأى العام والمسئولين، وتوعية الجماهير بحجم التحديات والمخاطر التى تواجهها مصر الآن، والمساعدة فى اجتياز المرحلة الانتقالية، وأن يكونوا على قدر الثقة التى أولاها لهم الرئيس عبد الفتاح السيسى برسالته فى ذكرى مرور 90 عاما على صدور مجلة «المصور» التى جاء فيها (أقول إذا كان الإعلام المصرى قد أثبت أنه إعلام قوى قادر على الحشد خلف الوطن فى معركة المصير التى خاضتها ثورة 1952، فثقتنا كاملة فى أن إعلامنا سيثبت من جديد إنه على قدر المسئولية فى معركة الوجود التى تخوضها الدولة والشعب ضد الارهاب) .. إلا إذا توافر لهم المناخ الذى يساعدهم على القيام بذلك. ولا يوجد لدى الصحفيين مطالب فئوية، وإنما حقوق مشروعة تكفل لهم القيام بالمهام التى ينتظرها المجتمع منهم بنزاهة وحيادية وشفافية وإدراك قوى لطبيعة المرحلة والمخاطر التى تتهدد الدولة، وهى ايضا حقوق أساسية للرأى العام والقارئ الذى يريد بالتأكيد صحافة حرة قوية ملتزمة بقضايا الوطن والمواطن، ويعلم أن ذلك لن يتحقق دون صحفيين متحررين من الضغوط والعقبات السياسية والمعيشية والمهنية، ففاقد الشئ لا يعطيه. وأول تلك الحقوق هو توفير الضمانات القانونية اللازمة لحرية تداول المعلومات والحصول عليها خاصة أن المادة 68 من الدستور تنص على أن البيانات والوثائق والمعلومات ملك الشعب، ويجب ترجمة ذلك تشريعيا مع تأكيد أن الأصل هو إتاحة المعلومات والبيانات، والاستثناء هو حجب بعضها لاعتبارات الأمن القومى والبيانات الشخصية فقط، مع توقيع عقوبة محددة على أى جهة أو مسئول يخالف ذلك، إلى جانب تسهيل التواصل الإعلامى بين الجهات المختلفة والصحفيين. بالإضافة إلى توفير الحماية القانونية للصحفيين وضمان عدم تعرضهم لأى أضرار عند أداء عملهم أو بسببه، والنص صراحة فى قانون العقوبات على معاملة أى اعتداء على الصحفى بنفس التوصيف القانونى لجريمة الاعتداء على موظف عام اثناء تأدية مهام عمله، وتأكيد عدم الحبس الاحتياطى فى قضايا النشر، وبالتبعية عدم فرض كفالات مالية للإفراج عن المتهمين فى تلك القضايا. ومن حق الصحفيين ايضا توفير الحد الأدنى اللازم لهم من الحياة المعيشية التى تمكنهم من القيام بمهامهم دون التعرض لضغوط مالية قد تؤثر على طبيعة عملهم، وهذه القضية يمكن حلها عن طريق نقابة الصحفيين إذا توافرت الإرادة لذلك، بتعديل تشريعى يعطى للنقابة حق الحصول على نسبة 5% من قيمة الإعلانات المنشورة بجميع الصحف، وتتجاوز هذه القيمة حاليا نحو 3 مليارات جنيه سنويا، أى النقابة تستطيع الحصول على 150 مليون جنيه سنويا تمكنها من مضاعفة البدل النقدى وتوفير الخدمات الصحية والأساسية لأعضائها، علما بأن هناك جهات حكومية عديدة لديها قوانين تفرض رسوما ودمغات لصالح العاملين بها. وفى هذا السياق لابد من تحرك عاجل لوقف عملية التجريف التى تتعرض لها المؤسسات الصحفية القومية خلال السنوات الأخيرة، بإحالة جميع الصحفيين إلى المعاش عند سن الستين بالمخالفة لقرار الجمعية العمومية لنقابة الصحفيين بالمد للجميع إلى 65 عاما، وهى العملية التى بدأت بتعليمات من مجلس الشورى الإخوانى خلال فترة حكم المعزول محمد مرسى، للتخلص من معارضيهم بالصحف القومية واصحاب الخبرة لتهيئة الفرصة للسيطرة عليها وهى مشكلة لن تحل إلا بنص صريح فى قانون النقابة بأن سن الإحالة للمعاش هو 65 عاما. علما أن تنفيذ قرار الجمعية العمومية للنقابة لا يشكل عبئا ماليا ذا قيمة على المؤسسات نظرا لقلة عدد الصحفيين بالصحف القومية الذين لا يتجاوز عددهم 3500 صحفى يخرج منهم سنويا على المعاش نحو 50 صحفيا، لا تصل رواتبهم إلى واحد فى الألف من ميزانية أى مؤسسة. ويتبقى إعادة تنظيم البيت الصحفى، والعلاقة بين الصحفيين والصحف التى يعملون بها، وبين الصحافة والدولة، كقضية أساسية الآن من خلال مشروعات القوانين التى يتم إعدادها حاليا لترجمة مواد الدستور المتعلقة بالإعلام إلى تشريعات، من خلال اللجنة الوطنية لإعداد تشريعات الصحافة والإعلام، والتى قاربت على الانتهاء من عملها، ويجب عرض الصيغة النهائية لهذه المشروعات على جموع الصحفيين قبل صدورها للتأكد من أنها تعبر عن الرأى العام الصحفى ومتطلباته، حتى نوفر له المناخ اللازم للقيام بالدور المنوط به فى مواجهة التحديات التى تحيق بالبلاد الآن. ولن يتحقق كل ذلك إلا بوحدة الصحفيين، ووجود نقابة قوية يلتفون حولها دفاعا عن حقوقهم المشروعة وحق القارئ أيضا، وقد أعلن ثلاثة من الزملاء الأفاضل أخيرا عن تفكيرهم الجدى فى الترشح لمنصب نقيب الصحفيين خلال الانتخابات المقرر لها مارس المقبل، وهم حسب الحروف الأبجدية ضياء رشوان، عبد المحسن سلامة، يحيى قلاش ، وأظن أن الصحفيين لن ينتظروا إلى شهر مارس لبحث قضاياهم، إنما عليهم التوحد الآن بقوة لطرح مشروعات القوانين التى يمكن أن تعبر عن طموحاتهم والتمسك بها. # كلمات: مهما بلغ مكر من يحاول زعزعة أمن مصر، فإنه لا يواجه عزيمة شعبها فقط، بل يواجه إرادة من أنزل (ادخلوا مصر إن شاء الله آمنين) .. سبحانه. الحبيب بن على الجفرى لمزيد من مقالات فتحي محمود