للمرة الأولى فى تاريخ العلاقات بين البلدين، زار بطريرك الكنيسة الأثيوبية متياس الأول، أمس، مشيخة الأزهر الشريف، على رأس وفد كنسى رفيع المستوى ضم عدد من قيادات الكنيسة المصرية والأثيوبية. وكان فى استقبال الوفد فور وصوله الأمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، وقيادات الأزهر ومجمع البحوث الإسلامية. وعقد الجانبان لقاءا موسعا بحثا خلاله العلاقات بين البلدين والتعاون بين رجال الدين فى نشر القيم الإنسانية التى نادى بها الإسلام والمسيحية ومواجهة التطرف والعنف والإرهاب، وتجربة «بيت العائلة» فى نشر قيم المواطنة والحوار بين الأديان. وفى بداية اللقاء رحَّب الطيب، بالبطريرك متياس الأول فى رحاب الأزهر الشريف، وفى لفتة إنسانية منه أمر فضيلته برفع كل المشروبات من أمام جميع الحاضرين، مسلمين ومسيحيين بعد علمه بصيام الوفد. وأكد شيخ الأزهر أن إثيوبيا لها مكانة عظيمة فى نفوس المسلمين، إذ هى الحاضنة الأولى للإسلام التى أنقذته فى مهده وصباه حين تعرض كفار قريش للمسلمين بالتنكيل والعذاب، وقد لقى المسلمون الأوائل ترحيبًا من أهلها وملكها الذى أحاطهم برعايته وكرمهم أيما تكريم. وأضاف الطيب أن لدينا تراثًا عميقا فى الإسلام والمسيحية تعلمنا منه أن الأديان كلها تدعو للسلام الاجتماعي، وأن المشكلة ليست فى الأديان، وإنما فى بعض أتباعها الذين يستغلونها لمصالحهم الشخصية، والإسلام لا يجعل من نفسه دينا بعيدا عن جميع الأديان إنما هو مرتبط بها من لدن آدم مرورا بعيسى وخاتمهم محمد صلى الله عليه وسلم. وأوضح أن نصوص القرآن والسنة النبوية هى التى دفعتنا لتعميق اللحمة والمودة بين المصريين جميعا، وبناء على ذلك تأسس بيت العائلة المصرى الذى يعمل على ترسيخ قيم المواطنة. وأكد شيخ الأزهر أن نهر النيل يجب أن يعمق العلاقة بين الشعبين المصرى والإثيوبى ويكون مصدر خير لهما ويزيد من المحبة والمودة بينهما مع احتفاظ الجميع بحقوقه المتساوية فى هذا النهر العظيم، إذ لا يمكن أن يرتوى منه أحد على حساب عطش الآخر، مضيفًا أننا لا نتوقع من الشعب الإثيوبى إلحاق الضرر بالمصريين لأن هذا ضد التعاليم الدينية، وضد كل القيم الإنسانية. من جانبه، أشاد البطريرك ماتياس الأول بجهود الأزهر الشريف وإمامه الأكبر فى نشر روح المودة والمحبة بين أبناء الشعب المصرى وكافة الشعوب، موضحًا أننا فى إثيوبيا لدينا مؤسسة تضم كل الأديان المختلفة، مشددا على أن كل المشاكل والقلاقل التى تحدث فى مجتمعاتنا هى فى حقيقتها مفتعلة ومدبرة من الخارج. ودعا إلى ضرورة أن يعمل رجال الدين الإسلامى والمسيحى على نشر قيم المحبة والسلام، مؤكدًا سعيه لتعميق العلاقة بين الأزهر الشريف والكنيسة الإثيوبية. واستعراض اللقاء دور الأزهر التنويرى والوطنى وجهوده للتصدى للفكر المتطرف والتركيز على قيم التسامح والقيم الإسلامية النبيلة التى تشجع روح التعاون والحوار ونبذ الغلو والتطرف ودور رجال الدين الاسلامى والمسيحى لتعميق تلك القيم. كما اطلع شيخ الأزهر بطريرك اثيوبيا على تجربة بيت العائلة المصرية للتركيز على قيم التسامح والتعاون بين المصريين جميعا ووأد اى محاولات للفتنة، وموقف مصر من قضية المياه وضرورة التعاون مع إثيوبيا لتلبية احتياجات البلدين من نهر النيل والتعاون الاقتصادى المشترك ودور المؤسسات الدينية فى تدارك اى خلاف. وقال الدكتور عباس شومان وكيل الأزهر الشريف إن لقاء شيخ الأزهر، وبطريرك أثيوبيا تناول العلاقات بين البلدين نظر للعلاقات القديمة بين مصر وأثيوبيا حيث احتضنت الحبشة المسلمين فى بداية الإسلام. وأضاف شومان أن الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر متشوق لزيارة أديس أبابا، وأكد أنه سيزورها فى الفترة المقبلة. وأشار شومان إلى أن اللقاء ناقش توطيد العلاقات بين البلدين وحل الخلافات التى قد تنتج فى الفترة المقبلة والعمل على حلها. ودعا وكيل الأزهر الجميع الى التكاتف بين البلدين ومحاربة الإرهاب، لافتا أن الجانبان اتفقا على محاربة الإرهاب ونددا بما تفعله صحيفة»شارلى ابدو» فى الإساءة لرسول الله صلى الله عليه وسلم.